أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ , وَمَعْمَرٌ مَوْلَى ابْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، قَالَ : لَمَّا انْتَهَى إِلَى عُمَرَ مُصَابُ أَهْلِ الْجِسْرِ , وَقَدِمَ عَلَيْهِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ أَلَيْسَ فِي رَكْبٍ مِنْ بَجِيلَةَ ، فَكَلَّمَهُمْ عُمَرُ ، فَقَالَ : " إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ مِنَ الْمُصِيبَةِ فَاخْرُجُوا إِلَيْهِمْ " . فَقَالَ جَرِيرٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَوْمِي لَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ ، وَهُمْ مُتَفَرِّقُونَ فِي الْعَرَبِ . فَقَالَ : " فَاخْرُجُوا وَأَنَا أُخْرِجُ مَعَكُمْ ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَأَخْرِجُوا مِنَ الْقَبَائِلِ " . وَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ : اجْعَلْ لِي مِنَ السَّوَادِ جُعْلا إِنْ ظَفِرْتُ بِهِ . فَجَعَلَ لَهُ رُبُعَ السَّوَادِ بَعْدَ الْخُمُسِ ، فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ مِنْ بَجِيلَةَ وَالنَّخَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ . وَأَقْبَلَ جَرِيرٌ حَتَّى بَلَغَ الْكُوفَةَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيَّ كَتَبَ إِلَيْهِ : أَنْ أَقْبِلْ إِلَيَّ ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مَدَدٌ لِي . فَكَتَبَ إِلَيْهِ جَرِيرٌ : إِنِّي لَسْتُ بِفَاعِلٍ ، إِلا أَنْ يَأْمُرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَنْتَ أَمِيرٌ وَأَنَا أَمِيرٌ . فَسَارَ جَرِيرٌ ، وَقَدْ بَعَثَ مَلِكُ الْفُرْسِ قَائِدَهُ مِهْرَانَ فِي جَمْعٍ مِنْ فَارِسَ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَقْبَلَ حَتَّى قَطَعَ الْفُرَاتَ إِلَى جَرِيرٍ ، فَالْتَقَوْا بِالنُّخَيْلَةِ , فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا ، فَبَارَزَ مِهْرَانُ جَرِيرًا ، فَقَتَلَهُ جَرِيرٌ ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ وَقُلُنْسُوَةً كَانَتْ عَلَيْهِ . وَانْهَزَمَتِ الْفُرْسُ حَتَّى جَاءُوا الْمَدَائِنَ ، وَفَتَحَ جَرِيرٌ بَعْضَ السَّوَادِ ، وَسَارَ جَرِيرٌ حَتَّى لَقِيَ الْحَاجِبَ بِقُسِّ النَّاطِفِ فَقَاتَلَهُ فَهَزَمَهُ ، وَاجْتَمَعَتِ الأَعَاجِمُ ، وَبَعَثُوا إِلَى الْكُورِ فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمَدَائِنِ فَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهِمْ رُسْتَمُ ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ جَرِيرًا وَأَنَّهُ لا يَدَانِ لَهُ بِهِمْ ، كَتَبَ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ بِجَمْعِهِمْ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : جَاءَكَ مَا لا يَدَانِ لَكَ بِهِ ، فَالْحَقْ بِالْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ : أَنِ انْضَمَّ إِلَى جَرِيرٍ ، وَأَقْبَلَ أَنَسُ بْنُ مُدْرِكٍ الْخَثْعَمِيُّ فِي خَمْسِمِائَةٍ مِنْ حَيِّهِ فَنَزَلُوا مَعَ جَرِيرٍ النُّخَيْلَةَ . وَأَقْبَلَ رُسْتَمُ وَكَانَ مُنَجِّمًا ، وَكَانَ يَرَى أَنَّ الْعَرَبَ قَاتِلُوهُ وَمَنْ مَعَهُ إِنْ قَاتَلَهُمْ ، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَنْفِيَهُمْ وَلا يُقَاتِلَهُمْ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ جَرِيرٍ شَخَصَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ ، وَخَنْدَقَ جَرِيرٌ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُطَاوِلُهُ ، حَتَّى بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، فَقَدِمَ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ ، فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَرِيرٌ فَلَقِيَهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |