أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ بِدَوْمَةِ جَنْدَلٍ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلأَشْعَرِيّ : " احْذَرْ عَمْرًا ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُقَدِّمَكَ ، وَيَقُولُ : أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسَنُّ مِنِّي ، فَكُنْ مُتَدَبِّرًا لَكَلامِهِ " ، فَكَانَا إِذَا الْتَقَيَا يَقُولُ عَمْرٌو : إِنَّكَ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلِي وَأَنْتَ أَسَنُّ مِنِّي فَتَكَلَّمَ ، ثُمَّ أَتَكَلَّمُ وَإِنَّمَا يُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُقَدِّمَ أَبَا مُوسَى فِي الْكَلامِ لِيَخْلَعَ عَلِيًّا ، فَاجْتَمَعَا عَلَى أَمْرِهِمَا ، فَأَدَارَهُ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ ، فَأَبَى ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ عَمْرٌو : أَخْبِرْنِي عَنْ رَأْيِكَ ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : أَرَى أَنْ نَخْلَعَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ، وَنَجْعَلَ هَذَا الأَمْرَ شُورَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَخْتَارُونَ لأَنْفُسِهِمْ مَنْ أَحَبُّوا ، قَالَ عَمْرٌو : الرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ ، فَأَقْبَلا عَلَى النَّاسِ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : يَا أَبَا مُوسَى أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّ رَأَيْنَا قَدِ اجْتَمَعَ ، فَتَكَلَّمَ أَبُو مُوسَى ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : إِنَّ رَأَيْنَا قَدِ اتَّفَقَ عَلَى أَمْرٍ نَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ ، فَقَالَ عَمْرٌو : صَدَقَ وَبَرَّ وَنِعْمَ النَّاظِرُ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ ، فَتَكَلَّمْ يَا أَبَا مُوسَى : فَأَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَخَلا بِهِ ، فَقَالَ : " أَنْتَ فِي خُدْعَةٍ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ : لا تَبْدَأْهُ ، وَتَعَقَّبْهُ ؟ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ أَعْطَاكَ أَمْرًا خَالِيًا ، ثُمَّ يَنْزِعَ عَنْهُ عَلَى مَلإٍ مِنَ النَّاسِ وَاجْتِمَاعِهِمْ " ، فَقَالَ الأَشْعَرِيُّ : لا تَخْشَ ذَلِكَ ، قَدِ اجْتَمَعْنَا وَاصْطَلَحْنَا ، فَقَامَ أَبُو مُوسَى ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ نَظَرْنَا فِي أَمْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا هُوَ أَصْلَحُ لأَمْرِهَا وَلا أَلَمُّ لِشَعَثِهَا مِنْ أَنْ لا نَبْتَزَّ أُمُورَهَا وَلا نَعْصِبَهَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ رَضًى مِنْهَا وَتَشَاورٍ ، وَقَدِ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَصَاحِبِي عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ عَلَى خَلْعِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ ، وَتَسْتَقْبِلُ هَذِهِ الأُمَّةُ هَذَا الأَمْرَ ، فَيَكُونُ شُورَى بَيْنَهُمْ يُوَلُّونَ مِنْهُمْ مَنْ أَحَبُّوا عَلَيْهِمْ وَإِنِّي قَدْ خَلَعْتُ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ ، فَوَلُّوا أَمْرَكُمْ مَنْ رَأَيْتُمْ ، ثُمَّ تَنَحَّى ، فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ هَذَا قَدْ قَالَ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ ، وَخَلَعَ صَاحِبَهُ وَإِنِّي أَخْلَعُ صَاحِبَهُ كَمَا خَلْعَهُ وَأُثْبِتُ صَاحِبِي مُعَاوِيَةَ ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَالطَّالِبُ بِدَمِهِ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ : وَيْحَكَ يَا أَبَا مُوسَى مَا أَضْعَفَكَ عَنْ عَمْرٍو وَمَكَائِدِهِ ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : فَمَا أَصْنَعُ جَامَعَنِي عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ نَزَعَ عَنْهُ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " لا ذَنْبَ لَكَ يَا أَبَا مُوسَى الذَّنْبُ لِغَيْرِكَ لِلَّذِي قَدَّمَكَ فِي هَذَا الْمَقَامِ " ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : رَحِمَكَ اللَّهُ غَدَرَنِي فَمَا أَصْنَعُ ؟ وَقَالَ أَبُو مُوسَى لِعَمْرٍو : إِنَّمَا مَثَلُكَ كَالْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : " إِلامَ صَيَّرْتَ هَذِهِ الأُمَّةَ ، إِلَى رَجُلٍ لا يُبَالِي مَا صَنَعَ وَآخَرَ ضَعِيفٌ ؟ " ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : لَوْ مَاتَ الأَشْعَرِيُّ مِنْ قَبْلِ هَذَا كَانَ خَيْرًا لَهُ .