قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " خَرَجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ صَلاةِ الظُّهْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ، فَأُنْزِلَ إِلَى الأَرْضِ وَكَانَ مُكْثُهُ فِي الْجَنَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً ، وَالْيَوْمُ أَلْفُ سَنَةٍ مِمَّا يَعُدُّ أَهْلُ الدُّنْيَا ، فَأُهْبِطَ آدَمُ عَلَى جَبَلٍ بِالْهِنْدِ ، يُقَالُ لَهُ : نَوْذُ وَأُهْبِطَتْ حَوَّاءُ بِجُدَّةَ ، فَنَزَلَ آدَمُ مَعَهُ رِيحُ الْجَنَّةِ فَعَلِقَ بِشَجَرِهَا وَأَوْدِيَتِهَا ، فَامْتَلأَ مَا هُنَالِكَ طِيبًا فَمِنْ ثَمَّ يُؤْتَى بِالطِّيبِ مِنْ رِيحِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالُوا : أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ أَيْضًا ، وَأُنْزِلَ مَعَهُ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ ، وَعَصَا مُوسَى ، وَكَانَتْ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ طُولُهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ عَلَى طُولِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَرُّ وَلُبَانُ ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ بَعْدُ الْعَلاةُ وَالْمِطْرَقَةُ وَالْكَلْبَتَانِ ، فَنَظَرَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ عَلَى الْجَبَلِ إِلَى قَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ نَابِتٍ عَلَى الْجَبَلِ ، فَقَالَ : هَذَا مِنْ هَذَا ، فَجَعَلَ يُكَسِّرُ أَشْجَارًا عَتَقَتْ وَيَبَسَتْ بِالْمِطْرَقَةِ ، ثُمَّ أَوَقَدْ عَلَى ذَلِكَ الْغُصْنِ حَتَّى ذَابَ ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ ضُرِبَ مِنْهُ مُدْيَةٌ فَكَانَ يَعْمَلُ بِهَا ، ثُمَّ ضُرِبَ التَّنُّورُ وَهُوَ الَّذِي وَرِثَهُ نُوحٌ وَهُوَ الَّذِي فَارَ بِالْهِنْدِ بِالْعَذَابِ ، فَلَمَّا حَجَّ آدَمُ وَضَعَ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ ، فَكَانَ يُضِيءُ لأَهْلِ مَكَّةَ فِي لَيَالِي الظُّلْمِ كَمَا يُضِيءُ الْقَمَرُ ، فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ الإِسْلامِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَقَدْ كَانَ الْحُيَّضُ وَالْجُنُبُ يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ يَمْسَحُونَهُ فَاسْوَدَّ ، فَأَنْزَلَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ ، وَحَجَّ آدَمُ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ أَرْبَعِينَ حَجَّةً عَلَى رِجْلَيْهِ ، وَكَانَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ السَّمَاءَ ، فَمِنْ ثَمَّ صَلُعَ وَأَوْرَثَ وَلَدَهُ الصَّلَعَ ، وَنَفَرَتْ مِنْ طُولِهِ دَوَابُّ الْبَرِّ فَصَارَتْ وَحْشًا مِنْ يَوْمَئِذٍ ، فَكَانَ آدَمُ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ قَائِمًا يَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَيَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ فَحُطَّ مِنْ طُولِهِ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا فَكَانَ ذَلِكَ طُولُهُ حَتَّى مَاتَ ، وَلَمْ يُجْمَعْ حُسْنُ آدَمَ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ إِلا لِيُوسُفَ ، وَأَنْشَأَ آدَمُ ، يَقُولُ : رَبِّ كُنْتُ جَارَكَ فِي دَارِكَ لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرَكَ وَلا رَقِيبٌ دُونَكَ آكُلُ فِيهَا رَغَدًا وَأَسْكُنُ حَيْثُ أَحْبَبْتُ فَأَهْبَطْتَنِي إِلَى هَذَا الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ فَكُنْتُ أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَأَرَاهُمْ كَيْفَ يَحُفُّونُ بِعَرْشِكَ وَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ وَطِيبِهَا ثُمَّ أَهْبَطْتَنِي إِلَى الأَرْضِ وَحَطَطْتَنِي إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا