أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْن مَنْصُور ، أنا أَبِي أَبُو الْعَبَّاس الفقيه ، نا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْوَهَّابِ بْن عَلِيّ بْن نَصْر الْمَالِكِيّ الْقَاضِي ، نا أَبُو الفتح يُوسُف بْن عُمَرَ القواس ، نا أَبُو طالب عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن شهاب ، قراءة سمعته من لفظه من أصله ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بن مُحَمَّد بْن خَالِد ، نا إِبْرَاهِيم بن بشار الطويل صاحب إِبْرَاهِيم بن أدهم ، قَالَ : سَأَلْت إِبْرَاهِيم بن أدهم ، قلت : يا أبا إِسْحَاق ، كيف كَانَ أوائل أمرك حتى صرت إِلَى ما صرت إِلَيْهِ ؟ قَالَ : غير هَذَا أولى بك من هَذَا ، قلت : هُوَ كما تقول ، رحمك اللَّه ، لعل اللَّه ينفعنا بِهِ يوما ، ثُمَّ سألته الثانية ، قَالَ : لا ، ويحك اشتغل بِاللَّهِ ، فقلت له الثالثة : إن رأيت رحمك اللَّه ، لعل اللَّه ينفعني بِهِ يوما ما ، قَالَ : كَانَ أَبِي من ملوك خراسان ، وكان من المياسير ، وكان قد حبب إِلَى الصيد ، فبينا أنا راكب فرسي وكلبي معي ، فأثرت ثعلبا أو أرنبا ، شك إِبْرَاهِيم ، فحركت فرسي ، فأسمع نداء من ورائي : يا إِبْرَاهِيم ، ليس لهذا خلقت ، ولا بهذا أمرت ، فوقفت أنظر يمنة ويسرة ، فلم أر أحدا ، قلت : لعن اللَّه إبليس ، ثُمَّ حركت فرسي ، فأسمع نداء أجهر من الأول : يا إِبْرَاهِيم ليس لهذا خلقت ، ولا بهذا أمرت ، فوقفت مستمعا أنظر يمنة ويسرة ، فلم أر أحدا ، فقلت : لعن اللَّه إبليس ، ثُمَّ حركت فرسي ، فأسمع من قربوس سرجه : يا إِبْرَاهِيم بن أدهم ، وَاللَّه ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت ، فوقفت فقلت : هيهات هيهات ، جاءني النذير من رب العالمين ، وَاللَّه لا عصيت ربي بعد يومي هَذَا ما عصمني ربي ، فتوجهت إِلَى أهلي ، فجانبت فرسي ، وجئت إِلَى بعض رعاة أَبِي ، وأخذت منه جبته وكساء ، وألقيت ثيابي إِلَيْهِ ، فلم تزل أرض ترفعني وأرض تضعني ، حتى صرت إِلَى بلاد العراق ، فعملت بها أياما ، فلم يصف لي شيء من الحلال ، فسألت بعض المشايخ عَنِ الحلال فَقَالُوا : إن أردت الحلال فعليك ببلاد الشام ، فصرت إِلَى مدينة يقال لها : المنصورة ، وَهِيَ المصيصة ، فعملت بها أياما ، فلم يصف لي شيء من الحلال ، فسألت بعض المشايخ عَنِ الحلال فَقَالَ لي : إِذَا أردت الحلال فعليك بطرسوس ، فإن بها المباحات والعمل الكثير ، فبينما أنا كذلك قاعد عَلَى باب البحر ، جاءني رجل فاكتراني أنظر إِلَيْهِ بستان ، فتوجهت معه ، فمكثت فِي البستان أياما كثيرة ، فَإِذَا أنا بخادم قد أقبل ومعه أصحاب له ، ولو علمت أن البستان لخادم ما نظرته ، فقعد فِي مجلسه هُوَ وأصحابه ، فَقَالَ : يا ناطور ، يا ناطور ، فأجبته فَقَالَ : اذهب فائتنا بخير رمان تقدر عَلَيْهِ وأطيبه ، فأتيته ، فأخذ الخادم رمانة وكسرها ، فوجدها حامضة ، فَقَالَ : ناطور ، أنت مذ كذا وكذا فِي بستاننا ، تأكل من فاكهتنا ورماننا ، ما تعرف الحلو من الحامض ؟ قلت : وَاللَّه ما أكلت من فاكهتكم شيئا ، ولا أعرف الحلو من الحامض ، قَالَ : فغمز الخادم أصحابه ، وقال : ما تعجبون من كلام هَذَا ، وقال لي : تراك لو كنت إِبْرَاهِيم بن أدهم زدت عَلَى هَذَا ، فلما كَانَ من الغد حَدَّثَ الناس فِي المسجد بالصفة ، وما كَانَ فجاء الناس عنقا إِلَى البستان ، فلما رأيت كثرة الناس اختفيت ، الناس داخلون وأنا هارب منهم ، فهذا ما كَانَ أوائل أمري .
الأسم | الشهرة | الرتبة |