وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ ثُمَّ قَالَ : " اسْتَوُوا " ، فَإِذَا اسْتَوَوْا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ ، فَلَمَّا كَبَّرَ طُعِنَ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " قَتَلَنِي الْكَلْبُ ، أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ " ، مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا ، قَالَ : وَطَارَ الْعِلْجُ فِي يَدِهِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ ، مَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا طَعَنَهُ ، فَأَصَابَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لَهُ لِيَأْخُذَهُ ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ ، قَالَ : وَمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، يَعْنِي عُمَرَ ، حِينَ طُعِنَ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ ، فَصَلَّوُا الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ صَلاةً خَفِيفَةً ، قَالَ : فَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلا يَدْرُونَ مَا الأَمْرُ إِلا أَنَّهُمْ حِينَ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ جَعَلُوا يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، قَالَ : فَلَمَّا انْصَرَفُوا كَانَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : " انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي ؟ " ، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ أَتَاهُ ، فَقَالَ : غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الصَّنَّاعُ ، قَالَ : " وَكَانَ نَجَّارًا " ، قَالَ : " مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا " ، ثُمَّ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي إِلَى الإِسْلامِ " ، ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ : " لَقَدْ كُنْتُ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ " ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا ، فَقَالَ : " أَبَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِكَلامِكُمْ ، وَصَلَّوْا بِصَلاتِكُمْ ، وَنَسَكُوا نُسُكَكُمْ " ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ : لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ ، فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ، ثُمَّ دَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ الْمَوْتُ ، قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ كَمْ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ " ، قَالَ : فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنْ وَفَى لَهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا عَنِّي مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَاسْأَلْ فِيهَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، فَإِنْ لَمْ تَفِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَاسْأَلْ فِيهَا قُرَيْشًا ، وَلا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ " ، ثُمَّ قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ ، اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ لَهَا : يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلامَ ، وَلا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنِّي لَسْتُ لَهُمُ الْيَوْمَ بِأَمِيرٍ ، يَقُولُ : تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ " ، فَأَتَاهَا ابْنُ عُمَرَ فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ : يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَقَالَتْ : قَدْ وَاللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي ، فَلَمَّا جَاءَ قِيلَ : هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : " ارْفَعَانِي " ، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : " مَا لَدَيْكَ ؟ " ، فَقَالَ : أَذِنَتْ لَكَ ، قَالَ عُمَرُ : " مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، انْظُرْ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلْنِي عَلَى سَرِيرِي ، ثُمَّ قِفْ بِي عَلَى الْبَابِ ، فَقُلْ : يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلْنِي ، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ فَادْفِنِّي فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ " ، فَلَمَّا حُمِلَ فَكَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ إِلا يَوْمَئِذٍ ، قَالَ : فَأَذِنَتْ لَهُ فَدُفِنَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَيْثُ أَكْرَمَهُ اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ، وَقَالُوا لَهُ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ : اسْتَخْلِفْ ، فَقَالَ : " لا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي ، فَسَمَّى عَلِيًّا ، وَعُثْمَانَ ، وَطَلْحَةَ ، وَالزُّبَيْرَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَسَعْدًا ، فَإِنْ أَصَابَتْ سَعْدًا فَذَلِكَ ، وَإِلا فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعَنْ بِهِ ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلا خِيَانَةٍ " ، قَالَ : وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ مَعَهُمْ يُشَاوِرُونَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ، قَالَ : فَلَمَّا اجْتَمَعُوا ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ مِنْكُمْ فَجَعَلَ الزُّبَيْرُ أَمْرَهُ إِلَى عَلِيٍّ ، وَجَعَلَ طَلْحَةُ أَمْرَهُ إِلَى عُثْمَانَ وَجَعَلَ سَعْدٌ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَأْتَمَرَ أُولَئِكَ الثَّلاثَةُ حِينَ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَيُّكُمْ يَبْرَأُ مِنَ الأَمْرِ وَيَجْعَلُ الأَمْرَ إِلَيَّ وَلَكُمُ اللَّهُ عَلَيَّ أَلا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَأَسْكَتَ الشَّيْخَانِ عَلِيٌّ ، وَعُثْمَانُ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : تَجْعَلانِهِ إِلَيَّ وَأَنَا أَخْرُجُ مِنْهَا ، فَوَاللَّهِ لا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ، قَالُوا : نَعَمْ ، فَخَلا بِعَلِيٍّ فَقَالَ : إِنَّ لَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقِدَمِ ، وَاللَّهِ عَلَيْكَ لَئِنِ اسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنِ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَخَلا بِعُثْمَانَ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ : فَقَالَ عُثْمَانُ : فَنَعَمْ ، قَالَ : فَقَالَ : ابْسُطْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ ، ثُمَّ وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ ثُمَّ قَالَ : " اسْتَوُوا " ، فَإِذَا اسْتَوَوْا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ ، فَلَمَّا كَبَّرَ طُعِنَ ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " قَتَلَنِي الْكَلْبُ ، أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ " ، مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا ، قَالَ : وَطَارَ الْعِلْجُ فِي يَدِهِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ ، مَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا طَعَنَهُ ، فَأَصَابَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لَهُ لِيَأْخُذَهُ ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ ، قَالَ : وَمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، يَعْنِي عُمَرَ ، حِينَ طُعِنَ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ ، فَصَلَّوُا الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ صَلاةً خَفِيفَةً ، قَالَ : فَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلا يَدْرُونَ مَا الأَمْرُ إِلا أَنَّهُمْ حِينَ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ جَعَلُوا يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، قَالَ : فَلَمَّا انْصَرَفُوا كَانَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : " انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي ؟ " ، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ أَتَاهُ ، فَقَالَ : غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الصَّنَّاعُ ، قَالَ : " وَكَانَ نَجَّارًا " ، قَالَ : " مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا " ، ثُمَّ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي إِلَى الإِسْلامِ " ، ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ : " لَقَدْ كُنْتُ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ " ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا ، فَقَالَ : " أَبَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِكَلامِكُمْ ، وَصَلَّوْا بِصَلاتِكُمْ ، وَنَسَكُوا نُسُكَكُمْ " ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ : لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ ، فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ، ثُمَّ دَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ الْمَوْتُ ، قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ كَمْ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ " ، قَالَ : فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنْ وَفَى لَهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا عَنِّي مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَاسْأَلْ فِيهَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، فَإِنْ لَمْ تَفِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَاسْأَلْ فِيهَا قُرَيْشًا ، وَلا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ " ، ثُمَّ قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ ، اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ لَهَا : يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلامَ ، وَلا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنِّي لَسْتُ لَهُمُ الْيَوْمَ بِأَمِيرٍ ، يَقُولُ : تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ " ، فَأَتَاهَا ابْنُ عُمَرَ فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ : يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَقَالَتْ : قَدْ وَاللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي ، فَلَمَّا جَاءَ قِيلَ : هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : " ارْفَعَانِي " ، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : " مَا لَدَيْكَ ؟ " ، فَقَالَ : أَذِنَتْ لَكَ ، قَالَ عُمَرُ : " مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، انْظُرْ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلْنِي عَلَى سَرِيرِي ، ثُمَّ قِفْ بِي عَلَى الْبَابِ ، فَقُلْ : يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلْنِي ، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ فَادْفِنِّي فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ " ، فَلَمَّا حُمِلَ فَكَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ إِلا يَوْمَئِذٍ ، قَالَ : فَأَذِنَتْ لَهُ فَدُفِنَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَيْثُ أَكْرَمَهُ اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ، وَقَالُوا لَهُ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ : اسْتَخْلِفْ ، فَقَالَ : " لا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي ، فَسَمَّى عَلِيًّا ، وَعُثْمَانَ ، وَطَلْحَةَ ، وَالزُّبَيْرَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَسَعْدًا ، فَإِنْ أَصَابَتْ سَعْدًا فَذَلِكَ ، وَإِلا فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعَنْ بِهِ ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلا خِيَانَةٍ " ، قَالَ : وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ مَعَهُمْ يُشَاوِرُونَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ، قَالَ : فَلَمَّا اجْتَمَعُوا ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ مِنْكُمْ فَجَعَلَ الزُّبَيْرُ أَمْرَهُ إِلَى عَلِيٍّ ، وَجَعَلَ طَلْحَةُ أَمْرَهُ إِلَى عُثْمَانَ وَجَعَلَ سَعْدٌ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَأْتَمَرَ أُولَئِكَ الثَّلاثَةُ حِينَ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَيُّكُمْ يَبْرَأُ مِنَ الأَمْرِ وَيَجْعَلُ الأَمْرَ إِلَيَّ وَلَكُمُ اللَّهُ عَلَيَّ أَلا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَأَسْكَتَ الشَّيْخَانِ عَلِيٌّ ، وَعُثْمَانُ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : تَجْعَلانِهِ إِلَيَّ وَأَنَا أَخْرُجُ مِنْهَا ، فَوَاللَّهِ لا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ، قَالُوا : نَعَمْ ، فَخَلا بِعَلِيٍّ فَقَالَ : إِنَّ لَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقِدَمِ ، وَاللَّهِ عَلَيْكَ لَئِنِ اسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنِ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَخَلا بِعُثْمَانَ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ : فَقَالَ عُثْمَانُ : فَنَعَمْ ، قَالَ : فَقَالَ : ابْسُطْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : " أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حَقَّهُمْ ، وَأَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلامِ ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ ، وَجُبَاةُ الْمَالِ ، أَنْ لا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلا فَضْلَهُمْ عَنْ رِضًى مِنْهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ ، أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلامِ ، وَأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَأَنْ لا يُكَلَّفُوا إِلا طَاقَتَهُمْ ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |