فَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِسْطَامِيُّ الشُّعَيْرِيُّ بِبِسْطَامَ ، قَالَ : نَا جَدِّي لأُمِّي الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بن الْحُسَيْنِ بْنِ سَهْلٍ السَّهْلَكِيُّ الْبِسْطَامِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْوَاعِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الْمُتَكَلِّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ، يَقُولُ : إِنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا تَبَحَّرَ فِي كَلامِ الاعْتِزَالِ وَبَلَغَ غَايَةً ، كَانَ يُورِدُ الأَسْئِلَةَ عَلَى أُسْتَاذَيْهِ فِي الدَّرْسِ ، وَلا يَجِدُ فِيهَا جَوَابًا شَافِيًا ، فَتَحَيَّرَ فِي ذَلِكَ ، فَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : وَقَعَ فِي صَدْرِي فِي بَعْضِ اللَّيَالِي شَيْءٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ مِنَ الْعَقَائِدِ ، فَقُمْتُ ، وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، وَسَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنِي الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ ، وَنِمْتُ ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ ، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ بَعْضَ مَا بِي مِنَ الأمْرِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَيْكَ بِسُنَّتِي " . فَانْتَبَهْتُ وَعَارَضْتُ مَسَائِلَ الْكَلامِ بِمَا وَجَدْتُ فِي الْقُرْآنِ ، وَالأَخْبَارِ ، فَأَثْبَتُّهُ وَنَبَذْتُ مَا سِوَاهُ وَرَائِي ظِهْرِيًّا وذكر أَبُو الْقَاسِمِ حجاج بن مُحَمَّد الطرابلسي من أهل طرابلس المغرب ، قَالَ : سألت أبا بكر إسماعيل بن أَبِي مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الأزدي القيرواني المعروف بابْن عزرة رحمه اللَّه ، عَنْ أَبِي الحسن الأشعري رحمة اللَّه ، فقلت له : قيل لي عنه : إنه كان معتزليا ، وإنه لما رجع عن ذلك أبقي للمعتزلة نكتا لم ينقضها . فقال لي : الأشعري شيخنَا ، وإمامنَا ومن عليهِ معولنَا . أقام على مذاهب المعتزلة أربعين سنة ، وكان لهم إماما ، ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوما ، وبعد ذلك خرج إلى الجامع ، فصعد المنبر ، وقال : معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هَذِهِ المدة ، لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ، ولم يترجح عندي حق على باطل ، ولا باطل على حق ، فاستهديت اللَّه تبارك وتعالى فهداني ، إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هَذِهِ ، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده ، كما انخلعت من ثوبي هذا ، وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتاب على الناس . ومنها : كتاب اللمع ، وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة ، سماه بكتاب : كشف الأسرار وهتك الأستار ، وغيرهما ، فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من أهل السنة ، والجماعة ، أخذوا بما فيها ، وانتحلوه ، واعتقدوا تقدمه ، واتخذوه إماما ، حتى نسب مذهبهم إليه . قال لي أَبُو بكر : فصار عند المعتزلة كَكِتَابِيٍّ أَسْلَمَ ، وأظهر عوار ما تركه فهو أعدى الخلق إلى أهل الذمة ، وكذلك الأشعري أعدى الخلق إلى المعتزلة ، فهم يشنعون عليه من الأشانيع ، وينسبون إليه الأباطيل .
الأسم | الشهرة | الرتبة |