أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُقَاتِلٍ ، أنا جَدِّي أَبُو مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْحَدِيدِ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ ، يَقُولُ : لَمَّا حَضَرَتْ أَيُّوبَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَفَاةُ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَلِيُّ عَهْدِهِ ، دَخَلَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ ، وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ ، وَسَعْدُ بْنُ عُقْبَةَ ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ ، ثُمَّ نَظَرَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ مَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ أَن يَسْبِقَ إِلَى قَلْبِهِ الْوَجْدُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ ، وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ أَضْرَابٌ : فَمِنْهُمْ مَنْ يَغْلِبُ صَبْرُهُ عَلَى جَزَعِهِ ، فَذَلِكَ الْجَلِدُ الْحَازِمُ الْمُحْتَسِبُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْلِبُ جَزَعُهُ عَلَى صَبْرِهِ ، فَذَلِكَ الْمَغْلُوبُ الضَّعِيفُ الْعُقْدَةَ ، وَلَيْسَتْ مِنْكُمْ حِشْمَةٌ ، فَإِنِّي أَجِدُ فِي قَلِبي لَوْعَةً ، إِنْ أَنَا لَمْ أُبَرِّدْهَا بِعَبْرَةٍ خِفْتُ أَن يَتَصَدَّعَ كَبِدِي . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، الصَّبْرُ أَوْلَى بِكَ ، فَلا تَحْفَظَنَّ ، قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ : فَنَظَرَ إِلَيَّ وَإِلَى رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ نَظَرَ مُسْتَعْتِبٍ يَرْجُو أَن يُسَاعِدَهُ عَلَى مَا أَرَادَ مِنَ الْبُكَاءِ ، فَأَمَّا أَنَا فَكَرِهْتُ أَمْرَهُ وَأَنْهَاهُ ، وَأَمَّا رَجَاءٌ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَافْعَلْ فَإِنِّي لا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا مَا لَمْ تَأْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمُفْرِطَ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَجْدُهُ ، وَجَعْلَتْ عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ ، قَالَ : " تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ ، وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ ، وَإِنَّا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ " ، قَالَ : فَأَرْسَلَ عَيْنَيْهِ فَبَكَى حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ نِيَاطَ قَلْبِهِ قَدِ انْقَطَعَ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، لِرَجَاءٍ : يَا رَجَاءُ ، مَا صَنَعْتَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : دَعْهُ يَقْضِ مِنْ بُكَائِهِ وَطَرًا ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ صَدْرِهِ مَا تَرَى خِفْتُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى نَفْسِهِ ، قَالَ : ثُمَّ رَقَأَتْ عَبْرَتُهُ ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا حَتَّى قَضَى أَيُّوبُ ، وَأَمَرَ بِجِهَازِهِ ، وَخَرَجَ يَمْشِي أَمَّام الْجِنَازَةُ ، فَلَمَّا دَفَنَّاهُ وَحَثَا التُّرَابَ عَلَيْهِ ، وَقَفَ قَلِيلا لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : وُقُوفٌ عَلَى قَبْرٍ مُقِيمٍ بِقَفْرَةٍ مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقِ ثُمَّ قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَيُّوبُ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ : كُنْتَ لَنَا أُنْسًا فَفَارَقْتَنَا فَالْعَيْشُ مِنْ بَعْدِكَ مُرُّ الْمَذَاقْ ثُمَّ قَالَ : أَدْنِ مِنِّي دَابَّتِي يَا غُلامُ ، فَرَكِبَ ، ثُمَّ عَطَفَ رَأْسَ دَابَّتِهِ إِلَى الْقَبْرِ ، وَقَالَ : لَئِنْ صَبَرْتُ فَلَمْ أَلْفُظْكَ مِنْ شِبَعٍ وَإِنْ جَزَعْتُ فَعِلْقٌ مُنْفِسٌ ذَهَبَا وَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : الصَّبْرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ وَسِيلَةً ، وَلَيْسَ الْجَزَعُ بِمُحْيِي مَنْ مَاتَ ، وَلا رَادٍّ مَا فَاتَ ، قَالَ : صَدَقْتَ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ، كَذَا قَالَ ، وَالصَّوَابُ سَعِيدُ بْنُ عُقْبَةَ ، وَهُوَ كَاتِبٌ مِنْ كُتَّابِ بَنِي أُمَيَّةَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
رَجَاءٌ | رجاء بن حيوة الكندي | ثقة |
الزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ | الزبير بن بكار الأسدي | ثقة |
أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ | يعقوب بن محمد الزهري / توفي في :213 | متهم بالوضع |
أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ | محمد بن جعفر الخرائطي / توفي في :327 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْحَدِيدِ | محمد بن أحمد العدل / ولد في :308 / توفي في :405 | ثقة |
أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ | الحسن بن علي الأهوازي | متهم بالكذب |
أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُقَاتِلٍ | نصر بن أحمد السوسي / توفي في :548 | مقبول |