أَخْبَرَنَا أبو العز أَحْمَد بْن عبيد اللَّه ، إذنًا ومناولةً ، وقرأ علي إسناده ، أَنْبَأَنَا أبو علي الجازري ، أَنْبَأَنَا المعافى بْن زكريا ، أَنْبَأَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعيد الكلبي ، نَبَّأَنَا مُحَمَّد بْن زكريا الغلابي ، نَبَّأَنَا مُحَمَّد يعني ابن عبيد اللَّه بْن عباس ، عن عطاء يعني ابن مصعب ، عن عاصم ، قال : خطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم ، فقال : يا أهل العراق ، إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف ، ثم أفضى إلى الأسماخ ، ثم ارتفع فعشش ، ثم باض وفرخ ، ثم دب ودرج ، فحشاكم نفاقًا وشقاقًا وأشعركم خلافًا , اتخذتموه دليلا تتبعونه , وقائدًا تطيعونه , ومؤامرًا تشاورونه ، فكيف تنفعكم تجربة أو ينفعكم بيان ؟ ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر , وأجمعتم على الكفر , وظننتم أن اللَّه عز وجل يخذل دينه وخلافته ، وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لواذًا ، وتنهزمون سراعًا يوم الزاوية ما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم ، وبراءة اللَّه فيكم ، ونكوص وليكم إذا وليتم كالإبل الشاردة على أوطانها ، النوازع ، لا يسأل المرء عن أخيه ، ولا يلوي الشيخ على بنيه ، حين عضكم السلاح , ونخستكم الرماح يوم دير الجماجم ، وما يوم الجماجم ، بها كانت المعارك والملاحم : بضرب يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله يا أهل العراق , الكفرات بعد الفجرات ، والعذلات بعد الخترات ، والنزوة بعد النزوات , إن بعثناكم إلى ثغوركم غللتم وجبنتم ، وإن أمنتم أرجفتم ، وإن خفتم نافقتم ، لا تتذكرون نعمة ولا تشكرون معروفًا ، هل استخفكم ناكث ، أو استغواكم غاو ، أو استفزكم عاص ، أو استنصركم ظالم ، أو استعضدكم خالع إلا لبيتم دعوته , وأجبتم صحبته , ونفرتم إليه خفافًا وثقالا وفرسانًا ورجالا , يا أهل العراق ، هل شغب شاغب ، أو نعب ناعب ، أو زفر زافر إلا كنتم أتباعه وأنصاره , يا أهل العراق ، ألم تنفعكم المواعظ ، ألم تزجركم الوقائع ، ألم يشدد اللَّه عليكم وطأته ، ويذقكم حر سيفه ، وأليم بأسه ومثلاته ؟ ثم التفت إلى أهل الشام ، فقال : يا أهل الشام ، إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنها القذف ، ويباعد عنها الحجر ، ويكنها من المطر ، ويحميها من الضباب ويحرسها من الذئاب , يا أهل الشام , أنتم الجنة والرداء ، وأنتم الملاءة والحذاء ، أنتم الأولياء والأنصار ، والشعار دون الدثار ، بكم نذب عن البيعة والحوزة ، وبكم ترمى كتائب الأعداء ، ويهزم من عاند وتولى ، انتهى . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |