ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : وَدَخَلَ بِهِ الْمُطَّلِبُ مَكَّةَ ظُهْرًا ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : هَذَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَقَالَ : وَيْحَكُمْ إِنَّمَا هُوَ ابْنُ أَخِي شَيْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَلَمَّا رَأَوْهُ ، قَالُوا : ابْنُهُ لَعَمْرِي ، فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ حَتَّى أَدْرَكَ وَخَرَجَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ تَاجِرًا إِلَى أَرْضِ الْيَمَنِ فَهَلَكَ بِرَدْمَانَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ فَوَلِيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ بَعْدَهُ الرِّفَادَةَ وَالسِّقَايَةَ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ بِيَدِهِ يُطْعِمُ الْحَاجَّ وَيَسْقِيهِمْ فِي حِيَاضٍ مِنْ أَدَمٍ بِمَكَّةَ فَلَمَّا سُقِيَ زَمْزَمَ تَرَكَ السَّقْيَ فِي الْحِيَاضِ بِمَكَّةَ وَسَقَاهُمْ مِنْ زَمْزَمَ حِينَ حَفَرَهَا ، وَكَانَ يَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ إِلَى عَرَفَةَ فَيَسْقِيهِمْ ، وَكَانَتْ زَمْزَمُ سُقْيَا مِنَ اللَّهِ أُتِيَ فِي الْمَنَامِ مَرَّاتٍ فَأُمِرَ بِحَفْرِهَا ، وَوُصِفَ لَهُ مَوْضِعُهَا ، فَقِيلَ لَهُ : احْفُرْ طَيْبَةَ قَالَ : وَمَا طَيْبَةُ ؟ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَاهُ ، فَقَالَ : احْفُرْ بَرَّةَ ، قَالَ : وَمَا بَرَّةُ ؟ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَاهُ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَضْجَعِهِ ذَلِكَ ، فَقَالَ : احْفُرِ الْمَضْنُونَةَ ، قَالَ : وَمَا الْمَضْنُونَةُ ؟ أَبِنْ لِي مَا تَقُولُ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَاهُ ، فَقَالَ : احْفُرْ زَمْزَمَ ، قَالَ : وَمَا زَمْزَمُ ؟ قَالَ : لا تُنْزَحُ وَلا تُذَمُّ ، تَسْقِي الْحَجِيجَ الأَعْظَمَ ، وَهِيَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ ، عِنْدَ نَقْرَةِ الْغُرَابِ الأَعْصَمِ ، قَالَ : وَكَانَ غُرَابٌ أَعْصَمُ لا يَبْرَحُ عِنْدَ الذَّبَائِحِ مَكَانَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ ، وَهِيَ شِرْبٌ لَكَ وَلِوَلَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ ، قَالَ : فَغَدَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِمِعْوَلِهِ وَمِسْحَاتِهِ مَعَهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرَهُ فَجَعَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَحْفِرُ بِالْمِعْوَلِ وَيَغْرِفُ بِالْمِسْحَاةِ فِي الْمِكْتَلِ فَيَحْمِلُهُ الْحَارِثُ فَيُلْقِيهِ خَارِجًا ، فَحَفَرَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، ثُمَّ بَدَا لَهُ الطَّوِيُّ فَكَبَّرَ ، وَقَالَ : هَذَا طَوِيُّ إِسْمَاعِيلَ فَعَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الْمَاءَ فَأَتَوْهُ ، فَقَالُوا : أَشْرِكْنَا فِيهِ ، فَقَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ ، هَذَا أَمْرٌ خُصِصْتُ بِهِ دُونَكُمْ ، فَاجْعَلُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مَنْ شِئْتُمْ أُحَاكِمْكُمْ إِلَيْهِ ، قَالُوا : كَاهِنَةَ بَنِي سَعْدٍ هُذَيْمَ وَكَانَتْ بِمُعَانَ مِنْ أَشْرَافِ الشَّامِ فَخَرَجُوا إِلَيْهَا ، وَخَرَجَ مَعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِشْرُونَ رَجُلا مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ بِعِشْرِينَ رَجُلا مِنْ قَبَائِلِهَا ، فَلَمَّا كَانُوا بِالْفَقِيرِ مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ أَوْ حَذْوِهِ ، فَنِيَ مَاءُ الْقَوْمِ جَمِيعًا فَعَطِشُوا ، فَقَالُوا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ : مَا تَرَى ، فَقَالَ : هُوَ الْمَوْتُ فَلْيَحْفِرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ حُفْرَةً لِنَفْسِهِ ، فَكُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ دَفَنَهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلا وَاحِدًا فَيَمُوتَ ضَيْعَةً أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَمُوتُوا جَمِيعًا ، فَحَفَرُوا ، ثُمَّ قَعَدُوا يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : " وَاللَّهِ إِنَّ إِلْقَاءَنَا بِأَيْدِينَا هَكَذَا لَعَجْزٌ ، أَلا نَضْرِبُ فِي الأَرْضِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَنَا مَاءً بِبَعْضِ هَذِهِ الْبِلادِ " ، فَارْتَحَلُوا ، وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا ، فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ انْفَجَرَ تَحْتَ خُفِّهَا عَيْنُ مَاءٍ عَذْبٍ ، فَكَبَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ وَشَرِبُوا جَمِيعًا ، ثُمَّ دَعَا الْقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : " هَلُمُّوا إِلَى الْمَاءِ الرِّوَاءِ فَقَدْ سَقَانَا اللَّهُ " ، فَشَرِبُوا وَاسْتَقُوا ، وَقَالُوا : قَدْ قُضِيَ لَكَ عَلَيْنَا ، الَّذِي سَقَاكَ هَذَا الْمَاءَ بِهَذِهِ الْفَلاةِ هُوَ الَّذِي سَقَاكَ زَمْزَمَ فَوَاللَّهِ لا نُخَاصِمُكَ فِيهَا أَبَدًا ، فَرَجَعَ وَرَجَعُوا مَعَهُ وَلَمْ يَصِلُوا إِلَى الْكَاهِنَةِ وَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَمْزَمَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |