باب حد المماليك واهل الذمة


تفسير

رقم الحديث : 560

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا شَيْرَوَيْهِ بْنُ شَهْرَدَارَ الْحَافِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَكْرٍ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأَسَدِ آبَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ النَّيْسَابُورِيُّ ، بِهَا ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَالَوَيْهِ الصُّوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفةَ ، عَنْ شِبْلٍ ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ خَطَّابٍ ، قَالَ : تَذَاكَرَ النَّاسُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَأَخَذُوا فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ أَخَذُوا فِي فَضْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ بَكَى بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى أُغِميَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، وَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمةُ لَائِمٍ ، رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ وَأَقَامَ حُدُودَ اللَّهِ كَمَا أُمِرَ ، لَمْ يَزْدَجِرْ عَنِ الْقَرِيبِ لِقَرَابَتِهِ ، وَلَمْ يَحِفَّ عَنِ الْبَعِيدِ لِبُعْدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ ، وَقَدْ أَقَامَ الْحَدَّ عَلَى وَلَدِهِ ، فَقَتَلَهُ فِيهِ ، ثُمَّ بَكَى ، وَبَكَى النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ ، فَقُلْنَا : يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُحَدِّثَنَا كَيْفَ أَقَامَ عُمَرُ عَلَى وَلَدِهِ الْحَدَّ . فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ أَذْكَرْتُمُونِي شَيْئًا كُنْتُ لَهُ نَاسِيًا ، فَقُلْنَا : أَقْسَمْنَا عَلَيْكَ بِحَقِّ الْمُصْطَفَى بِمَا حَدَّثْتَنَا ، فَقَالَ : مَعَاشِرَ النَّاسِ ، " كُنْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَالِسٌ ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ ، يَعِظُهُمْ وَيَحْكُمُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِذَا نَحْنُ بِجَارِيَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ تَتَخَطَّى رِقَابَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حَتَّى وَقَفَتْ بِإِزَاءِ عُمَرَ ، فَقَالَتْ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَعَلَيْكِ السَّلَامُ يَا أَمَةَ اللَّهِ ، هَلْ لَكِ حَاجَةٌ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَعْظَمُ الْحَوَائِجِ إِلَيْكَ ، خُذْ وَلَدَكَ هَذَا مِنِّي ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ . ثُمَّ رَفَعَتِ الْقِنَاعَ ، فَإِذَا عَلَى يَدِهَا طِفْلٌ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، قَالَ : يَا أَمَةَ اللَّهِ ، أَسْفِرِي عَنْ وَجْهِكِ ، فَأَسْفَرَتْ ، فَأَطْرَقَ عُمَرُ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، يَا هَذِهِ ، أَنَا لَا أَعْرِفُكِ ، فَكْيَفَ يَكُونُ هَذَا وَلَدِي ؟ فَبَكَتِ الْجَارِيَةُ حَتَّى بُلَّ خِمَارُهَا بِالدُّمُوعِ ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَكَ مِنْ ظَهْرِكَ فَهُوَ وَلَدُ وَلَدِكَ ، فَقَالَ : أَيُّ أَوْلَادِي ؟ قَالَتْ : أَبُو شَحْمَةَ ، قَالَ : أَبِحَلَالٍ أَمْ بِحَرَامٍ ؟ قَالَتْ : مِنْ قِبَلِي بِحَلَالٍ ، وَمِنْ جِهَتِهِ بِحَرَامٍ ، قَالَ عُمَرُ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اسْمَعْ مَقَالَتِي ، فَوَاللَّهِ مَا زِدْتُ عَلَيْكَ حَرْفًا وَلَا نَقَصْتُ ، فَقَالَ لَهَا : اتَّقِي اللَّهَ ، وَلَا تَقُولِي إِلَّا الصِّدْقَ ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، كُنْتُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ مَارَّةً فِي بَعْضِ حَوَائِجِي ، إِذْ مَرَرْتُ بِحَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ ، فَإِذَا أَنَا بِصَائِحٍ يَصِيحُ مِنْ وَرَائِي ، فَإِذَا أَنَا بِوَلَدِكَ أَبِي شَحْمَةَ يَتَمَايَلُ سُكْرًا ، وَكَانَ قَدْ شَرِبَ عِنْدَ مَسِيكَةَ الْيَهُودِيَّةِ ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنِّي تَوَعَّدَنِي ، وَهَدَّدَنِي ، وَرَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي ، وَجَرَّنِي إِلَى الْحَائِطِ ، فَسَقَطَ وَأُغْمِيَ عَلَيَّ ، فَوَاللَّهِ مَا أَفَقْتُ إِلَّا وَقَدْ نَالَ مِنِّي مَا يَنَالُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ ، فَقُمْتُ وَكَتَمْتُ أَمْرِي ، عَنْ عَمِّي ، وَعَنْ جِيرَانِي ، فَلَمَّا تَكَامَلَتْ أَيَّامِي وَانْقَضَتْ شُهُورِي ، وَضَرَبَنِي الطَّلْقُ ، وَأَحْسَسْتُ بِالْوِلَادَةِ خَرَجْتُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْغُلَامَ ، فَهَمَمْتُ بِقَتْلِهِ ، ثُمَّ نَدِمْتُ عَلَى ذَلِكَ ، فَاحْكُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَأَمَرَ عُمَرُ مُنَادِيهِ فَنَادَى ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ يَهْرَعُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، لَا تَتَفَرَّقُوا حَتَّى آتِيكُمْ بِالْخَبَرِ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَنَا مَعَهُ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ، وَقَالَ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، أَسْرِعْ مَعِي ، فَجَعَلَ يُسْرِعُ حَتَّى قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهِ ، فَقَرَعَ الْبَابَ ، فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ كَانَتْ تَخْدُمُهُ ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِهِ ، وَقَدْ غَلَبَهُ الْغَضَبُ ، قَالَتْ : مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ ؟ قَالَ : يَا هَذِهِ : وَلَدِي أَبُو شَحْمَةَ هَا هُنَا ؟ قَالَتْ : إِنَّهُ عَلَى الطَّعَامِ ، فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُ : كُلْ يَا بُنَيَّ فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ هَذَا آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَرَأَيْتُ الْغُلَامَ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ ، وَارْتَعَدَ ، وَسَقَطَتِ اللُّقْمَةُ مِنْ يَدِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا بُنَيَّ مَنْ أَنَا ؟ فَقَالَ : أَنْتَ أَبِي وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : فَلِي عَلَيْكَ حَقُّ طَاعَةٍ أَمْ لَا ؟ قَالَ : طَاعَتَانِ مَفْرُوضَتَانِ ، أَوَّلُهُمَا : أَنَّكَ وَالِدِي ، وَالْأُخْرَى : أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ عُمَرُ : بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَبِحَقِّ أَبِيكَ إِنْ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي ؟ قَالَ : يَا أَبِي ، لَا أَقُولُ غَيْرَ الصِّدْقِ ، قَالَ : هَلْ كُنْتَ ضَيْفًا لِنُسَيْبِكَ الْيَهُودِيِّ فَشَرِبْتَ الْخَمْرَ عِنْدَهُ وَسَكِرْتَ ؟ ، يَا أَبِي ، قَدْ كَانَ ذَلِكَ ، وَقَدْ تُبْتُ ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ، رَأْسُ مَالِ الْمُذْنِبِينَ التَّوْبَةُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ دَخَلْتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَائِطَ بَنِي النَّجَّارِ ، فَرَأَيْتَ امْرَأَةً وَاقَعْتَهَا ؟ فَسَكَتَ وَبَكَى ، وَهُوَ يَبْكِي وَيَلْطُمْ وَجْهَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : لَا بَأْسَ ، اصْدُقْ ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الصَّادِقِينَ ، فَقَالَ : يَا أَبِي ، قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَالشَّيْطَانُ أَغْوَانِي ، وَأَنَا تَائِبٌ نَادِمٌ ، فَلَمَّا سَمِعَ مِنْهُ عُمَرُ ذَلِكَ قَبَضَ عَلَى يَدِهِ وَلِبَّتِهِ ، وَجَرَّهُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : يَا أَبَةُ ، لَا تَفْضَحْنِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ ، فَخُذِ السَّيْفَ فَاقْطَعْنِي هَهُنَا إِرَبًا إِرَبًا ، قَالَ : أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة النور آية 2 ، ثُمَّ جَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ إِلَى بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَقَالَ : صَدَقَتِ الْمَرْأَةُ وَأَقَرَّ أَبُو شَحْمَةَ بِمَا قَالَتْ ، وَكَانَ لَهُ مَمْلُوكٌ يُقَالُ لَهُ : أَفْلَحُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا أَفْلَحُ ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، إِنْ أَنْتَ قَضَيْتُهَا فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مُرْنِي بِأَمْرِكَ ، قَالَ : خُذِ ابْنِي هَذَا إِلَيْكَ ، فَاضْرِبْهُ مِائَةَ سَوْطٍ ، وَلَا تُقَصِّرْ فِي ضَرْبِهِ ، فَقَالَ : لَا أَفْعَلُهُ وَبَكَى ، وَقَالَ : يَا لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي حَيْثُ أُكَلَّفُ ضَرْبَ وَلَدِ سَيِّدِي ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا غُلَامُ ، إِنَّ طَاعَتِي طَاعَةُ الرَّسُولِ ، فَافْعَلْ مَا آمُرُكَ بِهِ ، فَانْزَعْ ثِيَابَهُ ، فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ ، وَجَعَلَ الْغُلَامَ يُشِيرُ بِأَصْبُعِهِ إِلَى أَبِيهِ ، وَيَقُولُ : يَا أَبَتِ ارْحَمْنِي ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَهُوَ يَبْكِي : رَبُّكَ يَرْحَمُكَ ، وَإِنِمَّا هَذَا كَيْ يَرْحَمَنِي ويَرَحَمَكَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَفْلَحُ ، اضْرِبْهُ ، فَضَرَبَهُ أَوَّلَ سَوْطٍ ، فَقَالَ الْغُلَامُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَقَالَ عُمَرُ : نِعْمَ الِاسْمُ سَمَّيْتَ يَا بُنَيَّ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَانِيًا ، قَالَ : أَوِّهْ يَا أَبَتِ ، فَقَالَ : اصْبِرْ كَمَا عَصَيْتَ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَالِثًا ، قَالَ : الْأَمَانُ الْأَمَانُ ، قَالَ عُمَرُ رَبَّكَ يُعْطِيكَ الْأَمَانَ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ رَابِعًا , قَالَ : وَاغَوْثَاهُ ، قَالَ : الْغَوْثُ عِنْدَ الشِّدَّةِ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ ، قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، قَالَ لَهُ عُمَرُ : كَذَا يَجِبُ أَنْ تَحْمَدَهُ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ عَشْرًا ، قَالَ : يَا أَبَتِ ، قَتَلْتَنِي ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ذَنْبُكَ قَتَلَكَ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَلَاثِينَ ، قَالَ : أُحْرِقْ وَاللَّهِ قَلْبِي ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ، النَّارُ أَشَدُّ حَرًّا ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ قَالَ : يَا أَبَتِ ، دَعْنِي أَذْهَبُ عَلَى وَجْهِي ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِذَا أَخَذْتَ حَدَّ اللَّهِ مِنْ جَنْبِكَ ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ خَمْسِينَ ، قَالَ : أَنْشُدُكَ بِالْقُرْآنِ لِمَا خَلَّيْتَنِي ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ، هَلَّا وَعَظَكَ الْقُرْآنُ وَزَجَرَكَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ؟ يَا غُلَامُ اضْرِبْ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ سِتِّينَ ، قَالَ : يَا أَبِي أَغِثْنِي ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّ أَهْلَ النَّارِ إِذَا اسْتَغَاثُوا لَمَّا يُغَاثُوا ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ سَبْعِينَ ، قَالَ : يَا أَبَتِ اسْقِنِي شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ ، قَالَ : يَا بُنَيَّ إِنْ كَانَ رَبُّكَ لِيُطَهِّرُكَ فَيَسْقِيكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْبَةً لَا تَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا ، يَا غَلَامُ اضْرِبْ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَمَانِينَ ، قَالَ : يَا أَبَتِ السَّلَامُ عَلَيْكَ ، قَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ، إِنْ رَأَيْتَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّيَ السَّلَامَ ، وَقُلْ لَهُ : خَلَفْتُ عُمَرَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ ، يَا غُلَامُ ، اضْرِبْهُ ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ تِسْعِينَ انْقَطَعَ كَلَامُهُ وَضَعُفَ ، فَوَثَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، فَقَالُوا : يَا عُمَرُ ، انْظُرْ كَمْ بَقِيَ ؟ فَأَخِّرْهُ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ ، فَقَالَ : كَمَا لَا تُؤَخَّرُ الْمَعْصِيَةُ لَا تُؤَخَّرُ الْعُقُوبَةُ ، وَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أُمِّهِ ، فَجَاءَتْ بَاكِيَةً صَارِخَةً ، وَقَالَتْ : يَا عُمَرُ ، أَحُجُّ بِكُلِّ سَوْطٍ حَجَّةً مَاشِيَةً ، وَأَتَصَدَّقُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا ، قَالَ : إِنَّ الْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ لَا تَنُوبُ عَنِ الْحَدِّ ، قَالَ : يَا غُلَامُ ، أَتِمَّ الْحَدَّ ، فَضَرَبَهُ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ سَوْطٍ سَقَطَ الْغُلَامُ مَيِّتًا ، فَسَارَ عُمَرُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، مَحَّصَ اللَّهُ عَنْكَ الْخَطَايا ، ثُمَّ جَعَلَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهِ ، جَعَلَ يَبْكِي ، وَيَقُولُ : بِأَبِي مَنْ قَتَلَهُ الْحَقُّ ، بِأَبِي مَنْ مَاتَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَدِّ ، بِأَبِي مَنْ لَمْ يَرْحَمْهُ أَبُوهُ وَأَقَارِبُهُ ، فَنَشَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا ، فَلَمْ يُرَ يَوْمًا أَعْظَمَ مِنْهُ ، وَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ ، وَالخَيْبِ ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَقْبَلَ عَلَيْنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ , فَقَالَ : إِنِّي أَخَذْتُ وِرْدِي مِنَ اللَّيْلِ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ ، وَإِذَا الْفَتَى مَعَهُ ، وَعَلَيْهِ حُلَّتَانِ خَضْرَاوَتَانِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقْرِئْ عُمَرَ مِنِّيَ السَّلَامَ ، وَقُلْ لَهُ : هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَتُقِيمَ الْحُدُودَ ، وَقَالَ الْغُلَامُ : يَا حُذَيْفَةُ ، أَقْرِئْ أَبِي مِنِّيَ السَّلَامَ ، وَقُلْ : طَهَّرَكَ اللَّهُ كَمَا طَهَّرْتَنِي ، وَالسَّلَامُ " . هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ ، وَهُوَ مِنْ مَوْضُوعَاتِ الْقُصَّاصِ ، وَمَتْنُ هَذَا الْحَدِيثِ مُخْتَلِفٌ مُضْطَرِبٌ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : لَمْ يَسْمَعْ شِبْلٌ مِنْ مُجَاهِدٍ شَيْئًا ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، وَسُئِلَ عَنْ سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ أَبِي حُذَيْفَةَ ، عَنْ شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ ، فَقَالَ : فِيهِ نَظَرٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ . وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ : حَدِيثُ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي حَدِّ أَبِي شَحْمَةَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَمُجَاهِدٌ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَا يُوجَدُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَسْمُوعَاتِ مُجَاهِدٍ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ ، أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ طَاهِرٍ ، إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، فِي كِتَابِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ ، إِمْلَاءً ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ التَّمِيمِيُّ ، حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخَوْلَانِيُّ ، قَالَ : أَبُو الْحُسَيْنِ كَذَا ، وَهُوَ عِنْدِي عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا : عَبْدُ اللَّهِ ، وَالْآخَرُ : عُبَيْدُ اللَّهِ ، وَكَانَ يُكَنَّى : أَبَا شَحْمَةَ ، وَكَانَ أَبُو شَحْمَةَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَإِنَّهُ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا ، فَجَعَلَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُدْنَهُ ، فَبَيْنَا هُنَّ فِي عِيَادَتِهِ ، قُلْنَ لِعُمَرَ : " لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدِكَ كَمَا نَذَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى وَلَدَيْهِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، فَأَلْبَسَهُمَا اللَّهُ الْعَافِيَةَ ، فَقَالَ عُمَرُ : عَلِيَّ نَذَرٌ وَاجِبٌ لِئَنْ أَلْبَسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ابْنَيَّ الْعَافِيَةَ أَنْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقَالَتْ وَالِدَتُهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا أَنْ قَامَ مِنْ مَرَضِهِ أَضَافَتْهُ مُسَيْكَةُ الْيَهُودِيَّةُ فَأَتَوْهُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ ، فَلَمَّا طَابَتْ نَفْسُهُ خَرَجَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَدَخَلَ حَائِطًا لِبَنِي النَّجَّارِ ، فَإِذَا بِامْرَأَةٍ رَاقِدَةٍ فَكَايَدَهَا وَجَامَعَهَا ، فَلَمَّا قَامَ عَنْهَا شَتَمَتْهُ وَفَرَّقَتْ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ ، وَانْصَرَفَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا " ، وَذَكَرَ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ . هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ ، وَإِسْنَادُهُ مُنْكَرٌ ، وَعَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا مِنْ صَفْوَانَ ، وَصَفْوَانُ هَذَا هُوَ ابْنُ عُمَرَ ، وَبَيْنَهُ وَبْيَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِجَالٌ وَقُرُونٌ ، وَمَنْ وَضَعَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ وَالرِّوَايَةَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَقِيقَةِ وَالصَّوَابِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَالَوَيْهِ الصُّوفِيُّ

ثقة

أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَكْرٍ

مقبول

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.