أخبرنا أَبُو غالب بْن البنا ، أنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الآبنوسي ، أنا عُبَيْد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى ، نا إسماعيل بْن علي بْن إسماعيل ، قال : وبايع أهل بغداد لإبراهيم بْن المهدي بالخلافة ببغداد في داره المنسوبة إليه في ناحية سوق العطش ، وسموه المبارك ، وقيل : سموه المرضي ، وذلك يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم سنة اثنتين ومائتين ، فغلب على الكوفة والسواد ، وخطب له على المنابر ، وعسكر بالمدائن ، ثم رجع إلى بغداد ، فأقام بها ، والحسن بْن سهل مقيما في حدود ، واسط خليفة للمأمون ، والمأمون ببلاد خراسان ، فلم يزل إِبْرَاهِيم مقيما ببغداد على أمره يدعى بإمرة المؤمنين ، ويخطب له على منبر بغداد ، وما غلب عليه من السواد والكوفة ، ثم رحل المأمون متوجها إلى العراق ، وقد توفي علي بْن موسى الرضا ، فلما أشرف المأمون على العراق ، وقرب من بغداد ضعف أمر إِبْرَاهِيم بْن المهدي ، وقصرت يده ، وتفرق الناس عنه ، فلم يزل على ذلك إلى أن حضر الأضحى من سنة ثلاث ومائتين ، فركب إِبْرَاهِيم بْن المهدي في زي الخلافة إلى المصلى ، فصلى بالناس صلاة الأضحى وهو ينظر إلى عسكر علي بْن هشام مقدمة للمأمون ، ثم انصرف من الصلاة ، فنزل قصر الرصافة ، وغدا الناس فيه ، ومضى من يومه إلى داره المعروفة به ، فلم يزل فيها إلى آخر النهار ، ثم خرج منها بالليل ، فاستتر وانقضى أمره . فكانت مدته منذ بويع له بمدينة السلام إلى يوم استتاره سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيام ، وكان سنه يوم بويع له تسع وثلاثون سنة ، وشهرين وخمسة أيام ، لأن مولده غرة ذي القعدة من سنة اثنتين وستين ومائة ، واستتر وسنه إحدى وأربعون سنة وأيام ، وأقام في استتاره ست سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام ، وظفر به المأمون لثلاث عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة عشر ومائتين ، فعفا عنه واستبقاه ، فلم يزل حيا طاهرا مكرما إلى أن توفي في خلافة المعتصم بالله ، وكان واسع الأدب كثير الشعر .