وحَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو النجم هلال بن حسن بن أَحْمَدَ الفقيه بجامع دمشق من لفظه ، قَالَ : كنت بِبَغْدَادَ ، فقصدت زيارة قبر أحمد بن حنبل رحمه اللَّه في جماعة من أهل بغداد والعجم ، فلما رجعنَا اجتزنَا بقبر أَبِي الحسن الأشعري رحمه اللَّه ، وكان في جملتنَا رجل بغدادي ممن ينتمي إلى مذهب الحنَابلة ، فتخلف عنَا بعد ذهابنَا من تربته ، وأحدث على قبره ولحق بنَا . فأَخْبَرنِي بذلك ، فكبر عليَّ صنيعه وعاتبته على فعله ، فقال : لو قدرت على عظامه لنبشتها وأحرقتها . فقلت له : إن أبا الحسن لا يضره ذلك ، فإنه قد مات منذ زمان ، فلما كانت تلك الليلة أصابه في بيته بلاء من بلاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ، فكان يتضرب ويلقي الدم من حلقه ، وبقي ثلاثة أيام ثم مات ، واشتهر بين النَّاس أمره ، ولولا أن الأهوازي جهل موضع قبره ، أو نسي ما حكى ما ذكره ، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد المحرسي ، وإنما أراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بذلك إظهار فضيحته ، ليعلم كل ذي لب كثرة كذبه ، وعظيم قحته ، فلو كان سكت عن ذكر الإحساء وما حكاه عنه من الفرية ، لكان ربما وقع في صحته للجهال نوع من المرية ، ولكن اللَّه سبحانه لم يزل يهتك أستار الكذابين ، ويكشف أسرار البهاتين الطعانين العيابين ، فكيف استجاز في دينه قذف ميت من غير تحقيق فيما قَالَ ، ولا تثبت فلا جزم ، إنه لما استجاز ما تقوله على هَذِهِ الإمام من المنكر ، رماه اللَّه عدلا منه بالداء الأكبر .