فَقَدِ انْقَطَعَ عَنِّي الصَّوْتُ وَالنَّظَرُ وَذَهَبَ عَنِّي رِيحُ الْجَنَّةِ فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : لِمَعْصِيَتِكَ يَا آدَمُ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ عُرْيَ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ كَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ مِنَ الثَّمَانِيَةِ الأَزْوَاجِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَأَخَذَ آدَمُ كَبْشًا فَذَبَحَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ صُوفَهُ فَغَزَلَتْهُ حَوَّاءُ وَنَسَجَهُ هُوَ وَحَوَّاءُ ، فَنَسَجَ آدَمُ جُبَّةً لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ لِحَوَّاءَ دِرْعًا وَخِمَارًا فَلَبِسَاهُ ، وَقَدْ كَانَا اجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَسُمِّيَتْ جَمْعًا وَتَعَارَفَا بِعَرَفَةَ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ ، وَبَكَيَا عَلَى مَا فَاتَهُمَا مِائَتَيْ سَنَةٍ وَلَمْ يَأْكُلا وَلَمْ يَشْرَبَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ أَكَلا وَشَرِبَا وَهُمَا يَوْمَئِذٍ عَلَى نَوْذَ الْجَبَلِ الَّذِي أُهْبِطَ عَلَيْهِ آدَمُ ، وَلَمْ يَقْرَبْ حَوَّاءَ مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ قَرَبَهَا فَتَلَقَّتْ فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ أَوَّلَ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ لَبُودَ تَوْأَمَتَهُ ، ثُمَّ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ هَابِيلَ وَأُخْتَهُ إِقْلِيمَا تَوْأَمَتَهُ ، فَلَمَّا بَلَغُوا أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ وَالْبَطْنَ الثَّانِيَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ ، يُخَالِفُ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ وَكَانَتْ أُخْتُ قَابِيلَ حَسَنَةً وَأُخْتُ هَابِيلَ قَبِيحَةً ، فَقَالُ آدَمُ لِحَوَّاءَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَذَكَرَتْهُ لابْنَيْهَا فَرَضِيَ هَابِيلُ وَسَخِطَ قَابِيلُ ، وَقَالَ : لا وَاللَّهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ وَلَكِنْ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ ، فَقَالَ آدَمُ : فَقَرِّبَا قُرْبَانًا فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَهُ ، فَرَضِيَا بِذَلِكَ فَعَدَا هَابِيلُ وَكَانَ صَاحِبُ مَاشِيَةٍ بِخَيْرِ غِذَاءِ غَنَمِهِ وَزُبْدٍ وَلَبَنٍ ، وَكَانَ قَابِيلُ زَرَّاعًا فَأَخَذَ طُنًّا مِنْ شَرِّ زَرْعِهِ ، ثُمَّ صَعَدَا الْجَبَلَ يَعْنِي نَوْذَ وَآدَمُ مَعَهُمَا فَوَضَعَا الْقُرْبَانَ وَدَعَا آدَمُ رَبَّهُ وَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ : مَا أُبَالِي أَيُقْبَلُ مِنِّي أَمْ لا يَنْكِحُ هَابِيلُ أُخْتِي أَبَدًا ، فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَهُوَ فِي غَنَمِهِ ، فَقَالَ : لأَقْتُلَنَّكَ ، قَالَ : لِمَ تَقْتُلُنِي ، قَالَ : لأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ مِنِّي وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي وَنَكَحْتَ أُخْتِي الْحَسَنَةَ وَنَكَحْتُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ كُنْتَ خَيْرًا مِنِّي ، فَقَالَ لَهُ هَابِيلُ : لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ { 28 } إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ { 29 } سورة المائدة آية 28-29 . أَمَا قَوْلُهُ : بِإِثْمِي ، يَقُولُ : تَأْثَمُ بِقَتْلِي إِذَا قَتَلْتَنِي إِلَى إِثْمِكَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَنِي ، فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ، فَتَرَكَهُ لَمْ يُوَارِ جَسَدَهُ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ وَكَانَ قَتْلُهُ عَشِيَّةً ، وَغَدَا إِلَيْهِ غُدْوَةً لَيَنْظُرَ مَا فَعَلَ فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ حَيٍّ يَبْحَثُ عَلَى غُرَابٍ مَيِّتٍ ، فَقَالَ : يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي كَمَا يُوَارِي هَذَا سَوْأَةَ أَخِيهِ ، فَدَعَا بِالْوَيْلِ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ سورة المائدة آية 31 ، ثُمَّ أَخَذَ قَابِيلُ بِيَدِ أَخِيهِ ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْجَبَلِ يَعْنِي نَوْذَ إِلَى الْحَضِيضِ فَقَالَ آدَمُ لِقَابِيلَ : اذْهَبْ فَلا تَزَالُ مَرْعُوبًا أَبَدًا لا تَأْمَنُ مَنْ تَرَاهُ ، فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ إِلا رَمَاهُ ، فَأَقْبَلَ ابْنٌ لِقَابِيلَ أَعْمَى وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ ، فَقَالَ لِلأَعْمَى ابْنِهِ : هَذَا أَبُوكَ قَابِيلُ فَرَمَى الأَعْمَى أَبَاهُ قَابِيلَ فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ ابْنُ الأَعْمَى : يَا أَبَتَاهُ قَتَلْتَ أَبَاكَ ، فَرَفَعَ الأَعْمَى يَدَهُ فَلَطَمَ ابْنَهُ فَمَاتَ ابْنُهُ ، فَقَالَ الأَعْمَى : وَيْلٌ لِي قَتَلْتُ أَبِي بِرَمْيَتِي وَقَتَلْتُ ابْنِي بِلَطْمَتِي ، ثُمَّ حَمَلَتْ حَوَّاءُ فَوَلَدَتْ شِيثًا وَأُخْتَهُ عَزْوَرَا ، فَسُمِّيَ هِبَةُ اللَّهِ اشْتُقَّ لَهُ مِنِ اسْمِ هَابِيلَ ، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ حِينَ وَلَدَتْهُ : هَذَا هِبَةُ اللَّهِ لَكِ بَدَلَ هَابِيلَ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ شَثٌّ وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ شَاثُ وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ شِيثٌ ، وَإِلَيْهِ أَوْصَى آدَمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَكَانَ آدَمُ يَوْمَ وُلِدَ شِيثٌ ابْنُ ثَلاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ، ثُمَّ تَغْشَاهَا آدَمُ فَحَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ، يَقُولُ : قَامَتْ وَقَعَدَتْ ثُمَّ أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ فَقَالَ لَهَا : يَا حَوَّاءُ مَا هَذَا فِي بَطْنِكِ ؟ قَالَتْ : لا أَدْرِي ، قَالَ : فَلَعَلَّهُ يَكُونُ بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ ، ثُمَّ قَالَتْ : مَا أَدْرِي ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا حَتَّى إِذَا هِيَ أَثْقَلَتْ أَتَاهَا ، فَقَالَ : كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا حَوَّاءُ ؟ قَالَتْ : إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ كَالَّذِي خَوَّفْتَنِي مَا أَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ إِذَا قُمْتُ ، قَالَ : أَفَرَأَيْتِ إِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ فَجَعَلَهُ إِنْسَانًا مِثْلَكَ وَمِثْلَ آدَمَ تُسَمِّيهِ بِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ فَانْصَرَفَ عَنْهَا ، وَقَالَتْ لآدَمَ : لَقَدْ أَتَانِي آتٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِي بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ وَإِنِّي لأَجِدُ لَهُ ثُقْلا وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ فَلَمْ يَكُنْ لآدَمَ وَلا لِحَوَّاءَ هَمٌّ غَيْرَهُ حَتَّى وَضَعَتْهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ سورة الأعراف آية 189 . فَكَانَ هَذَا دُعَاؤُهُمَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ فَلَمَّا وَلَدَتْ غُلامًا سَوِيًّا أَتَاهَا ، فَقَالَ لَهَا : أَلا سَمَّيْتِهِ كَمَا وَعَدْتِنِي ؟ قَالَتْ : وَمَا اسْمُكَ ؟ وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلُ وَلَوْ تَسَمَّى بِهِ لَعَرَفَتْهُ ، فَقَالَ : اسْمِي الْحَارِثُ فَسَمَّتْهُ : عَبْدُ الْحَارِثِ فَمَاتَ ، يَقُولُ اللَّهُ : فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ سورة الأعراف آية 190 . وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى آدَمَ أَنْ لِي حَرَمًا بِحِيَالِ عَرْشِي ، فَانْطَلِقْ فَابْنِ لِي بَيْتًا فِيهِ ثُمَّ حُفَّ بِهِ كَمَا رَأَيْتَ مَلائِكَتِي يَحُفُّونَ بِعَرْشِي ، فَهُنَالِكَ أَسْتَجِيبُ لَكَ وَلِوَلَدِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي طَاعَتِي ، فَقَالَ آدَمُ : أَيْ رَبِّي وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ لَسْتُ أَقْوَى عَلَيْهِ وَلا أَهْتَدِي لَهُ فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَلَكًا فَانْطَلَقَ بِهِ نَحْوَ مَكَّةَ فَكَانَ آدَمُ إِذَا مَرَّ بِرَوْضَةٍ وَمَكَانٍ يُعْجِبُهُ ، قَالَ لِلْمَلَكِ : انْزِلْ بِنَا هَهُنَا ، فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ : مَكَانَكَ ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ ، فَكَانَ كُلُّ مَكَانٍ نَزَلَ بِهِ عُمْرَانًا ، وَكَانَ كُلُّ مَكَانٍ تَعَدَّاهُ مَفَاوِزَ وَقِفَارًا ، فَبَنَى الْبَيْتَ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ : مِنْ طُورِ سِينَا ، وَطُورِ زَيْتُونٍ وَلُبْنَانَ وَالْجُودِيِّ ، وَبَنَى قَوَاعِدَهُ مِنْ حِرَاءٍ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ خَرَجَ بِهِ الْمَلَكُ إِلَى عَرَفَاتٍ ، فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ ، ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْهِنْدِ فَمَاتَ عَلَى نَوْذَ ، فَقَالَ شِيثٌ لِجِبْرِيلَ : صَلِّ عَلَى آدَمَ ، فَقَالَ : تَقَدَّمْ أَنْتَ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ وَكَبِّرْ عَلَيْهِ ثَلاثِينَ تَكْبِيرَةً ، فَأَمَّا خَمْسٌ وَهِيَ الصَّلاةُ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ تَفْضِيلا لآدَمَ . وَلَمْ يَمُتْ آدَمُ حَتَّى بَلَغَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا بِنَوْذَ ، وَرَأَى آدَمُ فِيهِمُ الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَالْفَسَادَ ، فَأَوْصَى أَنْ لا يُنَاكِحَ بَنُو شِيثٍ بَنِي قَابِيلَ ، وَكَانَ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ بَنُو شِيثٍ ، فَكَانَ عُمُرُ آدَمَ تِسْعُمِائَةِ سَنَةً وَسِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً ، فَقَالَ : مِائَةٌ مِنْ بَنِي شِيثٍ صِبَاحٌ : لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ بَنُو عَمِّنَا يَعْنُونَ بَنِي قَابِيلَ فَهَبَطَتِ الْمِائَةُ إِلَى نِسَاءٍ قِبَاحٍ مِنْ بَنِي قَابِيلَ فَأَحْبَسَ النِّسَاءُ الرِّجَالَ ثُمَّ مَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ قَالَ مِائَةٌ آخَرُونَ : لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ إِخْوَتُنَا فَهَبَطُوا مِنَ الْجَبَلِ إِلَيْهِمْ فَاحْتَبَسَهُمُ النِّسَاءُ ، ثُمَّ هَبَطَ بَنُو شِيثٍ كُلُّهُمْ فَجَاءَتِ الْمَعْصِيَةُ وَتَنَاكَحُوا وَاخْتَلَطُوا وَكَثُرَ بَنُو قَابِيلَ ، حَتَّى مَلئُوا الأَرْضَ وَهُمُ الَّذِينَ غَرِقُوا أَيَّامَ نُوحٍ وَوَلَدَ شِيثُ بْنُ آدَمَ أَنُوشَ وَنَفَرًا كَثِيرًا ، وَإِلَيْهِ أَوْصَى شِيثٌ فَوَلَدُ أَنُوشُ قِينَانَ وَنَفَرًا كَثِيرًا ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَوَلَدُ قِينَانُ مَهْلالِيلَ وَنَفَرًا مَعَهُ ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَوَلَدُ مَهْلالِيلَ يَرْذَ وَهُوَ الْيَارِذُ وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ ، وَفِي زَمَانِهِ عُمِلَتِ الأَصْنَامُ وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ عَنِ الإِسْلامِ ، فَوَلَدَ يَرْذُ خَنُوخَ وَهُوَ إِدْرِيسُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَنَفَرًا مَعَهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |