أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : " كَانَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ , قَالَ لِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ الْمُرَادِيِّ حِينَ انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَمَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا قَيْسُ ، أَنْتَ سَيِّدُ قَوْمِكَ الْيَوْمَ ، وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ , قَدْ خَرَجَ بِالْحِجَازِ ، يَقُولُ : إِنَّهُ نَبِيٌّ ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَعْلَمَ عِلْمَهُ ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا , كَمَا يَقُولُ , فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا ، إِذَا لَقِينَاهُ اتَّبَعْنَاهُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ، عَلِمْنَا عِلْمَهُ , فَإِنَّهُ إِنْ سَبَقَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ سَادَنَا وَتَرَأَّسَ عَلَيْنَا وَكُنَّا لَهُ أَذْنَابًا ، فَأَبَى عَلَيْهِ قَيْسٌ , وَسَفَّهَ رَأْيَهُ . فَرَكِبَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ فِي عَشْرَةٍ مِنْ قَوْمِهِ , حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بِلادِهِ ، فَلَمَّا بَلَغَ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ خُرُوجُ عَمْرٍو ، أَوْعَدَ عَمْرًا وَتَحَطَّمَ عَلَيْهِ , وَقَالَ : خَالَفَنِي وَتَرَكَ رَأْيِي ، فَقَالَ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ شِعْرًا : أَمَرْتُكَ يَوْمَ ذِي صَنْعَاءَ أَمْرًا بَادِيًا رُشْدُهْ أَمَرْتُكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَالْمَعْرُوفِ تَتَعَدَّهْ خَرَجْتَ مِنَ الْمُنَى مِثْلَ الْحَمِيرِ عَارُهُ وَقْدُهْ وَجَعَلَ عَمْرٌو يَقُولُ : قَدْ خَبَّرْتُكَ يَا قَيْسُ أَنَّكَ سَتَكُونُ ذَنَبًا تَابِعًا لِفَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ , وَجَعَلَ فَرْوَةُ يَطْلُبُ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ كُلَّ الطَّلَبِ , حَتَّى هَرَبَ مِنْ بِلادِهِ , وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَلَمَّا ظَهْرَ الْعَنْسِيُّ خَافَهُ قَيْسٌ عَلَى نَفْسِهِ ، فَجَعَلَ يَأْتِيهِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَرْصُدُ لَهُ فِي نَفْسِهِ مَا يُرِيدُ , وَلا يَبُوحُ بِهِ إِلَى أَحَدٍ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ دَقَّ فَيْرُوزُ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ عُنُقَهُ ، وَجَعَلَ وَجْهَهُ فِي قَفَاهُ ، وَقَتَلَهُ ، فَحَزَّ قَيْسٌ رَأْسَهُ وَرَمَى بِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ ، ثُمَّ خَافَ مِنْ قَوْمِ الْعَنْسِيِّ ، فَعَدَا عَلَى دَاذَوَيْهِ فَقَتَلَهُ لِيُرْضِيَهُمْ بِذَلِكَ ، وَكَانَ دَاذَوَيْهِ فِيمَنْ حَضَرَ قَتْلَ الْعَنْسِيِّ أَيْضًا . فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ دِينَارِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ : أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِقَيْسٍ فِي وَثَاقٍ . فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ , فَكَلَّمَهُ عُمَرُ فِي قَتْلِهِ , وَقَالَ : اقْتُلْهُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ ، يَعْنِي دَاذَوَيْهِ ، فَإِنَّ هَذَا لِصٌّ عَادٍ ، فَجَعَلَ قَيْسٌ يَحْلِفُ مَا قَتَلَهُ ، فَأَحْلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ خَمْسِينَ يَمِينًا عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَتَلَهُ وَلا عَلِمَ لَهُ قَاتِلا ، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ . فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : لَوْلا مَا كَانَ مِنْ عَفْوِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ لَقَتَلْتُكَ بِدَاذَوَيْهِ ، فَيَقُولُ قَيْسٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَشْعَرْتَنِي ، مَا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ إِلا اجْتَرَأَ عَلَيَّ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ قَتْلِهِ . فَكَانَ عُمَرُ يَكُفُّ بَعْدُ عَنْ ذِكْرِهِ ، وَيَأْمُرُ إِذَا بَعَثَهُ فِي الْجُيُوشِ : أَنْ يُشَاوَرَ وَلا يُجْعَلُ لَهُ عَقْدُ أَمْرٍ ، وَيَقُولُ : إِنَّ لَهُ عِلْمًا بِالْحَرْبِ ، وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ " . فَهَذَا حَدِيثُهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |