باب ذكر عروجه الى السماء واجتماعه بجماعة من الانبياء


تفسير

رقم الحديث : 2065

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ رَاشِدُ الْحِمَّانِيُّ ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِكَ فِيهَا ، قَالَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ سورة الإسراء آية 1 ، قَالَ : فَأَخْبَرَهُمْ ، قَالَ : " بَيْنَمَا أَنَا نَائِمً عِشَاءً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَيْقَظَنِي ، فَاسْتَيْقَظْتُ ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ ، فَأَيْقَظَنِي ، فَاسْتَيْقَظْتُ ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي ، فَاسْتَيْقَظْتُ ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، فَإِذَا أَنَا بِكَهَيْئَةِ خَيَالٍ ، فَاتَّبَعْتُهُ بِبَصَرِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ أَدْنَى شَبِيهَةٍ بِدَوَابِّكُمْ هَذِهِ ، بِغَالِكُمْ هَذِهِ ، مُضْطَرِبِ الأُذُنَيْنِ ، يُقَالُ لَهُ : الْبُرَاقُ ، وَكَانَتِ الأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِمْ تَرْكَبُهُ قَبْلِي ، يَقَعُ حَافِرُهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، فَرَكِبْتُهُ ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي : يَا مُحَمَّدُ انْظُرْ إِلَيَّ أَسْأَلْكُ ، فَلَمْ أُجِبْهُ ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ . فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي : يَا مُحَمَّدُ ، انْظُرْ إِلَيَّ أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أُجِبْهُ ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ ، فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ ، انْظُرْ لِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهَا حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَأَوْقَفْتُ دَابَّتِي بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ تُوقِفُهَا بِهَا ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِإِنَائَيْنِ أَحَدُهُمَا خَمْرٌ وَالآخَرُ لَبَنٌ ، فَشَرِبْتُ اللَّبَنَ ، وَتَرَكْتُ الْخَمْرَ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ، فَقُلْتُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : مَا رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي : يَا مُحَمَّدُ ، انْظُرْ لِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أُجِبْهُ ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ . قَالَ : ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ ، أَمَا أَنَّكَ لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ ، قَالَ : وَبَيْنَمَا أَسِيرُ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، انْظُرْ لِي أَسْأَلكَ ، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ ، قَالَ : ذَاكَ دَاعِي النَّصَارَى ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا ، عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، تَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ ، انْظُرْنِي أَسْأَلْكَ ، فَلَمْ أُجِبْهَا ، وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهَا . قَالَ : تِلْكَ الدُّنْيَا ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَجَبْتَهَا أَوْ أَقَمْتَ عَلَيْهَا لاخْتَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ . قَالَ : ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ ، فَلَمْ تَرَ الْخَلائِقُ أَحْسَنَ مِنَ الْمِعْرَاجِ مَا رَأَيْتُمُ الْمَيَّتَ حِينَ يَشُقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِنَّمَا يَشُقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ عَجَبَةً بِالْمِعْرَاجِ . قَالَ : فَصَعِدْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَإِذَا بِمَلَكٍ يُقَالُ لَهُ : إِسْمَاعِيلُ ، وَهُوَ صَاحِبُ سَمَاءِ الدُّنْيَا ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلِّ جُنْدِهِ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ ، قَالَ : وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ سورة المدثر آية 31 ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ بَابَ السَّمَاءِ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : أَوَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَبَارَكَ عَلَى صُورَتِهِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَيَقُولُ : رُوحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ ، اجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارِ ، فَيَقُولُ : رُوحٌ خَبِيثَةٌ وَنَفْسٌ خَبِيثَةٌ ، اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينَ ، ثُمَّ مَضَيْتُ هُنَيَّةً فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ ، يَعْنِي الْخُوَانَ : الْمَائِدَةَ الَّتِي يُؤْكَلُ عَلَيْهَا ، عَلَيْهَا لَحْمٌ مُشَرَّحٌ ، لَيْسَ يَقْرَبُهَا أَحَدٌ ، وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ عَلَيْهَا لَحْمٌ قَدْ أَرْوَحَ وَنَتِنَ ، عِنْدَهَا نَاسٌ يَأْكُلُونَ مِنْهَا ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الْحَلالَ وَيَأْتُونَ الْحَرَامَ ، قَالَ : ثُمَّ مَضَيْتُ هُنَيَّةً ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ بُطُونُهُمْ أَمْثَالُ الْبُيُوتِ ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ ، قَالَ : وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ آلِ فِرْعَوْنَ ، قَالَ : فَتَجِيءُ السَّابِلَةُ فَتَطَؤُهُمْ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ سورة البقرة آية 275 ، قَالَ : مَضَتْ هُنَيَّةٌ ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ مَشَافِرُهُمْ كَمَشَافِرِ الإِبِلِ ، قَالَ : فَيُفْتَحُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيُلْقَوْنَ ذَلِكَ الْخَمْرَ ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ ، فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا سورة النساء آية 10 . قَالَ : ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ ، فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ يُعَلَّقْنَ بِثُدِيِّهِنَّ ، فَسَمِعْتُهُنَّ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ النِّسَاءُ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الزُّنَاةُ مِنْ أُمَّتِكَ . قَالَ : ثُمَّ مَضَيْتُ هُنَيَّةً ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ يُقْطَعُ مِنْ جُنُوبِهِمُ اللَّحْمُ فَيُلْقَمُونَ ، فَيُقَالُ لَهُ : كُلْ كَمَا كُنْتَ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أَخِيكَ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الْهَمَّازُونَ مِنْ أُمَّتِكَ اللَّمَّازُونَ . ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ فُضِّلَ عَلَى النَّاسِ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ . ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِيَحْيَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِمَا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَا عَلَيَّ . ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ قَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ مَكَانًا عَلِيًّا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ . قَالَ : ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَنِصْفُ لِحْيَتِهِ بَيْضَاءَ وَنِصْفُهَا سَوْدَاءُ تَكَادُ لِحْيَتُهُ تُصِيبُ سُرَّتَهُ مِنْ طُولِهَا ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ . ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ رَجُلٍ آدَمَ كَثِيرِ الشَّعْرِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَنَفَذَ شَعْرُهُ دُونَ الْقَمِيصِ ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ : يَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا ، بَلْ هُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي ، قَالَ : قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ، قَالَ : وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، قَالَ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ . ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ سَانِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ ، قَالَ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ . وَإِذَا أَنَا بِأُمَّتِي شَطْرَيْنِ : شَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيسُ ، وَشَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ . قَالَ : فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ وَدَخَلَ مَعِي الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْبِيضُ ، وَحُجِبَ الآخَرُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ ، وَهُمْ عَلَى خَيْرٍ ، فَصَلَّيْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِيَ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِيَ ، قَالَ : وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قَالَ : ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، فَإِذَا كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْهَا تَكَادُ أَنْ تُغَطِّيَ هَذِهِ الأُمَّةَ ، فَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي ، يُقَالُ لَهَا : سَلْسَبِيلُ ، فَيَنْشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ أَحَدُهُمَا الْكَوْثَرُ ، وَالآخَرُ يُقَالُ لَهُ : نَهْرُ الرَّحْمَةِ ، فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ . ثُمَّ إِنِّي رُفِعْتُ إِلَى الْجَنَّةِ فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ أَنْتِ يَا جَارِيَةُ ؟ قَالَتْ : لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَإِذَا أَنَا بِأَنْهَارٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَأَنْهَارٍ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، وَأَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ، وَإِذَا رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلاءُ عِظَمًا ، وَإِذَا أَنَا بِطَيْرِهَا كَأَنَّهَا بُخْتُكُمْ هَذِهِ ، فَقَالَ عِنْدَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْهُ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْهُ ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ . قَالَ : وَعُرِضْتُ عَلَى النَّارِ ، فَإِذَا فِيهَا غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى وَزَجْرُهُ ، ونِقْمَتُهُ ، لَوْ طُرِحَ فِيهَا