أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدَّرْوِيُّ الْوَرَّاقُ ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ الْأَزْدِيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : " لَمَّا امْتَنَعَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةِ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، كَتَبَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ حَسَنًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لَحِقَا بِمَكَّةَ مُرْصِدَيْنِ لِلْفِتْنَةِ مُعَرِّضَيْ أَنْفُسَهُمَا لَلْهَلَكَةِ ، فَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَهُو صَرِيعُ الْقَنَا وَقتَيِلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا حُسَيْنٌ فَإِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ الْإِعْذَارَ إِلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فِيمَا كَانَ مِنْهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُكَاتِبُونَهُ يُمَنُّونَهُ بِالْخِلَافَةِ وَيُمَنِّيهِمُ الْإِمَارَةَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ وَاشِجَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ ، وَالْإِصَارَةِ ، وَالرَّحِمِ ، وَقَدْ قَطَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَمِّكَ حُسَيْنٌ وَبَتَّهُ ، وَأَنْتَ كَبِيرُ أَهْلِ بَيْتِكَ ، وَسَيِّدُ أَهْلِ بِلَادِكَ ، فَالْقَهُ فَاكْفُفْهُ عَنِ الْفُرْقَةِ ، وَرَدِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْفِتْنَةِ ، فَإِنْ أَقْبَلَ وَأَنَابَ إِلَى قَوْلِكَ فَنَحْنُ مُجْرُونَ عَلَيْهِ مَا كَنَّا نُجْرِيهِ عَلَى أَخِيهِ ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ نَزِيدَ فَزِدْهُ مَا أَرَاكَ اللَّهُ ، وَاضْمَنْ ذَلِكَ عَلَيْنَا نُنْفِذُ ضَمَانَكَ ، وَنُعْطِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ الْأَيْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ وَالْمَوَاثِيقَ الْمُؤَكَّدَةَ ، وَمَا تَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَالسَّلَامُ . فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ حُسَيْنًا ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ وَلِحَاقَهُمَا بِمَكَّةَ ، فَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَرَجُلٌ مُنْقَطِعٌ عَنَّا بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ يُكَاتِمُنَا مَعَ ذَلِكَ أَضْغَانًا يُسِرُّهَا عَلَيْنَا فِي صَدْرِهِ وَيُورِي وَرَى الزِّنَادِ لَا حَلَّلَ اللَّهُ أَسْرَارَهَا ، فَأَرَى فِي أَمْرِهِ مَا أنَتْ رَاءٍ ، وَأَمَّا حُسَيْنٌ ، فَإِنِّي لَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَقْدِمِهِ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ عُمَّالَكَ بِالْمَدِينَةِ حَرَّفَتْ بِهِ ، وَعَجِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنْظِرُهُ رَأْيَهُ ، وَلَنْ أَدَعَ أَدَاءَ النَّصِيحَةِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ مَا يَجْمَعُ اللَّهُ بِهِ الْكَلِمَةَ وَيُطْفِئُ بِهِ الْفِتْنَةَ وَيَحْقِنُ بِهِ دِمَاءَ الْأُمَّةِ ، وَأَنَا آمُرُكَ بِمِثْلِ الَّذِي آمُرُهُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَاتَّقِ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَلَا تَبِيتَنَّ لَيْلَةً مُرِيدًا مُسْلِمًا بِغَائِلَةٍ ، وَلَا مُرْصِدًا لَهُ بِمَظْلَمَةٍ ، وَلَا حَافِرًا لَهُ مِهْوَاةً ، فَكَمْ مِنْ حَافِرِ حَفِيرٍ لِنَفْسِهِ ، وَكَمْ مِنْ آمِلٍ لَمْ يُؤْتَ أَمَلَهُ ، وَكَمْ مِنْ رَاجٍ لِطُولِ الْعُمْرِ مَبْسُوطٌ لَهُ فِي بُعْدِ الْأَمَلِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نَزَلَ الْقَضَاءُ فَقَطَعَ أَمَلَهُ وَنَقَصَ عُمْرَهُ ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ سُلْطَانِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ ، إِلَى سُلْطَانِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَخُذْ مَعَ مَا أُوصِيكَ بِهِ مِنَ النَّصِيحَةِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بِحَظِّكَ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَتَارَاتِ النَّهَارِ ، وَلَا يَشْغَلْكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ مِنْ مَلَاهِي الدُّنْيَا وَأَبَاطِيلِهَا ، فَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْتَ مُشْتَغِلٌ بِهِ مِنْ ذَاتِ يَنْفَعُ وَيَبْقَى ، وَكُلُّ مَا أَنْتَ مُشْتَغِلٌ بِهِ ، عَنْ ذَاتِ اللَّهِ يَضُرُّ وَيَفْنَى ، فَاجْعَلْ هَمَّكَ فِيمَا يُرْضِي رَبَّكَ يَكْفِكَ هَمَّكَ ، دَاجِ حُسَيْنًا وَارْفُقْ بِهِ وَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِ وَلَا تُنْظِرْهُ رَأْيَهُ ، عَسَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُحْدِثَ أَمْرًا يَلُمُّ بِهِ شَعَثًا وَيُشَعِّبُ بِهِ صَدْعًا وَيَرْتِقُ بِهِ فَتْقًا وَالسَّلَامُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُجَاهِدٍ | مجاهد بن جبر القرشي / ولد في :19 / توفي في :102 | ثقة إمام في التفسير والعلم |