سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي


تفسير

رقم الحديث : 6820

قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ , يَقُولُ : " قَدْ يَكُونُ الْحَمْلُ ثَلاثَ سِنِينَ , وَقَدْ حُمِلَ بِبَعْضِ النَّاسِ ثَلاثَ سِنِينَ ، يَعْنِي نَفْسَهُ " . قَالَ : وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ ، يَقُولُ : حُمِلَ بِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ثَلاثَ سِنِينَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ , قَالَ : " كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ طَوِيلا ، عَظِيمَ الْهَامَةِ ، أَصْلَعَ ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ , أَبْيَضَ ، شَدِيدَ الْبَيَاضِ إِلَى الشُّقْرَةِ , وَكَانَ لِبَاسُهُ الثِّيَابُ الْعَدَنِيَّةُ الْجِيَادُ , وَكَانَ يَكْرَهُ حَلْقَ الشَّارِبِ ، وَيَعِيبُهُ ، وَيَرَاهُ مِنَ الْمَثَلِ , كَأَنَّهُ مَثَّلَ بِنَفْسِهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , قَالَ : كَانَ خَاتَمُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَصُّهُ حَجَرٌ أَسْوَدُ ، مُجَسَّدٌ ، نَقْشُهُ شَطْرَانِ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , وَكَانَ يَتَخَتَّمُ بِهِ فِي يَسَارِهِ , وَرُبَّمَا رَأَيْتُ خَاتَمَهُ كَثِيرًا فِي يَمِينِهِ , فَلا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ يُحَوِّلَهُ مِنْ يَسَارِهِ إِلَى يَمِينِهِ حِينَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الْغَائِطِ , وَالْبَوْلِ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَعْمَلُ فِي نَفْسِهِ مَا لا يُلْزِمُهُ النَّاسُ ، وَكَانَ يَقُولُ : " لا يَكُونُ الْعَالِمُ عَالِمًا حَتَّى يَعْمَلُ فِي نَفْسِهِ ، بِمَا لا يُفْتِي بِهِ النَّاسَ ، يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ مَا لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ إِثْمٌ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى , قَالَ : " رَأَيْتُ مَالِكًا مُتَخَتِّمًا فِي يَسَارِهِ " . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : " كَانَ مَالِكٌ لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ " , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ , قَالَ : قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ يَوْمًا : مَا نَقْشُ خَاتَمِكَ ؟ قَالَ : " حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " , قُلْتُ : فَلِمَ تَنْقُشُهُ هَذَا النَّقْشَ مِنْ بَيْنِ مَا يَنْقُشُ النَّاسُ الْخَوَاتِيمَ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، يَقُولُ : لِقَوْمٍ قَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ { 173 } فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ سورة آل عمران آية 173-174 ، فقَالَ مُطَرِّفٌ : فَمَحَوْتُ نَقْشَ خَاتَمِي ، وَنَقَشْتُهُ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , قَالَ : " كُنْتُ آتِي نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ نِصْفَ النَّهَارِ ، مَا يَظِلُّنِي شَيْءٌ مِنَ الشَّمْسِ , وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالنَّقِيعِ بِالصُّورَيْنِ , وَكَانَ حَدًّا ، فَأَتَحَيَّنُ خُرُوجَهُ ، فَيَخْرُجُ ، فَأَدَعُهُ سَاعَةً ، وَأَرِيهِ أَنِّي لَمْ أُرِدْهُ , ثُمَّ أَعْرِضُ لَهُ ، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَدَعُهُ ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ الْبَلاطَ ، أَقُولُ : كَيْفَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي كَذَا وَكَذَا ؟ فَيَقُولُ : قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، فَأَخْنَسُ عَنْهُ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ , قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : " وَكُنْتُ آتِي ابْنَ هُرْمُزَ بَكْرَةً ، فَمَا أَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى اللَّيْلَ ، وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ دَاوُدَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَفْضَلِهِمْ ، قَالَ : " رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ الْقَبْرَ انْفَرَجَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ ، وَإِذَا النَّاسُ مُنْفَصِمُونَ ، فَصَاحَ صَائِحٌ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , قَالَ : فَرَأَيْتُ مَالِكًا جَاءَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَعْطَاهُ شَيْئًا , فَقَالَ : " اقْسِمْ هَذَا عَلَى النَّاسِ " , فَخَرَجَ بِهِ مَالِكٌ يُقَسِّمُهُ عَلَى النَّاسِ , فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ ، يُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا : " أَرَانِي فِي الْمَنَامِ ، وَرَجُلٌ يَسْأَلُنِي : مَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : قُلْتُ : لا أَدْرِي إِلا أَنَّهُ قُلَّ مَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ ، إِلا قَالَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ : مَا شَاءَ اللَّهُ , قَالَ : فَقَالَ : لَوْ قَالَ هَذَا فِي أَخْفَى مِنَ الشَّعْرِ لَهُدِيَ مِنْهُ إِلَى الصَّوَابِ . " قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : " كَانَ مَالِكٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَأَدْخَلَ رِجْلَهُ ، قَالَ : مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ , فَقِيلَ لَهُ : إِنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْتَكَ , قُلْتَ : مَا شَاءَ اللَّهِ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ , قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ سورة الكهف آية 39 ، وَجَنَّتُهُ بَيْتُهُ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , قَالَ : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِهِ أَسْمَاعٌ هُوَ ؟ فَقَالَ : " مِنْهُ سَمَاعٌ ، وَمِنْهُ عَرْضٌ , وَلَيْسَ الْعَرْضُ عِنْدَنَا بِأَدْنَى مِنَ السَّمَاعِ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ ، يَقُولُ لِبَعْضِ مَنِ يحْتَجَّ عَلَيْهِ فِي الْعَرْضِ : إِنَّهُ لا يُجْزِئُهُ فِيهِ إِلا الْمُشَافَهَةُ , فَيَأْبَى مَالِكٌ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَشَدَّ الإِبَاءِ , وَيَحْتَجُّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ , فَيَقُولُ : " أَرَأَيْتَ إِذَا قَرَأْتَ عَلَى الْقَارِئِ الْقُرْآنَ ، فَسُئِلْتَ مَنْ أَقْرَأَكَ ؟ أَلَيْسَ تَقُولُ : فُلانُ بْنُ فُلانٍ , وَفُلانٌ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْكَ قَلِيلا وَلا كَثِيرًا , فَهُوَ إِذَا قَرَأْتَ أَنْتَ عَلَيْهِ أَجْزَأَكَ , وَهُوَ الْقُرْآنُ , وَلا تَرَى أَنْ يُجْزِئَكَ الْحَدِيثُ ؟ ! فَالْقُرْآنُ أَعْظَمُ مِنَ الْحَدِيثِ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : " صَحِبْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَرَأَ مَالِكٌ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكُتُبِ ، يَعْنِي الْمُوَطَّأَ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ ، يَقُولُ : " عَجَبًا لِمَنْ يُرِيدُ الْمُحَدِّثُ عَلَى أَنْ يُحَدِّثَهُ مُشَافَهَةً , وَذَلِكَ إِنَّمَا أَخَذَ حَدِيثَهُ عَرْضًا ، فَكَيْفَ جَوَّزَ ذَلِكَ لِلْمُحَدِّثِ ، وَلا يُجَوِّزُ هُوَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ كَمَا عَرَضَ هُوَ ؟ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْعُمَرِيَّ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ , وَعَبْدَ الْحَكِيمِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ , وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ عَلَى الْمُحَدِّثِ ، أَوْ حَدِيثِهِ هُوَ بِهِ , فَقَالُوا : " هُوَ سَوَاءٌ , وَهُوَ عِلْمٌ بَلَدِنَا " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِمَالِكٍ : قَدْ سَمِعْتَ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ ، فَقَالَ مَالِكٌ : " مِائَةُ أَلْفِ حَدِيثٍ ! أَنْتَ حَاطِبُ لَيْلٍ ، تَجْمَعُ الْقَشْعَةَ , فَقَالَ : مَا الْقَشْعَةُ ؟ قَالَ : الْحَطَبُ ، يَجْرُعُهُ الإِنْسَانُ بِاللَّيْلِ , فَرُبَّمَا أَخَذَ مَعَهُ الأَفْعَى ، فَتَنْهَشَهُ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , قَالَ : سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الإِيمَانِ , يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ ؟ فَقَالَ : " يَزِيدُ ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ , فَقِيلَ لَهُ : وَيَنْقُصُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَلا أُرِيدُ أَنْ أَبْلُغَ هَذَا " . قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : سُئِلَ مَالِكٌ مَا كُنْيَةُ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ ؟ فَقَالَ : " أَبُو الْقَاسِمِ ، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : " لَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ ، لَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَهُ , فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ ، حَتَّى قُتِلَ مُحَمَّدٌ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ , يَقُولُ : " لَمَّا حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ دَعَانِي ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَحَادَثْتُهُ , وَسَأَلَنِي فَأَجَبْتُهُ , فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَزَمْتُ أَنْ آمُرَ بِكُتُبِكَ هَذِهِ الَّتِي وَضَعْتَهَا ، يَعْنِي الْمُوَطَّأَ ، فَتُنْسَخُ نُسَخًا , ثُمَّ أَبْعَثُ إِلَى كُلِّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِنُسْخَةٍ , وَآمَرُهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا بِمَا فِيهَا لا يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ , وَيَدَعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ الْمُحْدَثِ ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَصْلَ الْعِلْمِ رِوَايَةَ الْمَدِينَةِ ، وَعِلْمِهِمْ , قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا تَفْعَلْ هَذَا , فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ سَبَقَتْ إِلَيْهِمْ أَقَاوِيلُ , وَسَمَعُوا أَحَادِيثَ وَرَوَوْا رِوَايَاتٍ , وَأَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا سَبَقَ إِلَيْهِمْ وَعَلِمُوا بِهِ , وَدَانُوا بِهِ مِنِ اخْتِلافِ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ , وَإِنَّ رَدَّهُمْ عَمَّا قَدِ اعْتَقَدُوهُ شَدِيدٌ , فَدَعِ النَّاسَ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ , وَمَا اخْتَارَ كُلُّ أَهْلِ بَلَدٍ مِنْهُمْ لأَنْفُسِهِمْ , فَقَالَ : لَعَمْرِي لَوْ طَاوَعْتَنِي عَلَى ذَلِكَ ، لأَمَرْتُ بِهِ " . قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : لَمَّا دُعِيَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَشُووِرَ وَسُمِعَ مِنْهَ وَقُبِلَ قَوْلُهُ شَنَفَ النَّاسُ لَهُ وَحَسَدُوهُ وَبَغَوْهُ بِكُلِّ شَيْءٍ , فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ سَعَوْا بِهِ إِلَيْهِ وَكَثُرُوا عَلَيْهِ عِنْدَهُ , وَقَالُوا : لا يَرَى أَيْمَانَ بِيعَتِكُمْ هَذِهِ بِشَيْءٍ , وَهُوَ يَأْخُذُ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ ثَابِتٍ الأَحْنَفِ فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ , فَغَضِبَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , فَدَعَا بِمَالِكٍ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا رَقِيَ إِلَيْهِ عَنْهُ , ثُمَّ جَرَّدَهُ وَمَدَّهُ وَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ وَمُدَّتْ يَدُهُ حَتَّى انْخَلَعَ كَتِفَاهُ , وَارْتَكَبَ مِنْهُ أَمْرًا عَظِيمًا , فَوَاللَّهِ مَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّرْبِ فِي رِفْعَةٍ عِنْدَ النَّاسِ وَعُلُوٍّ مِنْ أَمْرِهِ وَإِعِظَامِ النَّاسِ لَهُ , وَكَأَنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ السِّيَاطُ الَّتِي ضَرَبَهَا حُلِيًّا حُلِيَّ بِهَا قَالَ : وَكَانَ مَالِكٌ يَأْتِي الْمَسْجِدَ , وَيَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةَ وَالْجَنَائِزَ , وَيَعُودُ الْمَرْضَى , وَيَقْضِي الْحُقُوقَ وَيَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَحْتَجُّ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ , ثُمَّ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ يُصَلِّي ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ , وَتَرَكَ شُهُودَ الْجَنَائِزَ فَكَانَ يَأْتِي أَصْحَابُهَا فَيُعَزِّيهِمْ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَلَمْ يَكُنْ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ وَلا الْجُمُعَةَ وَلا يَأْتِي أَحَدًا يُعَزِّيهِ , وَلا يَقْضِي لَهُ حَقًّا , وَاحْتَمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ , وَكَانُوا أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ وَأَشَدَّهُ لَهُ تَعْظِيمًا حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ , وَكَانَ رُبَّمَا كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ : لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْدِرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِعُذْرِهِ قَالَ : وَكَانَ مَالِكٌ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ لَهُ وَنَمَارِقٍ مُطْرَحَةٍ يُمْنَةً وَيُسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ لِمَنْ يَأْتِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَالنَّاسِ وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَجْلِسَ وَقَارٍ وَحِلْمٍ , وَكَانَ مَالِكٌ رَجُلا مُهِيبًا نَبِيلا لَيْسَ فِي مَجْلِسِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمِرَاءِ وَاللَّغَطِ وَلا رَفْعِ الصَّوْتِ , وَكَانَ الْغُرَبَاءُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ , وَلا يُجِيبُ إِلا الْحَدِيثَ بَعْدَ الْحَدِيثِ وَرُبَّمَا أَذِنَ لِبَعْضِهِمْ فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ قَدْ نَسَخَ كُتُبَهُ يُقَالُ لَهُ : حَبِيبٌ يَقْرَأُ لِلْجَمَاعَةِ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَحْضُرُهُ يَدْنُو وَلا يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ , وَلا يَسْتَفْهِمُ هَيْبَةً لِمَالِكٍ وَإِجْلالا وَكَانَ حَبِيبٌ إِذَا قَرَأَ فَأَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيلا قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : مَا رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَحْتَجِمُ إِلا يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ يُنْكِرُ الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِيَ فِي ذَلِكَ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , قَالَ : اشْتَكَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَيَّامًا يَسِيرَةً , فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا عَمَّا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ , فَقَالَ : تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَتُوُفِّيَ صَبِيحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلافَةِ هَارُونَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَهُوَ ابْنُ زَيْنَبَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ بِأُمِّهِ كَانَ يُعْرَفُ , يُقَالُ : عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ زَيْنَبَ , وَكَانَ يَوْمَئِذٍ وَالِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَى مَالِكٍ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ , وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ , وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً , قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ , قَالَ : أَنَا أَحْفَظُ النَّاسِ لِمَوْتِ مَالِكٍ , مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى , قَالَ : رَأَيْتُ الْفُسْطَاطَ عَلَى قَبْرِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , وَكَانَ مَالِكٌ ثِقَةً مَأْمُونًا ثَبَتًا وَرِعًا عَالِمًا حُجَّةً .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.