باب في ذكر محمد بن كرام


تفسير

رقم الحديث : 264

أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ التَّاجِرُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَاصِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدُ الْمُسْتَمْلِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عِيسَى ، أَخْبَرَنَا الشَّاهُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطُّوسِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِكِرْدَوْسَ الطُّوسِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : " لَمْ تَعْرُجْ كَلِمَةٌ إِلَى السَّمَاءِ أَعْظَمُ وَلَا أَخْبَثُ مِنْ ثَلَاثٍ : أَوَّلُهُنَّ قَوْلُ فِرْعَونَ ، حَيْثُ قَالَ : أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ، وَالثَّانِيَةُ : قَوْلُ بِشْرٍ الْمِرِّيسِيِّ ، حَيْثُ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، وَالثَّالِثَةُ : قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ ، حَيْثُ قَالَ : الْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ " . وَاعْلَمْ يَا أَخِي ، وَفَّقَكَ اللَّهُ لِلْخَيْرَاتِ ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ كَرَّامٍ ، كَانَ مِنْ نَوَاحِي سِجِسْتَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا : الْحَرْوَى ، وَكَانَ يَتَعَبَّدُ وَيُظْهِرُ الزُّهْدَ وَالتَّقَشُّفَ ، وَالتَّخَلِّي وَالتَّقَلُّلَ ، وَذَلِكَ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى الْيَوْمِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ ، وَأَكْثَرُ ظُهُورِهِمْ بِنَيْسَابُورَ وَأَعْمَالِهَا ، وَبِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ ، مَالَ إِلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ لِاجْتِهَادِهِمْ ، وَظَلْفِ عَيْشِهِمْ ، وَكَانَ يَقُولُ : الْإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ ، وَالْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَالْإِيمَانُ بِاللِّسَانِ مُجَرَّدٌ عَنْ عَقْدِ الْقَلْبِ ، وَعَمَلِ الْأَرْكَانِ ، فَمَنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ ، فَهُوَ مُؤْمنٌ حَقًّا ، وَإِنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ الْكُفْرَ وَالتَّثْلِيثَ ، وَضَيَّعَ جَمِيعَ قَوَانِينِ الشَّرِيعَةِ وَتَرَكَهَا ، وَأَتَى كُلَّ فَاحِشَةٍ وَكَبِيرَةٍ وَارْتَكَبَهَا ، إِلَّا أَنَّهُ مُقِرٌّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ ، فَهُوَ مُؤِمِنٌ مُوَحِّدٌ ، وَلِيَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأَنْ لَا تَضُرُّهُ سَيَّئَةٌ مَعَ إِقْرَارِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، كَمَا لَا تَنْفَعُهُ سُنَّةٌ مَعَ إِظْهَارِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَزِمَهُمْ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُؤْمِنُونَ حَقًّا ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ مِنْ كِتَابِهِ ، وَحَقَّقَ أَنَّهُ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ، وَذَكَرَ : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا سورة النساء آية 145 ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْمَنْصُوصِ الْوَارِدِ فِيهِمْ . وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ : تُسَمَّى الْمُهَاجِرِيَّةُ ، تَقُولُ بِالتَّجْسِيمِ ، وَأَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ ، وَتَقُولُ : إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَجُوزُ مِنْهُمْ كَبَائِرُ الْمَعَاصِي كُلُّهَا إِلَّا الْكَذِبَ فِي الْبَلَاغِ ، لَا يَسْتَثْنُونَ زِنًا ، وَلَا سَرِقَةَ ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ . وَقَالُوا : لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِ مَا فَعَلَ ، وَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِفْنَاءِ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ ، حَتَّى يَبْقَى وَحْدَهُ كَمَا لَمْ يَزَلْ . وَيُجَوِّزُونَ كَوْنَ إِمَامَيْنِ وَأَكْثَرَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَلَهُمْ حَمَاقَاتٌ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِلُّ الْمُسْلِمُ التَّلَفُّظَ بِهَا ، فَصَارَ لَهُ تَبَعٌ كَثِيرٌ ، وَجَمْعٌ كَبِيرٌ ، فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَمِيرِ سِجِسْتَانَ ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ ، فَجَاءَ لَابِسًا مُسَبِّحًا مُعَلِّقًا سِبْحَةً بِيَدِهِ مَعَهُ أَصْحَابُهُ ، عَلَيْهِمُ الْبَرَانِسُ ، فَفَاوَضَهُ فَوَجَدَهُ مُبْتَدِعًا ضَالًّا ، فَقَالَ لِوُزَرَائِهِ : مَا أَعْمَلُ فِي بَابِهِ ؟ فَأشَارُوا بِقَتْلِهِ ، قَالَ : لَسْتُ أَرَى ذَلِكَ ، إِنَّهُ شَهَّرَ نَفْسَهُ بِالزُّهْدِ ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ يُحَدَّثَ عَنِّي : أَنِّي قَتَلْتُ زَاهِدًا . قَالُوا : مَا الرَّأْيُ لِلْأَمِيرِ ؟ فَقَالَ : إِنِّي أَرَى أَنْ أَنْفِيَهُ مِنْ هَذَا الْإِقْلِيمِ ، وَأُطَهِّرَ مَمْلَكَتِي مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ ، وَيَتَوَلَّى قَتْلَهُ غَيْرِي ، فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَزِيمَةً أَنْ لَا يُقِيمَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ مَمْلَكَتِهِ ، وَأَنَّهُ مَتَى رُؤِيَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ بِلَادِهِ عَابِرُ سَبِيلٍ ، فَقَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ ، فَخَرَجَ مِنْ نَاحِيَةِ سِجِسْتَانَ بِأَصْحَابِهِ ، وَامْتَدَّ إِلَى أَرْضِ نَيْسَابُورَ ، فَاسْتَقْبَلَهُ أَهْلُهَا بِالرَّحْبِ ، وَتَمَسَّحُوا بِهِ ، وَقَبِلُوهُ أَحْسَنَ قَبُولٍ ، عَظُمَتِ الْفِتْنَةُ عَلَى الْخَاصَّةِ ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ ، وَأَعْيَاهُمْ أَمْرُهُ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، وَكَانَ شَيْخَ الْوَقْتِ غَيْرَ مُدَافِعٍ ، وَإِمَامًا فِي سَائِرِ الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ ، وَكَانَ السَّامَّانِيُّ مَلِكَ الشَّرْقِ ، يَكْتُبُ إِلَيْهِ : إِمَامُ الْأَئِمَّةِ وَحَبْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، فَحِينَ اسْتَفْحَلَ أَمْرُ ابْنِ كَرَّامٍ ، وَانْتَشَرَ قَوْلُهُ فِي أَعْمَالِ نَيْسَابُورَ ، كَاتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلْطَانَ ، وَأَنَّ الْبَلِيَّةَ قَدْ عَظُمَتْ عَلَى الْعَامَّةِ بِهَذَا الرَّجُلِ ، وَأَمْرُهُ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ انْتِشَارًا ، فَكَتَبَ السُّلْطَانُ إِلَى نَائِبِهِ بِنَيْسَابُورَ : أَنْ يَمْتَثِلَ جَمِيعَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَلَا يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ يُشِيرُ إِلَيْهِ ، فَجَمَعَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَاسْتَشَارَهُمْ ، فَقَالَوا : لَيْسَ نَجِدُ رَأْيًا أَرْشَدَ مِنْ رَأْيِ الْأَمِيرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُصَيْنِ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ النَّاحِيَةِ ، فَأَمَرَ الْأَمِيرُ بِإِخْرَاجِهِ ، فَخَرَجَ مَعَهُ مِنْ أَمَاثِلَ نَيْسَابُورَ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، قِيلَ : ثَمَانِ مِائَةٍ كَنِسِيَّةٍ مِنْ جَلَّةِ النَّاسِ غَيْرَ التُّبَعِ ، وَامْتَدَّ عَلَى حَالِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَسَكَنَ هُنَاكَ إِلَى أَنْ مَاتَ ، وَبِهَا قَبْرُهُ ، يُقْصَدُ وَيُزَارُ مِنْ خُرَاسَانَ ، وَغَيْرِهَا .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.