حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ , عَنِ الأَوْزَاعِيِّ , قَالَ : " مَنْ قَالَ : أَنَا مُؤْمِنٌ , فَحَسَنٌ وَمَنْ قَالَ : أَنَا مُؤْمِنٌ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَحَسَنٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ سورة الفتح آية 27 , وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ " ، وَهَذَا عِنْدِي وَجْهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ أَتَاهُ صَاحِبُ مُعَاذٍ فَقَالَ : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَصْنَافٍ : مُؤْمِنٌ ، وَمُنَافِقٌ ، وَكَافِرٌ , فَمِنْ أَيِّهِمْ كُنْتَ ؟ قَالَ : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا نَرَاهُ أَرَادَ : أَنِّي كُنْتُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ لا مِنَ الآخَرِينَ ، فَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَنَا أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَأَتْقَى لَهُ مِنْ أَنْ يُرِيدَهُ , فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ , وَاللَّهُ يَقُولُ : فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى سورة النجم آية 32 ؟ وَالشَّاهِدُ عَلَى مَا نَظُنُّ ، أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ هَذَا لا يَقُولُ : أَنَا مُؤْمِنٌ عَلَى تَزْكِيَةٍ وَلا عَلَى غَيْرِهَا , وَلا نَرَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُهُ عَلَى قَائِلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ , إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ : آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ , لا يَزِيدُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ , وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَخَذَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَابْنُ سِيرِينَ ، ثُمَّ أَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَنْ قَالَ : أَنَا مُؤْمِنٌ , فَإِنْ كَانَ الأَصْلُ مَحْفُوظًا عَنْهُ ، فَهُوَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ , وَقَدْ رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُنْكِرُهُ , وَيَطْعَنُ فِي إِسْنَادِهِ , لأَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى خِلافِهِ وَكَذَلِكَ نَرَى مَذْهَبَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَمَّوْنَ بِهَذَا الاسْمِ بِلا اسْتِثْنَاءٍ , فَيَقُولُونَ : نَحْنُ مُؤْمِنُونَ , مِنْهُمْ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ , وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلُ : عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ , وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ , وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ , إِنَّمَا هُوَ عِنْدَنَا مِنْهُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي الإِيمَانِ لا عَلَى الاسْتِكْمَالِ , أَلا تَرَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ ابْنِ سِيرِينَ وَطَاوُسٍ إِنَّمَا كَانَ أَنَّ هَؤُلاءِ كَانُوا بِهِ أَصْلا , وَكَانَ الآخَرُونَ يَتَسَمَّونَ بِهِ ، فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ : كَإِيمَانِ الْمَلائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ . فَمَعَاذَ اللَّهِ , لَيْسَ هَذَا طَرِيقَ الْعُلَمَاءِ , وَقَدْ جَاءَتْ كَرَاهِيَتُهُ مُفَسَّرَةً عِنْدَ عِدَّةٍ مِنْهُمْ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |