أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا الْمُسْتَعِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ " كَانَ عِنْدَ مَخْرَمَةَ كُتُبٌ لِأَبِيهِ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُ ، قَالَ : وَالْحَكَمُ بْنُ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ أَرْبَعةِ أَحَادِيثَ وَالْبَاقِي كِتَابٌ ، وَحُكِيَ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاشِدٍ قَدِمَ الرِّيَّ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ ، فَسُئِلَ أَيْنَ لَقِيتَهُ ؟ فَقَالَ : لَمْ أَلْقَهُ مَرَرْتُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَوَجَدْتُ كِتَابًا لَهُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ فِي الْحِكَايَةِ الْغَرِيبَةِ عَنِ الْبُخَارِيِّ جَوَازَ حَدِيثِهِ عَنْ كِتَابِ أَبِيهِ بِخَطِّهِ ، وَلَعَلَّهُ فِيمَا اعْتَرَفَ لَهُ أَبُوهُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ ، ثُمَّ وَثِقَ بَعْدُ بِكِتَابِهِ ، فَيَكُونُ مِنْ ضَرْبِ الْإِعْلَامِ بِالرِّوَايَةِ دُونَ الْإِذْنِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ أَوْ يَكُونُ هَذَا مَذْهَبًا لِلْبُخَارِيِّ وَيُعَضِّدُهُ إِجَازَةُ الْحَدِيثِ بِوَصِيَّةِ الْكُتُبِ الْمَرْوِيَّةِ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَأَيُّوبَ ، لِأَنَّ تَرْكَ كِتَابَهُ لِابْنِهِ كَوَصِيَّتِهِ بِهِ لِغَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا إِشْعَارٌ زَائِدٌ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَا عَنْهُ فَقَارَبَتِ الْمُنَاوَلَةَ مِنْ وَجْهٍ ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ ، فِي الْعَمَلِ بِمَا وَجَدَ مِنَ الْحَدِيثِ بِالْخَطِّ الْمُحَقَّقِ لِإِمَامٍ أَوْ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ ثِقَةٍ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَنْعِ النَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ بِهِ ، فَمُعْظَمُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ ، لَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِهِ ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهِ ، وَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ نُظَّارِ أَصْحَابِهِ ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاخْتَارَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ التَّحْقِيقِ ، وَهَذَا مَبْنِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ بِالْمُرْسَلِ ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ ، أَنَّهُ رَوَى لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْخَبَرِ يَحْفَظُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ ، قَالَ : وَحُجَّتُهُ أَنَّ حِفْظَهُ لِمَا فِي كِتَابِهِ كَحِفْظِهِ لِمَا سَمِعَهُ ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ وَلَا نُورَ وَلَا بَهْجَةَ لِهَذِهِ الْحُجَّةِ وَلَا ذَكَرَهَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَلَعَلَّهُ مَا قَدَّمْنَا عَنْهُ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ لَا الرِّوَايَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ وَجَدَهُ بِخَطِّهِ وَلَمْ يُحَقِّقْ سَمَاعَهُ إِلَّا مَا وَجَدَهُ بِخَطِّهِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا الْأُصُولِيُّونَ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ النَّقْلَةِ بِخَطِّهِ بِحِفْظِهِ ، وَحُجَّتُهُ تَدَلُّ عَلَيْهِ ، وَسَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . هَذِهِ ، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ ، ضُرُوبُ النَّقْلِ مُفَصَّلَةٌ مُبَيَّنَةُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ، مُفَسِّرَةٌ لِمَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ ، وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْعِبَارَةِ عَنِ النَّقْلِ بِضُرُوبِهَا وَالْمُخْتَارِ مِنْ ذَلِكَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |