تفسير

رقم الحديث : 614

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ , حَدَّثَنَا اللَّيْثُ , عَنْ عُقَيْلٍ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , أَنَّ عَائِشَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَتْ : " لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ , وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفِي النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا , فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض ، فأعبد ربي ، قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الدهر ، فأنا لك جار ، ارجع ، واعبد ربك ببلدك فرجع ، وارتحل معه ابن الدغنة ، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش ، فقال : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة ، وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل فيها ، وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فقال ابن الدغنة لأبي بكر ، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ، ولا يستعلن بصلاته ، ولا يقرأ في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر أن يبني مسجدا بفناء داره ، وكان يصلي فيه ، ويقرأ القرآن ، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه ، وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم ، فقاوا : إنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره ، فقد جاوز ذلك ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليه ذمتك ، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة رضي الله عنها : فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر ، فقال : قد علمت الذي عاقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلى ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له ، فقال أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله ، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ : إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ، ذَاتَ نَخْلٍ ، بَيْنَ لابَّتَيْنِ , وَهُمَا الْحَرَّتَانِ , فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ , وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ , وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قِبَلَ الْمَدِينَةِ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَى رِسْلِكَ , فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي " . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ , وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ ، كَانَتَا عِنْدَهُ , وَرَقَّ السَّمَرُ : وَهُوَ الْخَبْطُ ، أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ , قَالَ عُرْوَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ , قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي , وَاللَّهِ ، مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلا أَمْرٌ . قَالَتْ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَأْذَنَ , فَأُذِنَ لَهُ , فَدَخَلَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي بَكْرٍ : أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : " فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ " . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الصُّحْبَةَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِحْدَى رَاحِلَتَيْ هَاتَيْنِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بِالثَّمَنِ " . قَالَتْ عَائِشَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ , وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ , فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا , فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ , فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ . قَالَتْ : ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ , فَمَكَثَا فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ , يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ , وَهُوَ غُلامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ , فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهَمَا بِسَحَرٍ , فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ ، كبائت فيها , فَلا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ إِلا وَعَاهُ , حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُّ الظَّلامُ , وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ، مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ , فَيُرِيحُهَا عَلَيْهَما حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ , فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا ، حَتَّى يَنْعِقَ بِهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ , يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاثِ , وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلا مِنْ بَنِي الدِّيلِ , وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا , وَالْخِرِّيتُ : الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ , وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ , فَأَمِنَاهُ , فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا , وَوَاعَدَهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِما , صُبْحَ ثَلاثٍ ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ , فَأَخَذَ بِهِمْ عَلَى طَرِيقِ السَّوَاحِلِ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِيحِيُّ ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ , أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ , يَقُولُ : " جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبِي بَكْرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ , أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ , فَقَالَ : يَا سُرَاقَةُ , إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ , أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ . قَالَ سُرَاقَةُ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ . فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ , وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلانًا , وَفُلانًا , وَانْطَلِقُوا بِأَعْيُنِنَا . ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً , ثُمَّ قُمْتُ , فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ , فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ ، فَتَحْبِسُهَا عَلَيَّ , وَأَخَذْتُ رُمْحِي , فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ , فَخَطَّطْتُ بِزَجَّهِ الأَرْضَ , وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ , حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي ، فَرَكِبْتُهَا , فَدَفَعْتُهَا تَقْرُبُ بِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ , فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي , فَخَرَرْتُ عَنْهَا , فَقُمْتُ , فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي , فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلامَ , فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لا ؟ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ , فَرَكِبْتُ فَرَسِي , وَعَصَيْتُ الأَزْلامَ ، تَقْرُبُ بِي , حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ لا يَلْتَفِتُ , وَأَبُو بَكْرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُكْثِرُ الالْتِفَاتَ , فَسَاخَتْ يَدَا فَرِسِي فِي الأَرْضِ , حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ , فَخَرَرْتُ عَنْهَا , ثُمَّ زَجَرْتُهَا , فَنَهَضْتُ , فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا , فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لأَثْرِ يدِهَا غُبَارٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ , فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلامِ , فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ , فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ ، فَوَقَفُوا , فَرَكَبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ , وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ , أَنْ سَيَظْهَرَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ , وَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ , وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ , فَلَمْ يَرْزَآنِي , وَلَمْ يَسْألانِي شَيْئًا , إِلا أَنْ قَالا : أَخْفِ عَنَّا . فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ , فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ , ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , كَانُوا تُجَّارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّامِ , فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابًا بَيَاضٍ , وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ , فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ ، فَيَنْظُرُونَهُ ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ , فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَمَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ , فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودٍ عَلَى أَطَمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ , فَبَصَرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ , يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ , فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ , هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ . فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاحِ , فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ , فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ , حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ , وَذَلِكَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ , فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامِتًا , فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ ، مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَيِّ أَبَا بَكْرٍ , حَتَّى أَصَابَتِ الشِّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ , فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ , فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشَرَة لَيْلَةً , وَأَسَّسَ الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ , فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ , وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ ، لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ ، غُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ : " هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلَ " . ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُلامَيْنِ , فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا , فَقَالا : بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا , وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقِلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بِنَايَتِهِ , وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ : هَذَا الْحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَرْ هَذَا أَبَرُّ رَبِنَا وَأَطْهَرْ . وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَةْ فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ فَتَمَثَّلَ بِبَيْتِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ . قَالَ لزُّهْرِيُّ : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ الْغَارَ , أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى زَوْجًا مِنْ حَمَامٍ ، حَتَّى بَاضَا فِي أَسْفَلِ النَّقَبِ , وَالْعِنْكَبُوتَ حَتَّى نَسَجَتْ بَيْتًا , وَفِي الْقِصَّةِ : أَنْبَتْ يَمَامَةٌ عَلَى فَمِ الْغَارِ , وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ أَعْمِ أَبْصَارَهُمْ عَنَّا . فَجَعَلَ الطَّلَبُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا , وَشِمَالا حَوْلَ الْغَارِ , يَقُولُونَ لَوْ دَخَلا هَذَا الْغَارَ لَتَكَسَّرَ بَيْضُ الْحَمَامِ , وَتَفَسَّخَ بَيْتُ الْعِنْكَبُوتِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

ثقة فقيه مشهور

ابْنُ شِهَابٍ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

عُقَيْلٍ

ثقة ثبت

عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

ثقة فقيه مشهور

اللَّيْثُ

ثقة ثبت فقيه إمام مشهور

ابْنُ شِهَابٍ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

ثقة

سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ

صحابي

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث

أَبَاهُ

له إدراك

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

ثقة

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِيحِيُّ

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ

صدوق حسن الحديث

ابْنُ شِهَابٍ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.