أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، أَنَا أَبُو عُبَيْد ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَعَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ أَبِي السَّفَرِ ، وَغَيْرِهِمْ ، قَالُوا : بَايَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ : سِرْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَكَبُوا الْعَظِيمَ ، وَابْتَزُّوا النَّاسَ أُمُورَهُمْ فَإِنَّا نَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْهُمْ . فَسَارَ الْحَسَنُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ وَجَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفًا وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ شُرَطَةَ الْخَمِيسِ . وَقَالَ غَيْرُهُ : وَجَّهَ إِلَى الشَّامِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَمَعَهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ، فَسَارَ فِيهِمْ قَيْسٌ حَتَّى نَزَلَ مَسْكَنَ وَالْأَنْبَارَ وَنَاحِيَتَهَا ، وَسَارَ الْحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ بِالْمَدَائِنِ ، وَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ يُرِيدُ الْحَسَنَ حَتَّى نَزَلَ جِسْرَ مَنْبِجَ ، فَبَيْنَا الْحَسَنُ بِالْمَدَائِنِ إِذْ نَادَى مُنَادٍ فِي عَسْكَرِهِ : أَلا إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَدْ قُتِلَ ، قَالَ : فَشَدَّ النَّاسُ عَلَى حُجْرَةِ الْحَسَنِ فَانْتَهَبُوهَا حَتَّى انْتُهِبَتْ بُسُطُهُ وَجَوَارِيهِ ، وَأَخَذُوا رِدَاءَهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ أُقَيْصِرٍ ، بِخِنْجَرٍ مَسْمُومٍ فِي إِلْيَتِهِ فَتَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي انْتُهِبَ فِيهِ مَتَاعُهُ وَنَزَلَ الْأَبْيَضَ - قَصْرَ كِسْرَى - وَقَالَ : عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ , فقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لا خَيْرَ فِيكُمْ قَتَلْتُمْ أَبِي بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمَ تَفْعَلُونَ بِي هَذَا . ثُمَّ دَعَا عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْأَرْحَبِيَّ فَأَرْسَلَهُ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَسْأَلُهُ الصُّلْحَ وَيُسَلِّمُ لَهُ الْأَمْرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ ثَلاثَ خِصَالٍ : يُسَلِّمَ لَهُ بَيْتَ الْمَالِ فَيَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ وَمَوَاعِيدَهُ الَّتِي عَلَيْهِ ، وَيَتَحَمَّلَ مِنْهُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عِيَالَ أَهْلِ أَبِيهِ وَوَلَدَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ ، وَلَا يُسَبَّ عَلِيٌّ وَهُوَ يَسْمَعُ . وَأَنْ يُحْمَلَ إِلَيْهِ خَرَاجُ فَسَا وَدَارَابَجِرْدَ مِنْ أَرْضِ فَارِسَ كُلَّ عَامٍ إِلَى الْمَدِينَةِ مَا بَقِيَ ، فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى ذَلِكَ وَأَعْطَاهُ مَا سَأَلَ . وَيُقَالُ : بَلْ أَرْسَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ حَتَّى أَخَذَ لَهُ مَا سَأَلَ ، وَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ بْنَ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، فَقَدِمَا الْمَدَائِنَ إِلَى الْحَسَنِ فَأَعْطَاهُ مَا سَأَلَ وَمَا أَرَادَ وَوَثَّقَا لَهُ . فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ أَنْ أَقْبِلْ ، فَأَقْبَلَ مِنْ جِسْرِ مَنْبِجَ إِلَى مَسْكَنَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَقَدْ دَخَلَ يَوْمَ السَّادِسِ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ الْأَمْرَ وَبَايَعَهُ , ثُمَّ سَارَا جَمِيعًا حَتَّى قَدِمَا الْكُوفَةَ فَنَزَلَ الْحَسَنُ الْقَصْرَ وَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ النُّخَيْلَةَ ، فَأَتَاهُ الْحَسَنُ فِي عَسْكَرِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَوَفَى مُعَاوِيَةُ لِلْحَسَنِ بِبَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ فِيهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَاحْتَمَلَهَا الْحَسَنُ ، وَتَجَهَّزَ بِهَا هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَكَفَّ مُعَاوِيَةُ عَنْ سَبِّ عَلِيٍّ وَالْحَسَنُ يَسْمَعُ . وَدَسَّ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَطَرَدُوا وَكِيلَ الْحَسَنِ , وَقَالُوا : لَا تَحْمِلْ فَيْئَنَا إِلَى غَيْرِنَا ، - يَعْنُونَ خَرَاجَ فَسَا وَدَارَبَجِرْدَ - ، فَأَجْرَى مُعَاوِيَةُ عَلَى الْحَسَنِ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَاشَ الْحَسَنُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ سِنِينَ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |