قرأت بخط أَبِي الحسن رشأ بْن نظيف ، وأنبأنيه أَبُو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ عَنْهُ ، أنا أَبُو أحمد عبيد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي مسلم الفرضي ، حَدَّثَنَا أَبُو طاهر عبد الواحد بْن عمر بْن أَبِي هاشم المقرئ ، حَدَّثَنَا إسماعيل بْن يونس ، حَدَّثَنَا محمد بْن الجهم ، قَالَ : سئل الفراء يحيى بْن زياد القيسي النحوي عن أشعر العرب ؟ فأبى أن يقول ، فقيل لَهُ : إنك لهذا موضع ، فقل ، فَقَالَ : كَانَ زهير بْن أَبِي سلمى واضح الكلام مكتفية بيوته ، البيت منها بنفسه كاف ، وكان جيد المقاطع ، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء والمقطع ، تعرف فِي شعره قدرته عَلَى الشعر ، لم يخالطه ضعف الحداثة ، وكان امرؤ القيس شاعرهم الَّذِي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم ، وإنه كَانَ خارجا من حد الشعر يعرفهم ، وكان لطرفة شيء ليس بالكثير ، وليس كما يذهب إِلَيْهِ بعض الناس لحداثته ، وكان لَوْ متع بسن حتى يكثر معه شعره كَانَ خليقا أن يبلغ المبالغ ، وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء ، وكان الحطيئة نقي الشعر ، قليل السقط ، حسن الكلام مستويه ، وكان لبيد ، وابن مقبل يجريان مجرى واحدا فِي خشونة الكلام وصعوبته ، وليس ذَلِكَ محمود عند أهل الشعر ، وأهل العربية يشتهونه لكثرة غريبه ، وليس يجود الشعر عند أهله حتى يكون صاحبه يقدر عَلَى تسهيله وإيضاحه ، فإذا نزلت عن هؤلاء فجرير والفرزدق ، فهما اللذان فتقا الشعر ، وعلما الناس ، وكادا يكونان خاتمي الشعر ، وكان ذو الرمة مليح الشعر يشبه فيجيد ويحسن ، ولم يكن هجاء ولا مداحا ، وليس الشعر إلا من هجا فوضع ، أو مدح فرفع ، كالحطيئة والأعشى ، فإنهما كانا يرفعان ويضعان ، ثم قَالَ الفراء : والله الرافع الواضع .
الأسم | الشهرة | الرتبة |