أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَيْفٍ ، نَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، نَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ خَالِدٍ ، وَعُبَادَةَ ، قالا : لَمَّا هَزَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جُنْدَ الْيَرْمُوكِ ، وَتَهَافَتَ أَهْلُ الْوَاقُوصَةِ ، وَفُرِغَ مِنَ الْمَقَاسِمِ وَالأَثْقَالِ ، وَبُعِثَ بِالأَخْمَاسِ ، وَسُرِّحَتِ الْوُفُودُ ، اسْتَخْلَفَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى الْيَرْمُوكِ بَشِيرَ بْنَ كَعْبِ بْنِ أُبَيٍّ الْحِمْيَرِيَّ ، كَيْلا يَغْتَالَ بُرْدَةَ وَلا تَقْطَعَ الْعَدُوَّ عَلَى مَوَادِّهِ ، وَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ حَتَّى يَنْزِلَ بِالصُّفَّرينِ وَهُوَ يُرِيدُ اتِّبَاعَ الْفَالَّةَ وَلا يَدْرِي يَجْتَمِعُونَ أَوْ يَفْتَرِقُونَ ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ أَرْزَوْا إِلَى فِحْلٍ ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْمَدَدَ قَدْ أَتَى أَهْلَ الشَّامِ ، فَهُوَ لا يَدْرِي أَبِدِمَشْقَ يَبْدَأُ ، أَوْ بِفِحْلٍ مِنْ بِلادِ الأُرْدُنِّ ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ وَانَتَظَرَ الْجَوَابَ . وَأقَامَ بِالصُّفَّرينِ ، وَلَمَّا جَاءَ عُمَرُ فَتَحَ الْيَرْمُوكَ أَقَرَّ الأُمَرَاءَ عَلَى مَا كَانَ اسْتَعْمَلَهُمْ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ، إِلا مَا كَانَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، فَإِنَّهُ ضَمَّ خَالِدًا إِلَى أَبِي عُبْيَدَةَ ، وَأَمَرَ عَمْرًا بِمَعُونَةِ النَّاسِ ، حَتَّى يَصِيرَ الْحَرْبُ إِلَى فِلَسْطِينَ ، وَأَهْلِ حِمْصَ ، فَإِنْ فَتَحَهَا اللَّهُ قَبْلَ دِمَشْقَ ثُمَّ يَتَوَلَّى حَرْبَهَا . وَلَمَّا جَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْكِتَابُ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بِالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ : أَمَّا بَعْدُ ، فَابْدَءُوا بِدِمَشْقَ وَانْهَدُوا لَهَا ، فَإِنَّهَا حِصْنُ الشَّامِ ، وَبَيْتُ مَمْلَكَتِهِمْ . وَاشْغَلُوا عَنْكُمْ أَهْلَ فِحْلٍ بِخَيْلٍ يَكُونُ بِإِزَائِهِمْ فِي نُحُورِهِمْ وَأَهْلَ فِلَسْطِينَ وَأَهْلَ حِمْصَ ، فَإِنْ فتَحَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَذَاكَ الَّذِي نُحِبُّ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَتْحُهَا حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دِمَشْقَ ، فَلْتُنْزِلْ دِمَشْقَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا وَدَعُوهَا ، وَانْطَلِقْ أَنْتَ وَسَائِرُ الأُمَرَاءِ حَتَّى تُغِيرُوا عَلَى فِحْلٍ ، فَإِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ فَانْصَرِفْ أَنْتَ وَخَالِدٌ إِلَى حِمْصَ ، وَدَعْ شُرَحْبِيلَ وَعَمْرًا وَأَخْلِهِمَا بِالأُرْدُنِّ وَفِلَسْطِينَ ، وَأَمِيرُ كُلِّ بَلَدٍ وَجُنْدٍ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ إِمَارَتِهِ فسرح أَبُو عبيدة إِلَى أهل فحل عشرة قواد : أبا الأعور السلمي ، وعبد عَمْرو بْن يزيد بْن عامر الجرشي ، وعامر بْن خيثمة ، وعمرو بْن كلب بْن يحصب ، وعمارة بْن الصعق بْن كلب ، وصيفي بْن علبة بْن شامل ، وعمرو بْن الخبيب بْن عَمْرو ، ولبدة بْن عامر بْن خثعمة ، وبشر بْن عصمة ، وعمارة بْن محنس قائد الناس ، ومع كل رجل خمسة قواد ، وكانت الرؤساء تكون من الصحابة حتى لا يجدون من يحتمل ذَلِكَ منهم ، فساروا من الصفرين حتى نزلوا قريبا من فحل ، فلما رأت الروم أن الجنود تريدهم بثقوا المياه حول فحل ، فأردغت الأرض ثم وحلت الأرض واغتنم المسلمون ذَلِكَ ، فحبسوا عن المسلمين ثمانين ألف فارس ، فكان أول محصور بالشام أهل فحل ثم أهل دمشق ، وبعث أَبُو عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص ردءا ، وبعث علقمة بْن حكيم ومسروقا فكانا بين دمشق وفلسطين ، والأمير يزيد يفضل ، وفضل بأبي عبيدة من المرج ، وقدم خَالِد بْن الْوَلِيد وعلى مجنبتيه عَمْرو وأبو عبيدة ، وعلى الخيل عياض ، وعلى الرجال شُرَحْبِيلُ فقدموا عَلَى دمشق ، وعليهم بسطاس بْن بسطورس فحصروا أهل دمشق ونزلوا حواليها ، فكان أَبُو عبيدة عَلَى ناحية ، وخَالِد عَلَى ناحية ، ويزيد عَلَى ناحية ، وَشُرَحْبِيلُ عَلَى ناحية ، وعمرو عَلَى ناحية ، وهرقل يومئذ بحمص ، ومدينة حمص بينه وبينهم . فحاصروا أهل دمشق نحوا من سبعين ليلة حصارا شديدا ، وقاتلوهم قتالا شديدا بالزحوف والترامي والمجانيق وهم معتصمون بالمدينة يرجون الغياث ، وهرقل منهم قريب وقد استمدوه . وذو الكلاع بين المسلمين وبين حمص فِي جبل عَلَى رأس ليلة من دمشق كأنه يريد حمص ، وجاءت خيول هرقل مغيثة لأهل دمشق ، فأشجتها الخيول التي مع ذي الكلاع وشغلتها عن الناس . فأرزوا ونزلوا بإزائه وأهل دمشق عَلَى حالهم . فلما أيقن أهل دمشق أن الأمداد لا يصل إليهم فشلوا ووهنوا وأبلسوا وازداد المسلمون طمعا فيهم ، وقد كانوا يرون أنها كالغارات قبل ذَلِكَ إذا هجم البرد قفل الناس ، فسقط النجم والقوم مقيمون . فعند ذَلِكَ انقطع رجاؤهم وندموا عَلَى دخول دمشق . وولد للبطريق الذي عَلَى أهل دمشق مولود فصنع عليه ، فأكل القوم وشربوا ، وغفلوا عن مواقفهم ولا يشعر بذلك أحد من المسلمين إلا ما كان من خَالِد ، فإنه كان لا ينام ولا ينيم ، ولا يخفى عليه من أمورهم شيء عيونه ذاكية ، وهو معني بما يليه ، قد اتخذ كهيئة السلاليم وأوهاقا ، فلما أمسى من ذَلِكَ اليوم نهد ومن معه من جنده الذين قدم بهم عَلَيْهِمْ وتقدمهم وهو والقعقاع بْن عَمْرو ومذعور بْن عدي وأمثاله من أصحابه فِي أول يومه ، وقال : إذا سمعتم تكبيرنا عَلَى السور فارقوا إلينا ، وانهدوا إِلَى الباب . فلما انتهى إِلَى الباب الذي يليه هو