قَالَ أَخْبَرَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ , وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ , قَالا : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ , عَنْ جَدِّهِ , " أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَتَى عُمَرَ يَسْتَزِيدُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْبَلاطِ , وَخَطَّطَ أَعْمَامَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ عُمَرُ : صَلِّ مَعِي الْغَدَاةَ وَغَبِّشْ , ثُمَّ أَذْكِرْنِي حَاجَتَكَ ، قَالَ : فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا هُوَ انْصَرَفَ ، قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , حَاجَتِي الَّتِي أَمَرْتَنِي أَنْ أَذْكُرَهَا لَكَ ، قَالَ : فَوَثَبَ مَعِي , ثُمَّ قَالَ : امْضِ نَحْوَ دَارِكَ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا ، فَزَادَنِي , وَخَطَّ لِي بِرِجْلِهِ , فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , زِدْنِي ، فَإِنَّهُ نَبَتَتْ لِي نَابِتَةٌ مِنْ وَلَدٍ وَأَهْلٍ , فَقَالَ : حَسْبُكَ , وَاخْتَبِئْ عِنْدَكَ أَنْ سَيَلِيَ الأَمْرَ بَعْدِي مَنْ يَصِلُ رَحِمَكَ ، وَيَقْضِي حَاجَتَكَ " . قَالَ : فَمَكَثْتُ خِلافَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ وَأَخَذَهَا عَنْ شُورَى وَرِضًى , فَوَصَلَنِي , وَأَحْسَنَ , وَقَضَى حَاجَتِي , وَأَشْرَكَنِي فِي أَمَانَتِهِ ، قَالُوا : وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فِي نَاحِيَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِلْقَرَابَةِ ، فَلَمَّا عَزَلَ عُثْمَانُ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَنِ الْكُوفَةِ ، دَعَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا , فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ قَدِمَهَا شَابًّا مُتْرَفًا لَيْسَتْ لَهُ سَابِقَةٌ , فَقَالَ : لا أَصْعَدُ الْمِنْبَرَ حَتَّى يُطَهَّرَ , فَأَمَرَ بِهِ ، فَغُسِلَ , ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَخَطَبَ أَهْلَ الْكُوفَةِ , وَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ قَصَّرَ بِهِمْ فِيهِ , وَنَسَبَهُمْ إِلَى الشِّقَاقِ وَالْخِلافِ , فَقَالَ : إِنَّمَا هَذَا السَّوَادُ بُسْتَانٌ لأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ , فَشَكَوْهُ إِلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ : كُلَّمَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَمِيرِهِ جَفْوَةً أَرَادَنَا أَنْ نَعْزِلَهُ , وَقَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ , فَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ بِصِلاتٍ وَكُسًى , وَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا , فَقَبِلَ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ , وَقَالَ عَلِيٌّ : إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ تَفَوُّقًا , وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لأَنْفُضَنَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ نَفْضَ الْقَصَّابِ التُّرَابَ الْوَذِمَةَ , ثُمَّ انْصَرَفَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْكُوفَةِ , فَأَضَرَّ بِأَهْلِهَا إِضْرَارًا شَدِيدًا , وَعَمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ سِنِينَ إِلا أَشْهُرًا , وَقَالَ مَرَّةً بِالْكُوفَةِ : مَنْ رَأَى الْهِلالَ مِنْكُمْ ؟ وَذَلِكَ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ ، فَقَالَ الْقَوْمُ : مَا رَأَيْنَاهُ , فَقَالَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ : أَنَا رَأَيْتُهُ , فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ : بِعَيْنِكَ هَذِهِ الْعَوْرَاءِ رَأَيْتَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ هَاشِمٌ : تُعَيِّرُنِي بِعَيْنِي , وَإِنَّمَا فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ! وَكَانَتْ عَيْنُهُ أُصِيبَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ , ثُمَّ أَصْبَحَ هَاشِمٌ فِي دَارِهِ مُفْطِرًا وَغَدَّى النَّاسَ عِنْدَهُ , فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ , وَحَرَّقَ دَارَهُ , فَخَرَجَتْ أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ , وَنَافِعُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ , فَذَكَرَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَا صَنَعَ سَعِيدٌ بِهَاشِمٍ , فَأَتَى سَعْدٌ عُثْمَانَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : سَعِيدٌ لَكُمْ بِهَاشِمٍ ، اضْرِبُوهُ بِضَرْبِهِ , وَدَارُ سَعِيدٍ لَكُمْ بِدَارِ هَاشِمٍ ، فَأَحْرِقُوهَا كَمَا حَرَّقَ دَارَهَ , فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ يَسْعَى حَتَّى أَشْعَلَ النَّارَ فِي دَارِ سَعِيدٍ بِالْمَدِينَةِ , فَبَلَغَ الْخَبَرُ عَائِشَةَ , فَأَرْسَلَتْ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ تَطْلُبُ إِلَيْهِ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يَكُفَّ , فَفَعَلَ وَرَحَلَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ الأَشْتَرُ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ , وَيَزِيدُ بْنُ مُكَفَّفٍ , وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ , وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ , وَزَيْدٌ ، وَصَعْصَعَةُ ابْنَا صُوحَانَ الْعَبْدِيَّانِ , وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَعْوَرُ , وَجُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ ، وَأَبُو زَيْنَبَ الأَزْدِيَّانِ ، وَأَصْغَرُ بْنُ قَيْسٍ الْحَارِثِيُّ يَسْأَلُونَهُ عَزْلَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْهُمْ , وَرَحَلَ سَعِيدٌ وَافِدًا عَلَى عُثْمَانَ , فَوَافَقَهُمْ عِنْدَهُ , فَأَبَى عُثْمَانُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْهُمْ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى عَمَلِهِ , فَخَرَجَ الأَشْتَرُ مِنْ لَيْلَتِهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَسَارَ عَشْرَ لَيَالٍ إِلَى الْكُوفَةِ , فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَقَالَ : هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَدْ أَتَاكُمْ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا السَّوَادَ بُسْتَانٌ لأُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَالسَّوَادُ مَسَاقِطُ رُءُوسِكُمْ , وَمَرَاكِزُ رِمَاحِكُمْ , وَفَيْؤُكُمْ وَفَيْءُ آبَائِكُمْ , فَمَنْ كَانَ يَرَى لِلَّهِ عَلَيْهِ حَقًّا ، فَلْيَنْهَضْ إِلَى الْجَرَعَةِ , فَخَرَجَ النَّاسُ , فَعَسْكَرُوا بِالْجَرَعَةِ ، وَهِيَ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ , وَأَقْبَلَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حَتَّى نَزَلَ الْعُذَيْبَ , فَدَعَا الأَشْتَرُ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ الأَرْحَبِيَّ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ كِنَانَةَ الْعَبْدِيَّ ، وَكَانَا مِحْرَبَيْنِ , فَعَقَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ , وَقَالَ لَهُمَا : سِيرَا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , فَأَزْعِجَاهُ ، وَأَلْحِقَاهُ بِصَاحِبِهِ , فَإِنْ أَبَى ، فَاضْرِبَا عُنُقَهُ , وَأْتِيَانِي بِرَأْسِهِ , فَأَتَيَاهُ , فَقَالا لَهُ : ارْحَلْ إِلَى صَاحِبِكَ , فَقَالَ : إِبِلِي أَنْضَاءُ أَعْلِفُهَا أَيَّامًا , وَنَقْدَمُ الْمِصْرَ , فَنَشْتَرِي حَوَائِجَنَا , وَنَتَزَوَّدُ , ثُمَّ أَرْتَحِلُ , فَقَالا : لا وَاللَّهِ وَلا سَاعَةَ , لَتَرْتَحِلَنَّ أَوْ لَنَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ , فَلَمَّا رَأَى الْجِدَّ مِنْهُمَا ارْتَحَلَ لاحِقًا بِعُثْمَانَ , وَأَتَيَا الأَشْتَرَ , فَأَخْبَرَاهُ , وَانْصَرَفَ الأَشْتَرُ مِنْ مُعَسْكَرِهِ إِلَى الْكُوفَةِ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ , مَا غَضِبْتُ إِلا لِلَّهِ وَلَكُمْ , وَقَدْ أَلْحَقْنَا هَذَا الرَّجُلَ بِصَاحِبِهِ , وَقَدْ وَلَّيْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ صَلاتَكُمْ وَثَغْرَكُمْ ، وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ عَلَى فَيْئِكُمْ , ثُمَّ نَزَلَ , وَقَالَ : يَا أَبَا مُوسَى , اصْعَدْ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ , وَلَكِنْ هَلُمُّوا ، فَبَايِعُوا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ , وَجَدِّدُوا لَهُ الْبَيْعَةَ فِي أَعْنَاقِكُمْ , فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ , فَقَبِلَ وِلايَتَهُمْ , وَجَدَّدَ الْبَيْعَةَ لِعُثْمَانَ فِي رِقَابِهِمْ , وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بِمَا صَنَعَ , فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُثْمَانَ وَسَرَّهُ , فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ الْوَعْلِ التَّغْلِبِيُّ شَاعِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ : تَصَدَّقْ عَلَيْنَا ابْنَ عَفَّانَ وَاحْتَسِبْ وَأَمِّرْ عَلَيْنَا الأَشْعَرِيَّ لَيَالِيَا فَقَالَ عُثْمَانُ : نَعَمْ ، وَشُهُورًا ، وَسِنِينَ إِنْ بَقِيتُ , وَكَانَ الَّذِي صَنَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَوَّلَ وَهْنٍ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ حِينَ اجْتُرِئَ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَزَلْ أَبُو مُوسَى وَالِيًا لِعُثْمَانَ عَلَى الْكُوفَةِ ، حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ , وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حِينَ رَجَعَ عَنِ الْكُوفَةِ بِالْمَدِينَةِ ، حَتَّى وَثَبَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ , فَحَصَرُوهُ , فَلَمْ يَزَلْ سَعِيدٌ مَعَهُ فِي الدَّارِ يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ لَمْ يُفَارِقْهُ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرُ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |