قرأت بخط أَبِي الْحَسَن رشأ بْن نظيف ، وأنبأنيه أَبُو الْقَاسِم النسيب ، وَأَبُو الوحش المقرئ عنه ، قال : أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الرزاق بْن أَحْمَد بْن عبد الحميد ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّه بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن ورد ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن حميد البصري الْقَاضِي ، حَدَّثَنِي العباس بْن الْفَرَج أَبُو الْفَضْل الرياشي ، حَدَّثَنِي الأصمعي ، قَالَ: قَالَ حَمَّاد بْن سَلَمَة : قَالَ علي بْن زيد بْن جدعان : قَالَ الْحَسَن : قدم عَلَيْنَا بِشْر بْن مَرْوَان البصرة وَهُوَ أبيض بض أخو خَلِيفَة ، وابن خَلِيفَة ، وولي على العراق ، فأتيت داره ، فلما نظر إلي الحاجب ، قَالَ : يا شيخ ، من أنت ؟ قلت : الْحَسَن البصري ، قَالَ : فأدخل إِلَى الأمير ، وإياك أَن تطيل الحديث معه ، واجعل الكلام الَّذِي يسود بينك وبينه جوابا ، ولا تملنه من المجالسة ، فتثقل عليه ، قَالَ : فدخلت وإذ بِشْر على سرير عليه فرش ، قد كَانَ أَن يغوص فيها ، وإذا رجل متكئ على سيف قائم على رأسه ، فسلمت عليه ، فَقَالَ : من أنت يا شيخ ؟ أعرفك ؟ قلت : الْحَسَن البصري الْفَقِيه ، قَالَ : أفقيه هذه المدرة ؟ قَالَ : قلت : نعم أيها الأمير ، قَالَ : فاجلس ، ثُمّ قَالَ لِي : ما تقول فِي زكاة أموالنا ، أندفعها إِلَى السلطان أم إِلَى الفقراء ؟ قلت : أي ذَلِكَ فعلت أجزأ عنك ، قَالَ : فتبسم ، ثُمَّ رفع رأسه إِلَى من كَانَ على رأسه ، فَقَالَ : لشيء ما يسود ؟ ثُمَّ جعل يديم النظر إلي ، فإذا أملت طرفي إليه صرف بصره عني ، وإذا أطرقت أبد فِي نظره ، قَالَ : ثُمَّ قلت : فاستأذنت فِي الانصراف ، فَقَالَ لِي : مصاحبا محفوظا ، قَالَ : ثُمَّ عدت بالعشي ، وإذا هُوَ قد انحدر من سريره إِلَى صحن مجلسه ، وإذا الأطباء حواليه ، وإذا هُوَ يتململ تململ التسليم ، فقلت : ما للأمير ؟ قَالُوا : محموم ، ثُمَّ عدت من غد ، وإذا الناعية تنعاه ، وإذا الدواب قد جزوا نواصيها ، قلت : ما للأمير ؟ قَالُوا : مات فحمل ودفن فِي جانب الصحراء ، فجاء الفرزدق ، ووقف على قبره ، فَقَالَ : أعيني إلا تسعداني ألمكما فما بعد بِشْر من عزاء ولا صبر ألم تر إِلَى الأرض بكت جبالها وإن نجوم الليل بعدك لا تسري سقاني أمير المؤمنين مصيبة وتمضي إِلَى عَبْد الْعَزِيز إِلَى مصر بأن أَبَا مَرْوَان بشرا أخاكما ثوى غير متبوع بمن ولا غدر وقد كَانَ حيات العراق يخفنه وحيات ما بين المدينة فالقهر قال : فما بقي أحد كَانَ على القبر إلا خر باكيا ، قَالَ : ثُمَّ انصرفت فصليت فِي جانب الصحراء ما قدر لِي ، ثُمَّ عدت إِلَى القبر ، فإذا قد أتي بعبد أسود ، فدفن إِلَى جانبه ، فوالله ما فصلت بين القبرين ، حَتَّى قلت : أيهما قبر بِشْر بْن مَرْوَان .
الأسم | الشهرة | الرتبة |