أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْعِزِّ ، وَمُنَاوَلَةً وَقَرَأَ عَلِيَّ إِسْنَادَهُ ، نَبَّأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أَنْبَأَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْقَاضِي ، نَبَّأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، نَبَّأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، نَبَّأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ الْكَلْبِيِّ ، قَالَ : دَخَلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَلَّمَ , فَقَالَ : إِيهْ إِيهٍ يَا أُنَيْسُ , يَوْمٌ لَكَ مَعَ عَلِيٍّ ، وَيَوْمٌ لَكَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَيَوْمٌ لَكَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ ، وَاللَّهِ لأَسْتَأْصِلَنَّكَ كَمَا تُسْتَأْصَلُ الشَّأْفَةُ ، وَلأَدْمَغَنَّكَ كَمَا تُدْمَغُ الصَّمْغَةُ ، فَقَالَ أَنَسٌ : إِيَّايَ , يَعْنِي الأَمِيرُ أَصْلَحَهُ اللَّهُ ؟ قَالَ : إِيَّاكَ سَكَّ اللَّهُ سَمْعَكَ ، قَالَ أَنَسٌ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَاللَّهِ لَوْلا الصِّبْيَةُ الصِّغَارُ مَا بَالَيْتُ أَيُّ قِتْلَةٍ قُتِلْتُ ، وَلا أَيُّ مِيتَةٍ مِتُّ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْحَجَّاجِ ، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ ، فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ كِتَابَ أَنَسٍ اسْتَشَاطَ غَضَبًا وَصَفقَ عَجَبًا وَتَعَاظَمَهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ . وَكَانَ كِتَابُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الْحَجَّاجَ ، قَالَ لِي هُجْرًا وَأَسْمَعَنِي نُكْرًا ، وَلَمْ أَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلا , فَخُذْ بِي عَلَى يَدَيْهِ ، فَإِنِّي أَمت بِخِدْمَتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ , فَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ ، وَكَانَ مُصَادِقًا لِلْحَجَّاجِ ، فَقَالَ لَهُ : دُونَكَ كِتَابَي هَذَيْنِ فَخُذْهُمَا وَارْكَبِ الْبَرِيدَ إِلَى الْعِرَاقِ ، فَابْدَأْ بِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَادْفَعْ كِتَابَهُ إِلَيْهِ وَبَلِّغْهُ مِنِّي السَّلامَ ، وَقُلْ لَهُ : يَا أَبَا حَمْزَةَ ، قَدْ كَتَبْتُ إِلَى الْحَجَّاجِ الْمَلْعُونِ كِتَابًا إِذَا رَآهُ وَقَرَأَهُ كَانَ أَطْوَعَ لَكَ مِنْ أَمَتِكَ . وَكَانَ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أَمَّا بَعْدُ , فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَكَاتِكَ لِلْحَجَّاجِ ، وَمَا سَلَّطَهُ عَلَيْكَ ، وَلا أَمَرْتُهُ بِالإِسَاءَةِ إِلَيْكَ ، قَالَ : فَإِنْ عَادَ لِمِثْلِهَا فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِذَلِكَ ، أُنْزِلْ بِهِ عُقُوبَتِي ، وَتَحْسُنْ لَكَ مَعُونَتِي وَالسَّلامُ , فَلَمَّا قَرَأَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كِتَابَهُ وَأُخْبِرَ بِرِسَالَتِهِ ، قَالَ : جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِّي خَيْرًا وَعَافَاهُ وَكَافَأَهُ عَنِّي بِالْجَنَّةِ ، فَهَذَا الَّذِي كَانَ ظَنِّي بِهِ وَالرَّجَاءُ مِنْهُ . فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لأَنَسٍ : يَا أَبَا حَمْزَةَ , إِنَّ الْحَجَّاجَ عَامِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ بِكَ عَنْهُ غِنًى وَلا بِأَهْلِ بَيْتِكَ , وَلَوْ جُعِلَ لَكَ فِي جَامِعَةٍ ثُمَّ دُفِعَ إِلَيْكَ لَقَدَرَ أَنْ يَضُرَّ وَيَنْفَعَ , فَقَارِبْهُ وَدَارِيهِ ، فَقَالَ أَنَسٌ : أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِسْمَاعِيلُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَدَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ ، فَلَمَّا رَآهُ الْحَجَّاجُ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا بِرَجُلٍ أُحِبُّهُ , وَكُنْتُ أُحِبُّ لِقَاءَهُ ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ : وَأَنَا وَاللَّهِ قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ لِقَاءَكَ فِي غَيْرِ مَا أَتَيْتُكَ بِهِ , قَالَ : وَمَا أَتَيْتَنِي بِهِ ؟ قَالَ : فَارَقْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ غَضَبًا ، وَمِنْكَ بُعْدًا ، قَالَ : فَاسْتَوَى جَالِسًا مَرْعُوبًا فَرَمَى إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بِالطُّومَارِ ، فَجَعَلَ الْحَجَّاجُ يَنْظُرُ فِيهِ مَرَّةً وَيَعْرَقُ ، وَيَنْظُرُ فِي إِسْمَاعِيلَ أُخْرَى , فَلَمَّا نَقَضَهُ ، قَالَ : قُمْ بِنَا إِلَى أَبِي حَمْزَةَ نَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَنَتَرَضَّاهُ ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ : لا تَعْجَلْ ، قَالَ : كَيْفَ لا أَعْجَلُ وَقَدْ أَتَيْتَنِي بِآبِدَةٍ ، وَكَانَ فِي الطُّومَارِ , إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ , أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّكَ عَبْدٌ طَمَتْ بِكَ الأُمُورُ فَسَمَوْتَ فِيهَا ، وَعَدَوْتَ طَوْرَكَ وَجَاوَزْتَ قَدْرَكَ وَرَكِبْتَ دَاهِيَةً أَدًّا ، وَأَرَدْتَ أَنْ تُبْرِزَنِي ، فَإِنْ سَوَّغْتُكَهَا مَضَيْتَ قُدُمًا ، وَإِنْ لَمْ أُسَوِّغْكَهَا رَجَعْتَ الْقَهْقَرَى ، فَلَعَنَكَ اللَّهُ عَبْدًا أَخْفَشَ الْعَيْنَيْنِ ، مَنْقُوضَ الْجَاعِرَتَيْنِ ، أَنَسِيتَ مَكَاسِبَ آبائك بِالطَّائِفِ ، وَحَفْرَهُمُ الآبَارَ ، وَنَقْلَهُمُ الصَّخْرَ عَلَى ظُهُورِهِمْ فِي الْمَنَاهِلِ , يَا ابْنَ الْمُسْتَفْرِمَةِ بِعجَمِ الزَّبِيبِ ، وَاللَّهِ لأَغْمِزَنَّكَ غَمْزَ اللَّيْثُ الثَّعْلَبَ ، وَالصَّقْرُ الأَرْنَبَ ، وَثَبْتَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، فَلَمْ تَقْبَلْ لَهُ إِحْسَانَهُ وَلَمْ تُجَاوِزْ لَهُ إِسَاءَتَهُ , جُرْأَةً مِنْكَ عَلَى الرَّبِّ جَلَّ وَعَزَّ , وَاسْتِخْفَافًا مِنْكَ بِالْعَهْدِ ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى رَأَتْ رَجُلا خَدَمَ عزيرَ بْنَ عزرة ، وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لِعَظَمَتِهِ وَشرفته وَأكرمته ، فَكَيْفَ وَهَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَدَمَهُ ثَمَانِ سِنِينَ , يُطْلِعُهُ عَلَى سِرِّهِ وَيُشَاوِرُهُ فِي أُمْرِهِ ، ثُمَّ هُوَ مَعَ هَذَا بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا أَصْحَابِهِ ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا , فَكُنْ أَطْوَعَ لَهُ مِنْ خُفِّهِ وَنَعْلِهِ , وَإِلا أَتَاكَ مِنِّي سَهْمٌ مُثْكَلٌ بِحَتْفِ قَاضٍ و لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ سورة الأنعام آية 67 , انتهى . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ | أنس بن مالك الأنصاري | صحابي |
عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ الْكَلْبِيِّ | عوانة بن الحكم الإخباري / توفي في :158 | ضعيف الحديث |
هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ | هشام بن محمد الكلبي / توفي في :204 | متهم بالكذب |
أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ | موسى بن خالد الأنباري / توفي في :261 | مجهول الحال |
الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْقَاضِي | المعافى بن زكريا الجريري / ولد في :305 / توفي في :390 | ثقة ثبت |