أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ ، أنا بْنُ مَنْصُورٍ ، أنا بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ ، أنا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَنَدِيُّ ، نا أَبُو الْقَاسِمِ مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ , صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتِيلِ الْبَطْحَاءِ يَوْمَ الْفَتْحِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ ، وَهُوَ أَخُو عَاتِكَةَ بِنْتِ خَالِدٍ وَكُنْيَتُهَا أُمُّ مَعْبَدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، دَلِيلُهُمُ اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأُرَيْقِطِ فَنَزَلُوا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَرْزَةً جَلْدَةً ، تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا , فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، قَالَ : " مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ " ؟ قَالَتْ : شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ ، قَالَ : " هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ " ؟ قَالَتْ : هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : " أَتَأْذَنِي أَنْ أَحْلِبَهَا " ؟ قَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، نَعَمْ ، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلِبْهَا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا ، وَسَمَّى اللَّهَ ، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلاهُ الْبَهَاءُ , ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رُوُوا ، ثُمَّ شَرِبَ آخِرَهُمْ ، ثُمَّ أَرَاضُوا ، ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ , حَتَّى مَلأَ الإِنَاءَ ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا وَبَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا , فَقَلَّ مَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هَزْلا ، فَلَمَّا أَنْ رَأَى عِنْدَ أُمِّ مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ ، وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ، وَالشَّاءُ عَازِبٌ ، وَلا خَلُوفَ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ : لا وَاللَّهِ إِلا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ , قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلا طَاهِرَ الْوَضَاءَةِ ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْخُلُقِ , لَمْ تَعِبْهُ ثُجْلَةٌ ، وَلَمْ تُزْرِ بِهِ سُقْلَةٌ ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ غَطَفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجَّ أَقْرَنَ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلاهُ الْبَهَاءُ ، أَجْمَلَ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وَأَحْلاهُ وَأَحْسَنَهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوَ الْمَنْطِقِ فَصْل , لا نَزْرٌ وَلا هَذَرٌ ، كَأَنَّمَا مَنْطِقُهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ ، لا تَشْنُؤُهُ عَيْنٌ مِنْ طُولٍ ، وَلا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْن بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لَهُ ، وَإِنْ أَمَرَ بَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ , قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ بِمَكَّةَ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ ، وَلأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا , فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ ، يَقُولُ : جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ نَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَا لقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ بِهِ مِنْ فِعَالٍ لا يُجَازَى وَسُؤْدَدِ لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَقَامَ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَأْنِهَا وَإِنَائِهَا فَإِنَّكُمُ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ تُرَدِّدُهَا فِي مُصْدِرٍ ثُمَّ مُورِدِ فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ الْهَاتِفَ يَهْتِفُ , أَنْشَدَ يُجَاوِبُ الْهَاتِفَ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ وَقُدّس مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدٍ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يَرْشُدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عَمايتهم هاد به كل مهتدي وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ رَكِابَ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ نَبِيٌّ يَرَى مَا لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةَ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَقَامَ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ | حبيش بن خالد الخزاعي | صحابي |
أَبِيهِ | هشام بن حبيش الخزاعي | ثقة |
حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ | حزام بن حبيش الخزاعي | صدوق حسن الحديث |
أَبِي | محرز بن المهدي | مقبول |
أَبُو الْقَاسِمِ مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزٍ | مكرم بن محرز الخزاعي / ولد في :150 / توفي في :249 | صدوق حسن الحديث |
الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَنَدِيُّ | المفضل بن محمد الشعبى / توفي في :308 | ثقة |
بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ | محمد بن إبراهيم الأصبهاني / ولد في :285 / توفي في :381 | ثقة مأمون |
بْنُ مَنْصُورٍ | إبراهيم بن منصور السلمي | ثقة |
عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ | الحسين بن عبد الملك الأصبهاني | ثقة |