الحارث بن سعيد الكذاب


تفسير

رقم الحديث : 9979

قال قال ابن أبي خيثمة : نَبَّأَنَا عبد الوهاب بْن نجدة الحوطي ، نَبَّأَنَا مُحَمَّد بْن مبارك ، نَبَّأَنَا الوليد بْن مسلم ، عن عبد الرحمن بْن حسان ، قال : كان الحارث الكذاب من أهل دمشق ، وكان مولى لأبي جلاس ، وكان له أب بالحولة ، فعرض له إبليس ، وكان رجلا متعبدا ، زاهدا ، لو لبس جبة من ذهب لرؤيت عليه زاهدة ، قال : وكان إذا أخذ في التحميد لم يسمع السامعون إلى كلام أحسن من كلامه ، قال : فكتب إلى أبيه وهو بالحولة : يا أبتاه ، أعجل علي ، فإني قد رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان قد عرض لي ، قال : فزاده أبوه عناء ، فكتب إليه أبوه : يا بني ، أقبل على ما أمرت به إن الله تعالى ، يقول : تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ { 221 } تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ سورة الشعراء آية 221-222 ، ولست بأفاك ، ولا أثيم ، فامض لما أمرت به ، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا ، فيذاكر لهم أمره ، ويأخذ عليهم بالعهد والميثاق إذ هو رأى ما يرضى قبل ، وإلا كتم عليه ؟ قال : وكان يريهم الأعاجيب ، كان يأتي إلى رخامة في المسجد ينقرها بيده فتسبح ، قال : وكان يطعمهم فاكهة الصيف في الشتاء ، كان يقول لهم : أخرجوا حتى أريكم الملائكة ، قال : فيخرجهم إلى دير المران ، فيريهم رجالا على جبل ، فتبعه بشر كثير ، وفشا الأمر في المسجد ، وكثر أصحابه حتى وصل الأمر إلى القاسم بْن مخيمرة ، قال : فعرض على القاسم ، وأخذ عليه العهد والميثاق إن هو رضي أمرا فقبله ، وإن كرهه كتم عليه ، فقال له القاسم : كذبت يا عدو الله ، ما أنت بنبي ، ولا لك عهد ولا ميثاق ، قال : فقال له أبو إدريس : بئس ما صنعت إذ لم تلين حتى تأخذه ، الآن يفر ، قال : وقام من مجلسه حتى دخل على عبد الملك ، فأعلمه بأمر حارث ، فبعث عبد الملك في طلبه ، فلم يقدر ، فخرج عبد الملك ، فنزل الصنبرة ، قال : فاتهم عامة عسكره بالحارث أن يكونوا يرون رأيه . وخرج الحارث حتى أتى بيت المقدس ، فاختفى فيها ، وكان أصحاب الحارث يخرجون يلتمسون الرجال يدخلونهم عليه ، وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس ، فأتاه رجل من أصحاب الحارث ، فقال له : ههنا رجل متكلم ، فهل لك أن تسمع من كلامه ؟ قال : نعم ، قال الوليد : وأهل البصرة يشتهون الكلام ، قال : نعم ، فانطلق معه حتى دخل على الحارث ، فأخذ في التحميد ، قال : فسمع البصري كلاما حسنا ، ثم أخبره بأمره ، وأنه نبي مبعوث مرسل ، فقال له : إن كلامك حسن ، ولكن في هذا نظر ، قال : فانظر ، فخرج البصري ، ثم عاد إليه ، فرد عليه كلامه ، فقال له : إن كلامك لحسن ، وقد وقع في قلبي ، وقد آمنت بك ، هذا الدين المستقيم ، قال : فأمر أن لا يحجب ، قال : فأقبل البصري يتردد إليه ، ويعرف مداخله ومخارجه ، وأين يهرب ؟ وأين يذهب ؟ حتى صار من أخص الناس به ، ثم قال له : ائذن لي ، قال : إلى أين ؟ قال : إلى البصرة أكون أول داعية لك بها ، قال : فأذن له ، فخرج مسرعا إلى عبد الملك وهو بالصنبرة ، فلما دنا من سرادقه صاح : النصيحة النصيحة ، فقال أهل العسكر : وما نصيحتك ؟ قال : نصيحة لأمير المؤمنين ، حتى دنا من أمير المؤمنين ، فأمر عبد الملك أن يأذنوا له ، فدخل وعنده أصحابه ، فصاح : النصيحة ، فقال : وما نصيحتك ؟ قال : أخلني لا يكون عندك أحد ، قال : أخرج من في البيت ، وكان عبد الملك قد اتهم أهل عسكره أن يكون هواهم معه ، ثم قال له : أدنني ، فدنا منه ، وعبد الملك على السرير ، قال : ما عندك ؟ قال : الحارث ، فلما ذكر الحارث طرح نفسه من السرير ، ثم قال : أين هو ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه ببيت المقدس ، وقد عرفت مداخله ومخارجه ، فقص عليه قصته ، وكيف صنع به ، فقال : أنت صاحبه ، وأنت أمير بيت المقدس ، وأمير ما ههنا ، فمرني بما شئت ، قال : يا أمير المؤمنين ، ابعث معي قوما لا يفقهون الكلام ، فأمر أربعين رجلا من فرغانة ، فقال : انطلقوا مع هذا ، فما أمركم به من شيء فأطيعوه ، قال : وكتب إلى صاحب بيت المقدس : إن فلانا الأمير عليك حتى يخرج ، فأطعه فيما أمرك به ، قال : فلما قدم بيت المقدس أعطاه الكتاب ، قال : فمرني بم شئت ، قال : اجمع لي إن قدرت كل شمعة ببيت المقدس ، وادفع كل شمعة إلى رجل ، ورتبهم على أزقة بيت المقدس وزواياه بالشمع ، فإذا قلت اسرجوا ، فأسرجوا جميعا ، قال : فرتبهم في أزقة بيت المقدس وفي زواياها بالشمع ، وتقدم البصري وحده إلى منزل الحارث ، فأتى الباب ، فقال للحاجب : استأذن لي على نبي الله ، فقال : في هذه الساعة ما يؤذن عليه حتى يصبح ، قال : أعلمه أني إنما رجعت شوقا إليه قبل أن أصل ، قال : فدخل عليه ، فأعلمه كلامه وأمره ، قال : ففتح له الباب ، ثم صاح البصري : أسرجوا ، فأسرجت الشمع حتى كانت بيت المقدس كأنها النهار ، ثم قال : من مر بكم فاضبطوه ، قال : ودخل كما هو إلى الموضع الذي يعرفه ، فنظر فإذا لا يجده ، فطلبه فلم يجده ، فقال أصحابه : هيهات ، تريدون أن تقتلوا نبي الله قد رفع إلى السماء ، قال : فطلبه في شق قد كان هيأه سريا ، قال : فأدخل البصري يده في ذلك الشق ، فإذا بثوبه ، فأخذ به فمزقه ، فأخرجه إلى خارج ، ثم قال للفرغانيين : اضبطوا فربطوه ، فبينما هم يسيرون به البريد ، إذ قال : أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ سورة غافر آية 28 الآية ، فقال الفرغاني : فقال أهل فرغانة أولئك العجم : هذا كراننا فهات كرانك أنت ، فسار به حتى أتى به عبد الملك . فلما سمع به أمر بخشبة فنصبت فصلبه ، وأمر بحربة ، وأمر رجلا فطعنه ، فأصاب ضلعا من أضلاعه ، فكعب الحربة ، فجعل الناس يصيحون : الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح ، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ، ثم مشى بها إليه ، ثم أقبل يتحسس حتى وافى بين ضلعين فطعنه بها ، فأنفذها فقتله . قال الوليد : بلغني أن خالد بْن يزيد بْن معاوية دخل على عبد الملك ، فقال : لو حضرتك ما أمرتك بقتله ، قال : ولم ؟ قال : إنما كان به المذهب ، فلو جوعته ذهب ذلك عنه .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.