الْحِجَارَةُ وَالْحَدِيدُ لأَكَلَتْهَا ، ثُمَّ أُغْلِقَتْ دُونِي ، ثُمَّ إِنِّي رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى سورة النجم آية 16 ، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، قَالَ : وَنَزَلَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ . قَالَ : وَقَالَ : فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاةً ، وَقَالَ : لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرًا ، إِذَا هَمَمْتَ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ تَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَكَ حَسَنَةً ، وَإِذَا عَمِلْتَهَا كُتِبَتْ لَكَ عَشْرًا ، وَإِذَا هَمَمْتَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَمْ تَعْمَلْهَا فَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكَ شَيْءٌ ، فَإِنْ عَمِلْتَهَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ سَيِّئَةً وَاحِدَةً . ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ؟ قُلْتُ : بِخَمْسِينَ صَلاةً ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ ، وَمَتَى لا تُطِيقُهُ تَكْفُرُ ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ، فَقُلْتُ : يَا رَبِّ ، خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي ، فَإِنَّهَا أَضْعَفُ الأُمَمِ ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرَةً ، وَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ ، فَمَا زِلْتُ أَخْتَلِفُ بَيْنَ مُوسَى وَرَبِّي كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَيْهِ ، قَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : بِمَ أُمِرْتَ ؟ فَقُلْتُ : أُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ، فَقُلْتُ : أَيْ رَبِّ ، خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي ، فَإِنَّهَا أَضْعَفُ الأُمَمِ ، فَوَضَعَ عَنِّي خَمْسًا ، وَجَعَلَهَا خَمْسًا ، فَنَادَانِي مَلَكٌ عِنْدَهَا : تَمَّتْ فَرِيضَتِي ، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي ، وَأَعْطَيْتُهُمْ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : بِمَ أَتَيْتَ ؟ قُلْتُ : بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّهُ لا يَئُودُهُ شَيْءٌ ، فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ ، فَقُلْتُ : رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُهُ . ثُمَّ أَصْبَحَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِالْعَجَائِبِ : إِنِّي أَتَيْتُ الْبَارِحَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسَ ، وَعُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ، وَرَأَيْتُ كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا ، فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ : أَلا تَعْجَبُونَ مِمَّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَتَى الْبَارِحَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ أَصْبَحَ فِينَا ، وَأَخَذْنَا بِضَرْبِ مَطِيَّتِهِ مُصْعِدَةً شَهْرًا ، وَمُنْقَلِبَةً شَهْرًا ، فَهَذَا مَسِيرَةُ شَهْرَيْنِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، قَالَ : فَأَخْبَرَهُمْ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ ، لَمَّا كَانَ فِي مَصْعَدِي رَأَيْتُهَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّهَا نَفَرَتْ ، فَلَمَّا رَجَعَتْ رَأَيْتُهَا عِنْدَ الْعَقَبَةِ . فَأَخْبَرَهَمُ بِكُلِّ رَجُلٍ وَبَعِيرُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَمَتَاعُهُ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : يُخْبِرُنَا بِأَشْيَاءَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَكَيْفَ مَاؤُهُ ، وَكَيْفَ هَيْئَتُهُ ، وَكَيْفَ قُرْبُهُ مِنَ الْجَبَلِ ؟ فَإِنْ يَكُنْ مُحَمَّدٌ صَادِقًا فَسَأُخْبِرُكُمْ ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَسَأُخْبِرُكُمْ ، فَجَاءَهُ ذَلِكَ الْمُشْرِكُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَأَخْبِرْنِي كَيْفَ بِنَاؤُهُ ؟ وَكَيْفَ هَيْئَتُهُ ؟ وَكَيْفَ قُرْبُهُ مِنَ الْجَبَلِ ؟ قَالَ : فَرُفِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتُ الْمَقْدِسِ مِنْ مَقْعَدِهِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَنَظَرِ أَحَدِنَا إِلَى بَيْتِهِ ، بِنَاؤُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَقُرْبُهُ مِنَ الْجَبَلِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ الآخَرُ : صَدَقْتَ ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : صَدَقَ مُحَمَّدٌ فِيمَا قَالَ ، وَنَحْوٌ مِنْ هَذَا الْكَلامِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

صحابي

أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ

متروك الحديث

أَبُو مُحَمَّدٍ رَاشِدُ الْحِمَّانِيُّ

صدوق حسن الحديث

عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ

صدوق حسن الحديث

أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ

صدوق حسن الحديث

أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ

ثقة حافظ

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ

ثقة حافظ

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ

ثقة