وأما ذكر فضله هو في نفسه ، مما شهد له به العلماء من أبْنَاء جنسه ، فأخبرنَا الشيخ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي العباس المالكي ، نَا جدي أَبُو مُحَمَّد بن أَبِي نصر المقرئ ، قَالَ : سمعت الحسن بن عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ المقرئ ، يقول : سمعت أبا مُحَمَّد الحسن بن مُحَمَّد العسكري بالأهواز ، وكان من المخلصين في مذهبه ، المتقدمين في نصرته يعني مذهب الأشعري ، يقول : كان الأشعري تلميذ الجبائي يدرس عليه ، فيتعلم منه ، ويأخذ عنه ، ألا يفارقه أربعين سنة ، وكان صاحب نظر في المجالس ، وذا إقدام على الخصوم ، ولم يكن من أهل التصنيف ، وكان إِذَا أخذ القلم يكتب ، ربما ينقطع ، وربما يأتي بكلام غير مرضي ، وكان أَبُو علي الجبائي صاحب تصنيف ، وقلم إِذَا صنف يأتي بكل ما أراد مستقصى ، وإذا حضر المجالس ، ونَاظر ، لم يكن بمرضٍ ، وكان إِذَا دهمه الحضور في المجالس ، يبعث إلى الأشعري ، ويقول له : نب عني . ولم يزل على ذلك زمانا ، فلما كان يومًا حضر الأشعري نَائبًا عن الجبائي في بعض المجالس ، ونَاظره إنسان ، فانقطع في يده وكان معه رجل من العامة ، فنثر عليه لوزًا وسكرًا ، فقال له الأشعري : ما صنعت شيئًا ، خصمي استظهر عليّ . وأوضح الحجة ، وانقطعت في يده ، فكان هو أحق بالنثار مني ، ثم إنه بعد ذلك أظهر التوبة ، والانتقال عن مذهبه هَذِهِ الحكاية تدل على قوة أَبِي الحسن رحمه اللَّه في المنَاظرة ، واطراحه فيها ما يستعمله بعض المجادلين من المكابرة ، وتنبئ عن وفور عقله ، وإنصافه لإقراره بظهور خصمه ، واعترافه .
الأسم | الشهرة | الرتبة |