حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ رَجُلا خُطِبَتُ إِلَيْهِ ابْنَةٌ لَهُ وَكَانَتْ قَدْ أَحْدَثَتْ ، فَأَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ مِنْهَا إِلا خَيْرًا ، فَقَالَ : " زَوِّجْهَا وَلا تُخْبِرْ " . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : قَوْلُهُ : مَا رَأَيْتُ مِنْهَا إِلا خَيْرًا يَعْنِي : بَعْدَ الْحَدَثِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : " وَقَدْ يُسَهِّلُ قَوْمٌ فِي نِكَاحِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا تَوْبَةٌ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ يُرْوَى مَرْفُوعًا فِي الَّذِي قَالَ لَهُ : إِنَّ امْرَأَتَهُ لا تَمْنَعُ يَدَ لامِسٍ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بِالاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا " وَتَأَوَّلُوهُ عَلَى الْبِغَاءِ ، وَهَذَا عِنْدَنَا خِلافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّمَا أَذِنَ فِي نِكَاحِ الْمُحْصَنَاتِ خَاصَّةً ، ثُمَّ أَنْزَلَ فِي الْقَاذِفِ لامْرَأَتِهِ آيَةَ اللِّعَانِ ، وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا ، فَلا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِالإِقَامَةِ عَلَى عَاهِرَةٍ لا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ أَرَادَهَا وَفِي حُكْمِهِ أَنْ يُلاعَنَ بَيْنَهُمَا وَلا يُقِرَّهُ مَعَهَا قَاذِفًا عَلَى حَالِهِ ؟ هَذَا لا وَجْهَ لَهُ عِنْدَنَا ؛ وَمِنَ الْحُجَّةِ فِي هَذَا أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا ، " ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ : " فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " فَكَيْفَ يَكْرَهُ أَنْ تُوطَأَ الأَمَةُ الْفَاجِرَةُ وَيُرَخِّصَ فِي الإِقَامَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحَرَّةِ وَهِيَ فَاجِرَةٌ ؟ ، وَالَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ وَجْهَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يُحَدِّثُهُ هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَيُحَدِّثُهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، كِلاهُمَا يُرْسِلُهُ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ الرَّجُلَ وَصَفَ امْرَأَتَهُ بِالْخُرْقِ وَضَعْفِ الرَّأْيِ ، وَتَضْيِيعِ مَالِهِ ، فَهِيَ لا تَمْنَعُهُ مِنْ طَالِبٍ ، وَلا تَحْفَظُهُ مِنْ سَارِقٍ ، هَذَا عِنْدِي مَذْهَبُ الْحَدِيثِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الآخَرُ مَقُولا مُسْتَعْمَلا عِنْدَ النَّاسِ ، يُرِيدُونَ بِيَدِ اللامِسِ الْكِنَايَةَ عَنِ الْفَرْجِ ، وَالَّذِي ذَهَبْنَا نَحْنُ إِلَيْهِ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْكِفَايَةِ ، إِنَّمَا هُوَ تَضْيِيعُ الْيَدِ نَفْسِهَا وَمَعَ هَذَا أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْرَى أَنْ يُظَنَّ بِحَدِيثِهِ ، كَالَّذِي قَالَ عَلِيٌّ , وَعَبْدُ اللَّهِ : إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى وَالَّذِي هُوَ أَهْنَأُ وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى ، وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ، فَقَالُوا : أَلا تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْجِمَاعَ لَمْسًا ، فَيُقَالُ لَهُمْ : إِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَقُلْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا لا تَمْنَعُ لامِسًا ، فَلَوْ كَانَ الْكَلامُ هَكَذَا مَا كَانَتْ لَكُمْ حُجَّةٌ ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ : يَدَ لامِسٍ ، وَلَمْ يَقُلْ : فَرْجَ لامِسٍ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ، فَهَلْ لِهَذَا مَعْنًى غَيْرُ الْيَدِ الْمَعْرُوفَةِ ، فَهَذَا هُوَ الشَّاهِدُ أَنَّ يَدَ اللامِسِ هِيَ الَّتِي تَأَوَّلْنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَدْ وَجَدْنَا مَعَ هَذَا شَاهِدًا فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ قَالَ جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفِيِّ يُعَاتِبُ قَوْمًا : أَلَسْتُمْ لِئَامًا إِذْ تَرُومُونَ جَارَكُمْ وَلَوْلا هُمُ لَمْ تَدْفَعُوا كَفَّ لامِسٍ فَهَذَا حُجَّةٌ فِي كَلامِ الْعَرَبِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا ؛ لأَنَّ الشَّاعِرَ إِنَّمَا أَرَادَ : أَنَّكُمْ لا تَمْنَعُونَ ظَالِمًا وَلا أَحَدًا يُرِيدُ أَمْوَالَكُمْ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : " قَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنْ نَاسِخِهَا وَمَنْسُوخِهَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ مِنْ تَأْوِيلِهَا إِلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |