سمعت القاضي الإمام ، أنا أبو المعالي عزيزي بْن عبد الملك شيذلة ، رحمه اللَّه من لفظه في شهر رمضان سنة تسعين يقول : إذا أخلص الرجل صدقة ، وأحكم عقده ، أخذ من علم الشريعة مالا بد منه ، ولا يسمع جهله مما يتعين عليه من فروض الأعيان إما علما وتحقيقا ، أو سؤالا وتقليدا ، والعبد مكلف بهذا القدر من العلوم كتكلفة بمقاديره من العلوم ، لأن ما يتوصل إلى الواجبات إلا به كان واجبا كسائر الواجبات ، كوجوب الطهارة في وجوب الصلاة ، ووجود العدد في وجوب الجمعة ، ووجوب الزاد والراحلة في وجوب الحج ، فيرجع في علم عباداته إلى العالم تقليدا كما يرجع العالم إلى عمله تحقيقا ، فإن العمل بالعلم أصل ، وعالم لا عمل له كمثل الحمار يحمل أسفارا ، ويجب على العبد أن يكون عالما ، أو متعلما ، أو محبا لهما . ومن أفنى بالعلم نفسه ، وأحيي بالعلم روحه كان مع المتقين في جنات ونهر . ومعنى التقليد قبول قول المفتى من غير حجة ، ولو أوجب على الكافة التحقيق دون التقليد أدى ذلك إلى تعطيل المعايش وخراب الدنيا ، فجاز أن يكون بعضهم مقلدا ، وبعضهم متعلما ، وبعضهم عالما ، ولن ترتفع درجة في الحنان كدرجة العلماء والمتعلمين ثم درجة المحبين ، قَالَ اللَّه سبحانه : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ سورة النحل آية 43 .
الأسم | الشهرة | الرتبة |