أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَرَضِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي حَيَّةَ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيُّ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ ، عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنَةِ أَبِي الْقَيْنِ ، قَالَتْ : كُنْتُ آلَفُ صَفِيَّةَ مِنْ بَيْنِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَتْ تُحَدِّثُنِي عَنْ قَوْمِهَا وَمَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْهُنَّ ، قَالَتْ : أُخْرِجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ حَيْثُ أَجْلانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقَمْنَا بِخَيْبَرَ ، فَتَزَوَّجَنِي كِنَانَةُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ ، فَأَعْرَسَ بِي قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيَّامٍ ، وَذَبَحَ جُزُرًا ، وَدَعَا يَهُودَ ، وَحَوَّلَنِي فِي حِصْنِهِ بِسَلالِمَ ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَمَرًا قَدْ أَقْبَلَ مِنْ يَثْرِبَ يَسِيرُ حَتَّى وَقَعَ فِي حِجْرِي ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِكِنَانَةَ زَوْجِي ، فَلَطَمَ عَيْنِي ، فَاخْضَرَّتْ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ ، قَالَتْ : فَجَعَلَتْ يَهُودُ ذَرَارِيَهَا فِي الْكَتِيبَةِ وَجَرَّدُوا حُصُونَ النَّطَاةِ لِلْمُقَاتَلَةِ ، فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ، وَافْتَتَحَ حُصُونَ النَّطَاةِ دَخَلَ عَلَيَّ كِنَانَةُ ، فَقَالَ : قَدْ فَرَغَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَهْلِ النَّطَاةِ ، وَلَيْسَ هَهُنَا أَحَدٌ يُقَاتِلُ ، قَدْ قُتِلَتْ يَهُودُ حَيْثُ قُتِلَ أَهْلُ نَطَاةَ ، وَكَذَبَتْنَا الأَعْرَابُ ، فَحَوَّلَنِي إِلَى حِصْنِ النِّزَارِ بِالشِّقِّ ، قَالَتْ : وَهُوَ أَحْصَنُ مَا عِنْدَنَا ، فَخَرَجَ حَتَّى أَدْخَلَنِي وَابْنَةَ عَمِّي وَنُسَيَّاتٍ مَعَنَا ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا قَبْلَ الْكَتِيبَةِ ، فَسُبِيتُ فِي النِّزَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَتِيبَةِ . فَأَرْسَلَ بِي إِلَى رَحْلِهِ ، ثُمَّ جَاءَنَا حِينَ أَمْسَى ، فَدَعَانِي ، فَجِئْتُ وَأَنَا مُتَقَنِّعَةٌ حَيِيَّةٌ ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " إِنْ أَقَمْتِ عَلَى دِينِكِ لَمْ أُكْرِهْكِ ، وَإِنِ اخْتَرْتِ الإِسْلامَ وَاخْتَرْتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَكِ " ، قَالَتْ : أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالإِسْلامَ ، فَأَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَزَوَّجَنِي ، وَجَعَلَ عِتْقِي مَهْرِي . فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، قَالَ أَصْحَابُهُ : الْيَوْمَ نَعْلَمُ أَزَوْجَةٌ أَمْ سَرِيَّةٌ ؟ ، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَتُهُ فَسَيَحْجُبُهَا ، وَإِلا فَسَرِيَّةٌ ، فَلَمَّا خَرَجَ أَمَرَ بِسِتْرٍ فَسُتِرْتُ بِهِ ، فَعَرَفُوا أَنِّي زَوْجَتُهُ ، ثُمَّ قَدَّمَ إِلَيَّ الْبَعِيرَ ، وَقَدَّمَ فَخِذَهُ لأَضْعَ رِجْلِي عَلَيْهَا ، فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ ، وَوَضَعْتُ ، فَخْذِي عَلَى فَخْذِهِ ، ثُمَّ رَكِبْتُ ، فَكُنْتُ أَلْقَى مِنْ أَزْوَاجِهِ يَفْخَرْنَ عَلَيَّ بِقَوْلِهِنَّ : يَا بِنْتَ الْيَهُودِيِّ ، وَكُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَلَطَّفُ بِي وَيُكْرِمُنِي ، فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا وَأَنَا أَبْكِي ، فَقُلْتُ : أَزْوَاجُكَ يَفْخَرْنَ عَلَيَّ ، وَيَقُلْنَ : بِنْتُ الْيَهُودِيِّ ، قَالَتْ : فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ ، ثُمَّ قَالَ : " إِذَا قَالُوا لَكِ أَوْ فَاخَرُوكِ فَقُولِي : أَبِي هَارُونُ وَعَمِّي مُوسَى " .