قَرَأْتُ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهِ ، عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الطُّيُورِيِّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ . وَأَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ الطُّيُورِيِّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْكُوفِيِّ ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزْجِيُّ إِجَازَةً ، قَالا : أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بن حَمَّةَ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ أَبِي ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ بَهْرَامَ الْفَزَارِيَّ ، نَبَّأَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ ، عَنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرَةَ الْحَارِثِيِّ ، أَنَّهُ قَدِمَ مَعَ مُعَاذٍ مِنَ الْيَمَنِ ، فَبِتُّ مَعَهُ فِي دَارِهِ ، وَفِي مَنْزِلِهِ ، فَأَصَابَهُمُ الطَّاعُونُ ، فَطُعِنَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ ، وَأَبُو مَالِكٍ جَمِيعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حِينَ حَسَّ بِالطَّاعُونِ فَرَّقَ فرقًا شَدِيدًا , فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تَبَدَّدُوا فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَتَفَرَّقُوا ، فَإِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، لا أَرَاهُ إِلا رِجْزًا أَوِ الطُّوفَانَ ، قَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ : قَدْ صَاحَبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِكَ , قَالَ عَمْرٌو : صَدَقْتَ ، قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : كَذَبْتَ لَيْسَ بِالطُّوفَانِ ، وَلا بِالرِّجْزِ ، وَلَكِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَبْضُ الصَّالِحِينَ قَبْلِكُمْ ، اللَّهُمَّ ائْتِ آلَ مُعَاذٍ النَّصِيبَ الأَوْفَرِ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى طُعِنَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُهُ الَّذِي كَانَ يُكْنَى بِهِ بكره ، وَأَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ ، فَرَجَعَ مُعَاذٌ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَوَجَدَهُ مَكْرُوبًا ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، كَيْفَ أَنْتَ ؟ فَاسْتَجَابَ لَهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَهْ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ، قَالَ مُعَاذٌ : وَأَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَتَجِدُنِي مِنَ الصَّابِرِينَ ، فَأَمْسَكَهُ لَيْلَتَهُ ، ثُمَّ دَفَنَهُ مِنَ الْغَدِ ، فَأَخَذَ بِامْرَأَتَيْهِ جَمِيعًا ، فَأَرَادَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا أَيِّهِمَا تَجِيءُ قَبْلَ الأُخْرَى ، فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرَةَ : جَهِّزْهُمَا جَمِيعًا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَيُحْفَرُ لَهُمَا قَبْرًا وَاحِدًا ، فَشَقَّ لإِحْدَاهِمَا ، وَأَلْحَدَ لِلأُخْرَى ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ مِنْهُمَا فَطُعِنَ ، فَأَخَذَ مُعَاذٌ يُرْسِلُ الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ يَسْأَلُهُ كَيْفَ هُوَ ؟ فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ ، فَتَكَابَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الْحَارِثِ ، وَفَرِقَ مِنْهَا حِينَ رَآهَا ، وَأَقْسَمَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ : مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمُرَ النَّعَمِ ، فَرَجِعَ الْحَارِثُ إِلَى مُعَاذٍ ، فَوَجَدَهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَبَكَى الْحَارِثُ ، وَاشْتَكَى عَلَيْهِ سَاعَةً ، ثُمَّ إِنَّ مُعَاذًا أَفَاقَ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ الْحِمْيَرِيَّةِ لِمَ تَبْكِي عَلَيَّ ؟ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَبْكِيَ عَلَيَّ , فَقَالَ الْحَارِثُ : وَاللَّهِ مَا عَلَيْكَ أَبْكِي . قَالَ مُعَاذٌ : فَعَلامَ تَبْكِي ؟ قَالَ : أَبْكِي عَلَى مَا فَاتَنِي مِنْكَ الْعَصْرَيْنِ : الْغُدُوَّ ، وَالرَّوَاحَ , قَالَ مُعَاذٌ : أَجْلِسْنِي ، فَأَجْلَسَهُ الْحَارِثُ فِي حِجْرِهِ , قَالَ : اسْمَعْ مِنِّي ، فَإِنِّي أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ ، إِنَّ الَّذِي تَبْكِي عَلَيَّ زَعَمْتَ مِنْ غُدُوِّكَ وَرَوَاحِكَ إِلَيَّ ، قَالَ : أَتَعْلَمُ مَكَانَهُ لِمَنْ أَرَادَ بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ ، فَإِنْ أَعْيَا عَلَيْكَ تَفْسِيرُهُ ، فَاطْلُبْهُ بَعْدِي عِنْدَ ثَلاثَةٍ : عِنْدَ عُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ، وَأُحَذِّرُكَ ذَلَّةَ الْعَالِمِ ، وَجِدَالَ الْمُنَافِقِ ، وَاحْذَرْ طَلَبَةَ الْقُرْآنِ , قَالَ : سمعته يحدث ، أن معاذا اشتد عليه النزع نزع الموت ، فنزع نزعا لم ينزعه أحدا ، فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه ، ثم قَالَ : اخنقي خنقك ، فوعزتك ربي إنك لتعلم أن قلبي يحبك , فلما أن قضى نحبه ، انطلق الحارث حتى أتى أبا الدرداء بحمص ، فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث ، ثم قَالَ الحارث : إن أخي معاذا كذا أوصاني بك ، وبسلمان الفارسي ، وبابن أم عبد ، فلا أراني إلا منطلقا قبل العراق , فقدم الحارث الكوفة ، ثم أخذ يحضر مجلس ابن أم عبد بكرة وعشيا ، فبينما هو كذلك في المجلس يوما ، قَالَ ابن أم عبد : ممن أنت يا ابن أخي ؟ قَالَ الحارث : امرؤ من أهل الشام ، فقال ابن أم عبد : نعم الحي أهل الشام ، لولا واحدة ، فقال الحارث : وما تلك الواحدة ؟ قَالَ : لولا أنهم يشهدون على أنفسهم أنهم من أهل الجنة , فاسترجع الحارث مرتين أو ثلاثا ، قَالَ : صدق معاذ ما قَالَ لي ، قَالَ ابن أم عبد : ما قَالَ لك معاذ ابن أخ ؟ قَالَ : حذرني ذلة العالم ، قَالَ : والله ما أنت يا ابن مسعود إلا أحد رجلين , إما رجل أصبح على يقين من الله ، ويشهد أن لا إله إلا الله ، وأنت من أهل الجنة ، وإما رجل مرتاب لا تدري أين منزلك . قَالَ ابن مسعود : صدقت يا ابن أخي ، إنها ذلة مني ، فلا تؤاخذني بها ، فأخذ ابن مسعود بيد الحارث ، فانطلق به إلى رحله ، فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث , ثم قَالَ الحارث : لا بد لي من أن أطلع أبا عبد الله سلمان إلى المدائن ، فانطلق الحارث حتى قدم على سلمان في المدائن ، فوجده في مدبغة له يعرك الأهب بكفيه ، فلما أن سلم عليه ، قَالَ : مكانك حتى أخرج إليك ؟ قَالَ الحارث : والله ما أراك تعرفني يا أبا عبد الله ، قَالَ : بلى ، قد عرفت روحي روحك قبل أن أعرفك ، فإن الأرواح عند الله جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف . فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث ، ثم رجع إلى الشام . فأولئك الذين كانوا يتعارفون في الله ، ويتزاورون فيه ، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين ، آمين آمين آمين . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ | عبد الرحمن بن غنم الأشعري / توفي في :78 | مختلف في صحبته |
شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ | شهر بن حوشب الأشعري | صدوق كثير الإرسال والأوهام |
عَبْدِ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ بَهْرَامَ الْفَزَارِيَّ | عبد الحميد بن بهرام الفزاري | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ | محمد بن أحمد الجوزجاني / ولد في :254 / توفي في :331 | ثقة |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بن حَمَّةَ | عبد الرحمن بن عمر الخلال / توفي في :396 | ثقة |
وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزْجِيُّ | عبد العزيز بن علي الوراق / ولد في :356 / توفي في :444 | ثقة |