أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْل الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الكلابي ، وَأَبُو تراب حيدرة بْن أَحْمَد ، وَأَبُو مُحَمَّد بْن الأَكْفَانِيّ ، قَالُوا : أنا أَبُو بكر الخطيب ، أنا أَبُو الْحَسَن بْن رزقويه ، أنا أَحْمَد بْن سندي ، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن علي القطان ، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن بِشْر ، عَنْ إدريس بْن بنت وهب بْن منبه ، عَنْ وهب بْن منبه ، وزاد فيه : إن إبليس طار فِي المردة ، فأتى مشارق الأرض ومغاربها ، لينظر هل يجد عبدا لله عَزَّ وَجَلَّ مخلصا يثني على ربه فيغويه ؟ قَالَ : فأتاه نداء : يا لعين ، أتعلم أَن أَيُّوب عليه السلام عبد صَالِح مخلص لله عَزَّ وَجَلَّ ، لا تستطيع أَن تغويه ، قَالَ : يا رب ، إن أَيُّوب قد أعطيته من المال والولد والسعة وقرة العين فِي الدنيا إِذَا نظر إليه ، فلا يستطيع أحد أَن يغويه ، ولكن سلطني على ماله وولده ، وَكَانَ لَهُ ثلاثة عشر ولدا ذكورا كلهم ، وكانوا من رحمة بنت منشا بْن يُوسُف بْن يَعْقُوب بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم عليه السلام ، فَقَالَ : سلطني عليهم ، فترى أَيُّوب كيف يطيعني ويعصيك ، ويؤمن بي ويكفر بك ؟ فَقَالَ : اذهب ، فقد سلطتك على ماله وولده ، قَالَ : فرجع إبليس إِلَى مجلسه ، وجمع شياطينه ومردته ، فَقَالُوا : سيدنا ، لم حشرتنا وجمعتنا ودعوتنا ؟ قَالَ : ألا ترون هَذَا العبد الَّذِي أثنى عليه ربه ومدحه ، وزعم أني لا أستطيع أَن أغويه ، وقد سلطني على ماله وولده ؟ فَقَالُوا جميعا : نحن عونك عليه ، قَالَ : فما عندكم ؟ فقامت طائفة منهم مثل الجيش العظيم ، معهم عواصف الريح ، وقام قوم منهم صاحوا صيحة خرجت لأفواههم كلهب النيران ، وقام قوم منهم صاحوا صيحة رجفت الأرض منها . فَقَالَ للذين جاءوا بعواصف الريح : انطلقوا إِلَى دواب أَيُّوب وغنمه ورعاته ، فاحتملوها حَتَّى تقذفوها فِي البحر ، وأنا منطلق إليه فِي صورة قيمه بشأنهم فأغويه ، قَالَ : فانطلقوا فجاءوا بالرياح من أركان الأرض فعصفتهم ، ثُمَّ احتملتهم حَتَّى قذفتهم فِي البحر فغرقتهم ، فجاء إبليس فِي صورة قيمه إِلَى أَيُّوب ، وَهُوَ قائم يصلي ، فَقَالَ : يا أَيُّوب ، ألا أراك قائما تصلي ، وقد أقبلت ريح عاصف ، فاحتملت دوابك برعائها ، فعصفتها فقذفتها فِي البحر فغرقتها ، وأنت قائم تصلي ؟ قَالَ : فلم يرد عليه شيئا حَتَّى فرغ من صلاته ، فَقَالَ : الحمد لله الَّذِي رزقنيه ، ثُمَّ قبله مني كالقربان النقي يقربه صاحبه ، وميزك منهم كما يميز الزوان من القمح ، قَالَ : فانصرف خاليا فدعا الذين يخرج من أفوههم كلهب النيران ، فَقَالَ : انطلقوا إِلَى جنان أَيُّوب وزرعه ، فاحرقوها حَتَّى اذهب أنا إليه فِي صورة قيمه فأغويه ، فانطلقوا فصاحوا صيحة فوهجت نارا من أفواههم كأنها لهب النار ، فأتت على جنانه ، ومزارعه ومعائشه ، فصارت كالرميم ، وجاء إبليس فِي صورة قيمه فسلم ، وأيوب قائم يصلي ، فَقَالَ : يا أَيُّوب ، ألا أراك قائما تصلي ، وقد جاء الحريق فأتى على جنانك ، ومزارعك ومعايشك كلها فصارت كالرميم ؟ فلم يرد عليه شيئا حَتَّى فرغ من صلاته ، فَقَالَ : الحمد لله الَّذِي رزقنيه ثُمَّ قبضه مني كالقربان النقي يقربه صاحبه ، وميزك منه كما يميز الزوان من القمح ، ولو كَانَ فيك خير لقبضك معهم ، ثُمَّ أقبل على صلاته ، فرجع إبليس ، فدعا هؤلاء الذين يزيلون الأرض بصيحتهم ، فَقَالَ : اذهبوا إِلَى منازل أَيُّوب حَتَّى تزلزلوا بهم ، وترمسوا فيها ولده وخدمه ، قَالَ : فانطلقوا ، فصاحوا صيحة عظيمة ، جعلوا دكة واحدة ، ثُمَّ جاء إبليس إِلَى أَيُّوب فِي صورة حاضن ولده ، فَقَالَ : يا أَيُّوب ، إنه قد جاءت صيحة ، فطارت منازلك دكة واحدة ، فما بقي لك ولد ولا خادم إلا رمس تحته ، وأنت قائم تصلي ؟ قَالَ : فانصرف ، فَقَالَ : الحمد لله الَّذِي هُوَ رزقنيهم وقبضهم مني كالقربان النقي ، وميزك من بينهم كما يميز الزوان من القمح ، ولو كَانَ فيك خير لقبضك معهم ، فانصرف إبليس عدو اللَّه خائبا منكسرا ، فأتاه نداء : كيف رأيت عبدي أَيُّوب ؟ قَالَ : يا رب ، إن أَيُّوب قد علم أنك ستعوضه بكل واحد اثنتين ، ولكن سلطني على جسده ، فسوف ترى كيف يطيعني ويعصيك ، ويؤمن بي ويكفر بك ، قَالَ : اذهب فقد سلطتك على جسده من غير أَن أسلطك على روحه ، فجاء فنفخ فِي إبهام قدميه ، قَالَ : فاشتعل فيه مثل النار .
الأسم | الشهرة | الرتبة |