أخبرنا أَبُو الْحَدَّاد ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْم ، أَخْبَرَنِي أَبُو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن خفيف الشيرازي الصوفي فيما كتب إلي ، حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّه بْن الْفَضْل ، حَدَّثَنِي أَبُو عبد اللَّه الْقَاضِي ، حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : كَانَ عندنا بِبَغْدَادَ رجل من التجار صديقا لِي ، وَكَانَ كثيرا ما أسمعه يقع فِي الصوفية ، قَالَ : فرأيته بعد ذَلِكَ يصحبهم ، فأنفق عليهم جميع ما ملك ، قَالَ : فقلت لَهُ : أليس كنت تبغضهم ؟ قَالَ : فَقَالَ لِي : ليس الأمر على ما توهمت ، قلت لَهُ : كيف ؟ قَالَ : صليت الجمعة يوما وخرجت ، فرأيت بِشْر بْن الْحَارِث الحافي يخرج من المسجد مسرعا ، قَالَ : فقلت فِي نفسي : انظر إِلَى الرجل الموصوف بالزهد ليس يستقر فِي المسجد ، قَالَ : فتركت حاجتي ، فقلت : أين يذهب ؟ قَالَ : فتبعته ، فرأيته تقدم إِلَى الخباز ، واشترى بدرهم خبز الماء ، قَالَ : قلت : انظر إِلَى الرجل يشتري خبز الماء ، قَالَ : تقدم إِلَى الشواء ، فأعطاه درهما ، وأخذ الشواء ، قَالَ : فزادني عليه غيظا ، قَالَ : وتقدم إِلَى الحلاوي ، واشترى فالوذجا ، فقلت فِي نفسي : والله لأنغصن عليه حَتَّى يجلس ويأكل ، قَالَ : قَالَ : فخرج إِلَى الصحراء ، وأنا أقول يريد الخضرة والماء ، قَالَ : فما زال يمشي إِلَى العصر وأنا خلفه ، قَالَ : فدخل قرية ، وفي القرية مسجد ، وفيه رجل مريض ، قَالَ : فجلس عند رأسه ، وجعل يلقمه ، قَالَ : فقمت لأنظر فِي القرية ، قَالَ : فبقيت ساعة ، ثُمَّ رجعت ، فقلت للعليل : أين بِشْر ؟ قَالَ : ذهب إِلَى بغداد ، قَالَ : فقلت : كم بيني وبين بغداد ؟ فَقَالَ : أربعون فرسخا ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إيش عملت بنفسي ، وليس معي ما اكتري ، ولا أقدر على المشي ، قَالَ : اجلس حَتَّى يرجع ، قَالَ : فجلست إِلَى الجمعة القابلة ، قَالَ : فجاء بِشْر فِي ذَلِكَ الوقت ، ومعه شيء يأكل المريض ، فلما فرغ ، قَالَ لَهُ العليل : يا أيا نصر ، هَذَا رجل صحبك من بغداد ، وبقي عندي منذ الجمعة فرده إِلَى موضعه ، قَالَ : فنظر إلي كالمغضب ، وَقَالَ : لم صحبتني ؟ قَالَ : فقلت : أخطأت ، قَالَ : قم فامش ، قَالَ : فمشيت إِلَى قرب المغرب ، قَالَ : فلما قربنا ، قَالَ لِي : أين محلتك من بغداد ؟ قلت : فِي موضع كذا ، قَالَ : اذهب ولا تعد ، قَالَ : فتبت إِلَى اللَّه تعالى وصحبتهم ، وأنا على ذَلِكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |