ابراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد...


تفسير

رقم الحديث : 5036

قرأت بخط أَبِي الحسين الرازي ، أخبرني أَبُو الطيب مُحَمَّد بْن حميد بْن سليمان الكلابي ، نا جعفر بْن علي بْن سهل البغدادي ، نا مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن أَبُو بكر الخطيب ، نا علي بْن المغيرة الأثرم ، نا أَبُو إسحاق إِبْرَاهِيم بْن المهدي ، قال : كان سبب ولايتي دمشق أن الهادي زوجني أم مُحَمَّد بنت صالح بْن المنصور ، وأمها أم عَبْد اللَّه ابنة عيسى بْن علي بْن عَبْد اللَّه بْن العباس ، وكان لي سبع سنين ، ثم إني قبل انسلاخ اثنتي عشرة سنة من مولدي أدركت ، فاستحثتني أم عَبْد اللَّه ابنة عيسى بْن علي على الابتناء بأم مُحَمَّد ابنة صالح ، فاستأذنت الرشيد في ذلك ، فأعلمني أن العباسة أخته قد شهدت عليك أنك حلفت يمينا بطلاقها لحقك فيها الحنث . قال إِبْرَاهِيم : وكانت البلية في هذا الباب أن الرشيد رغب في تزويج أم مُحَمَّد ، وأراد مني أن أطلقها ، فامتنعت عليه من طلاقها ، فتغير علي في الخاصة ، ولم يقصر بي في العامة ، فلم أزل في جفوة منه في الخاصة ، وسوء رأي ، ويتأدى إلي عنه أشياء ، وأشاهد بما يظهر منه إلي أن استتممت ست عشرة سنة ، وصح عندي رغبة أم مُحَمَّد في الرشيد ، وعلمت أنها لا تصلح لي فطلقتها ، فلم يكن بين تطليقي إياها ، وبين ابتناء الرشيد بها إلا مقدار العدة ، ثم رجع لي الرشيد إلى ما كنت أعهده من بره ولطفه قبل ذلك . وحدثني إِبْرَاهِيم بْن المهدي أن تطليقه أم مُحَمَّد ابنة صالح بْن المنصور ، وعقد الرشيد نكاحها لنفسه بعده أسكنا قلبه غمرا على الرشيد خامره ، فكان لا يستحسن له حسنا ، ولا يشكر له فعلا جميلا يأتيه إليه ، وكان الرشيد قد تبين ذلك منه ، فكانت تعطفه عليه الرحم ، ويصلح ذلك له جعفر بْن يحيى بْن خالد بْن برمك ، إلى أن دخل إِبْرَاهِيم في سنة ثماني عشرة سنة من مولده ، فلما دخل في أول السنة رأى فيما يرى النائم في ليلة سبت - قد كان يريد بالغلس الركوب إلى الرشيد إلى الحلبة في صبيحتها بقصره في ظهر الرافقة - فيما يرى النائم المهدي في النوم ، فكأنه قال له : كيف حالك يا إِبْرَاهِيم ؟ فأجابه ، وكيف يكون حال من خليفتك عليه هارون ، إلا شر حال ظلمني حقي من ميراثك ، وقطع رحمي ، ولم يحفظني لك ، واستنزلني عن ابنة عمي ، فكأنه يقول لي : لقد اضطغنت عليه أشياء أقل منها يضغن ، وشر من قطيعة الرحم الاضطغان على ذوي الأرحام ، فما تحب الآن أن أفعل به ؟ فقلت : تدعو اللَّه عليه ، فكأنه تبسم من قولي ، ثم قال : اللهم أصلح ابني هارون ، اللهم أصلح عبدك هارون ، قال إِبْرَاهِيم : فكأني حزنت من دعائه له بالصلاح ، فبكيت ، وقلت : يا أمير المؤمنين أسألك أن تدعو اللَّه عليه ، فتدعو له ؟ قال : فكأنه يقول لي : إنما ينبغي للعبد أن يدعو بما ينتفع به ، ويرجو فيه الإجابة ، وإن دعوت اللَّه عليه فاستجاب لي ، لم ينفعك ذلك ، وقد دعوت اللَّه له بالصلاح ، وإن استجيب دعائي بصلاحه ، صلح لك ، فانتفعت به ، ثم ولى عني ، ثم التفت إلي ، فقال لي : قد استجيبت الدعوة ، وهو قاض عنك دينك ، وموليك جند دمشق ، وموسع عليك في الرزق ، فاتق اللَّه يا إِبْرَاهِيم فيمن تتقلد أمره . قال : فكأني أقول له - وأنا أدير السبابة من يدي اليمنى - دمشق دمشق دمشق ، قال : فكأنه يقول لي : حركت مسبحة يدك اليمنى ، وقلت : دمشق دمشق دمشق تكررها استقلالا لها ، إنها دنيا يا بني ، وكل ما قل حظك منها كان أجدى عليك في آخرتك ، وانتبهت مرعوبا ، فاغتسلت ولبست ثيابي ، وركبت إلى الرشيد ، إلى قصر الخشب بالرافقة ، وكنت لا أحجب عنه إذا لم يكن عنده حرمه ، فسألت عند موافاتي القصر عن خبره ، فأخبرت أنه يتهيأ للصلاة ، فلما صرت إلى الرواق الذي هو جالس فيه ، قال لي مسرور الكبير : اجلس بأبي أنت ، لا تدخل على أمير المؤمنين ، فإنه مغموم يبكي لشيء لا أعلمه ، فما هو إلا أن سمع كلامي حتى صاح بي : يا إِبْرَاهِيم ادخل فديتك ، ، فما هو إلا أن رأني حتى شهق شهقة تخوفت عليه منها ، ورفع صوتة بالبكاء ، ثم قال : يا حبيبي ، ويا بقية أَبِي ، وكان يقول لي كثيرا : يا بقية أَبِي ، لشدة شبه إِبْرَاهِيم بالمهدي في لونه وعينيه وأنفه - أسألك بحق اللَّه وحق رسوله ، وحق المهدي ، هل رأيت في نومك في هذه الليلة أحدا تحبه ؟ فقلت : إي ، والله يا أمير المؤمنين ، لقد رأيت أنفا المهدي ، قال : فبحقه عليك ، هل شكوتني إليه ؟ وسألته أن يدعو اللَّه علي فدعا اللَّه لي بالصلاح ، فأنكرت ذلك عليه ، حتى قال لك في ذلك قولا طويلا ؟ فقلت له : وحق المهدي لقد كان ذلك ، ولقد أخبرني بعد دعائه أن اللَّه قد استجاب دعاءه ، وأنك قد صلحت لي ، وأنك تقضي ديني ، وتوسع علي في الرزق ، وتوليني دمشق ، قال : فازداد الرشيد في البكاء ، وقال : قد - وحقه الواجب علي - أمرني بقضاء دينك ، والتوسعة في الرزق عليك ، وتوليتك جند دمشق ، ثم دعا بمسرور ، وقال : أحمل معك قناة ولواء إلى ميدان الخيل ، حتى أعقد لبقية أَبِي على جند دمشق إذا رجعت الخيل . فصلى ، وركب وركبت معه ، فلما رجعت الخيل عقد لي على دمشق ، وأمر لي بأربعين ألف دينار ، فقضيت بها ديني ، وأجرى علي في كل سنة ثلاثين ألف دينار عمالة ، فلبثت في العمل سنتين ارتزقت فيهما ستين ألف دينار ، فصار مرزقي من تلك الولاية مع ما قضى عني من الدين مائة ألف دينار .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.