وأصحابه المتقدمون رموا بالحبال الشرف وعلى ظهورهم القرب الذي قطعوا بها خندقهم ، فلما ثبت لهم وهقان تسلق فيهما القعقاع ومذعور ، ثم لم يدعا أحبولة إلا أثبتاها والأوهاق بالشرف ، وكان المكان الذي اقتحموا منه أحصن مكان يحيط بدمشق أكثره ماء وأشده مدخلا ، وتوافوا لذلك فلم يبق ممن قدم معه أحد إلا رقا أو دنا من الباب . حتى إذا استووا عَلَى السور حدر عامة أصحابه وانحدر معهم وخلف من يحمي ذَلِكَ المكان لمن يرتقي وأمرهم بالتكبير ، فكبر الذين عَلَى رأس السور ، فنهد المسلمون إِلَى الباب ومال إِلَى الجبال بشر كثير ، فوثبوا فيها ، وانتهى خَالِد إِلَى أول من يليه فأتاهم وانحدر إِلَى الباب فقتل البوابين ، وثار أهل المدينة وفزع سائر الناس فأخذوا مواقفهم ولا يدرون ما الشأن ، وتشاغل أهل كل ناحية بما بينهم فقطع خَالِد بْن الْوَلِيد ومن معه أغلاق الباب بالسيوف وفتحوا للمسلمين فأقبلوا عَلَيْهِمْ من داخل ، حتى ما بقي مما يلي باب خَالِد مقاتل إلا أنيم . وما شد خَالِد عَلَى من يليه وبلغ منهم الذي أراد عنوة أرز من أفلت إِلَى أهل الأبواب التي تلي غيره ، وقد كان المسلمون دعوهم إِلَى المناظرة فأبوا وأبعدوا فلم يفجأهم إلا وهو يتوقعون لهم بالصلح ، فأجابوهم وقبلوا منهم وفتحوا لهم الأبواب ، وقال : ادخلوا وتمنعونا من أهل ذَلِكَ الباب . فدخل أهل كل باب بصلح مما يليهم ، ودخل خَالِد مما يليه عنوة . فالتقى خَالِد والقواد فِي وسطها هذا استعراضا وانتهابا . وهؤلاء صلحا وتسكينا فأجروا ناحية خَالِد مجراهم ، وقالوا : قد قروا إلينا ودخلوا معنا ، فأجاز لهم عُمَر ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فأجرى النصف الذي أخذ عنوة مجرى الصلح ، فصار صلحا وكان صلح دمشق عَلَى المقاسمة الدينار والعقار ، والدينار عَلَى كل رأس واقتسموا الأسلاب ، فكان أصحاب خَالِد فيها كأصحاب سائر القواد ، وجرى عَلَى الديار ومن بقي فِي الصلح جريب من كل جريب أرض ، ووقف ما كان للملوك ومن صوب معهم فيئا ، وقسموا لذي الكلاع ومن معه ، ولأبي الأعور ومن معه ، ولبشير ومن معه ، وبعثوا بالبشارة إِلَى عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وقدم عَلَى أَبِي عبيدة كتاب عُمَر بأن اصرف جند العراق إِلَى العراق ، وأمرهم بالحث إِلَى سعد بْن مالك ، فأمر عَلَى جند العراق هاشم بْن عتبة ، وعلى مقدمته القعقاع بْن عَمْرو ، وعلى مجنبتيه عُمَر بْن مالك الزُّهْرِيّ ، وربعي بْن عامر ، وضربوا بعد دمشق نحو سعد ، فخرج هاشم نحو العراق فِي جند أهل العراق ، وخرج القواد نحو فحل ، وأصحاب هاشم عشرة آلاف إلا من أصيب منهم . فاتهموهم بأناس ممن لم يكن منهم ، منهم : قيس ، والأشتر ، وخرج علقمة ومسروق إِلَى إيلياء ، فنزلا عَلَى طريقها ، وبقي بدمشق مع يزيد بْن أَبِي سُفْيَان من قواد أهل اليمن عدد منهم : عَمْرو بْن شمر بْن غزية . وسهم بْن المسافر بْن هزمة ، ومشافع بْن عَبْد اللَّه بْن شافع . وبعث يزيد بْن أَبِي سُفْيَان دحية بْن خليفة الكلبي فِي خيل بعد فتح دمشق إِلَى تدمر ، وأبا الزهراء الْقُشَيْرِيّ البثنية وحوران ، فصالحوهم عَلَى صلح دمشق ووليا القيام عَلَى فتح ما بعثا إليه . وكان أخو أَبِي الزهراء قد أصيبت رجله بدمشق ، فلما هاجى بنو قشير بني جعدة فخروا بذلك ، وعددوه وعيروه ، فأجابهم نابغة بني جعدة : فإن يكن قدم بالشام نادرة فإن بالشام أقداما وأوصالا وإن يكن حاجب ممن فخرت به فلم يكن حاجب عما ولا خالا ثم فخر عَلَيْهِمْ وقال : تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فصارا بعد أبوالا وقال القعقاع بْن عَمْرو فِي يوم دمشق : أقمنا عَلَى داري سُلَيْمَان أشهرا نجالد روما قد حموا بالصوارم قصصنا بها الباب العراقي عنوة فدان لنا مستسلما كل قائم أقول وقد دارت رحانا بدارهم أقيموا لهم حر الدرى بالعلاصم فلما زأدنا فِي دمشق نحورهم وتدمر عضوا منهما بالأباهم وقال أَبُو نجيد نافع بْن الأسود : لا تحسبني وابن أمي صلصلا كقامسة الباكين من كبة الحرب تركنا دمشقا منهلا بطريقنا نحن إليها ما نحر من الكرب كأنك لم تشهد دمشقا وحائلا ويوما ببصرى حيث فاظ بنو لهب فإنا وإياهم سحاب بقفرة تلقحها الأرواح بالصيب السكب منعناكم منهم وقد زعزعوا القنا وكنا قديما نمنع الجار ذا الذنب هنالك إذ لا يمنع الناس وسمة وإذا أنت محروب بمدرجة الترب وقد علمت أفنا تميم بأننا لنا العز قدما عند ذائدة النهب وأن موالينا تعز بعزنا ومولاكم المأكول إن كان ذا سهب . وقال أيضا : من ذا عَلَى الأحداث عز كعزنا إذا الحرب قامت بالجموع عَلَى قفر فسائل بنا بسطاس والروم حوله غداة دمشق والحروب بها تجري ينبوك أنا فِي الحروب مصالت نسيل إذا جاش الأعاجم بالثغر بقوم تراهم فِي الدهور أعزة لهم عرض ما بين الفرائض والوتر أَبَى اللَّه إلا أن عمرا تناهموا قوادم حرب لا تلين ولا تحرى .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرُ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
أَبُو عُبَيْدَةَ | أبو عبيدة بن الجراح / توفي في :18 | صحابي |
وَعُبَادَةَ | عبادة بن الصامت الأنصاري / توفي في :34 | صحابي |
خَالِدٍ | خالد بن الوليد المخزومي | صحابي |
أَبِي عُثْمَانَ | يزيد بن أسيد الغساني | مجهول الحال |
سَيْفُ بْنُ عُمَرَ | سيف بن عمر الضبي | متهم بالوضع |
شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ | شعيب بن إبراهيم الكوفي | ضعيف الحديث |
السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى | السري بن يحيى التميمي | ثقة |
أَبُو بَكْرِ بْنُ سَيْفٍ | محمد بن القاسم السمسار / توفي في :305 | ثقة |
أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ | محمد بن عبد الرحمن الذهبي / ولد في :305 / توفي في :393 | ثقة |
أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ | أحمد بن محمد البغدادي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ | إسماعيل بن أحمد السمرقندي | ثقة |