أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا حَبِيبٌ الْحَسَنُ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِي رَجَبٍ مَقْفِلِهِ مِنْ بَدْرٍ الْأُولَى ، وَبَعَثَ مَعَهُ ثَمَانِيَةَ رَهْطٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتَّى يَسِيرَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يَنْظُرَ فِيهِ ، فَيَمْضِي لَمَّا أَمَرَ بِهِ وَلَا يَسْتَكْرِهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا ، فَلَمَّا سَارَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَيْنِ فَتَحَ الْكِتَابَ فَنَظَرَ فِيهِ فَإِذَا فِيهِ : إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةً بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ فَتَرْصُدْ بِهَا قِرَيْشًا وَتَعْلَمْ لَنَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ ، فَلَمَّا نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فِي الْكِتَابِ ، قَالَ : سَمْعًا وَطَاعَةً ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ ، قَالَ : وَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ حَتَّى نَزَلُوا بِنَخْلَةٍ . فَمَرَّتْ بِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَأَدَمًا وَتِجَارَةً مِنْ تِجَارَةِ قُرَيْشٍ فِيهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَخُوهُ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ هَابُوهُمْ ، وَقَدْ نَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ ، فَأَشْرَفَ لَهُمْ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَكَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمِنُوا ، وَقَالُوا الْقَوْمُ : عُمَّارٌ لَا بَأْسَ عَلَيْكِمْ مِنْهُمْ . وَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ فِيهِمْ ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ ، فَقَالَ الْقَوْمُ : وَاللَّهِ ، لَئِنْ تَرَكْتُمُ الْقَوْمَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، لَيَدْخُلَنَّ الْحَرَمَ فَلَيَمْتَنِعَنَّ بِهِ مِنْكُمْ وَلَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ لَتَقْتُلُوهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ . فَتَرَدَّدَ الْقَوْمُ وَهَابُوا الْإِقْدَامَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ شَجُعُوا عَلَيْهِمْ وَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ وَأَخْذِ مَا مَعَهُمْ . فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ، وَاسْتَأْسَرَ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ وَأَفْلَتَ الْقَوْمُ نَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَعْجَزَهُمْ ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأَصْحَابُهُ بِالْعِيرِ وَالْأَسِيرَيْنِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ . وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا غَنِمْتُمُ الْخُمُسَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ الْخُمُسَ مِنَ الْمَغَانِمِ ، فَعُزِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمُسَ الْعِيرِ ، وَقُسِّمَ سَائِرُهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ . فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، قَالَ : مَا أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، فَوَقَفَ الْعِيرَ وَالْأَسِيرَيْنِ وَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا . فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أُسْقِطَ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا وَعَنَّفَهُمْ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا صَنَعُوا . وَقَالَتْ قُرَيْشٌ : قَدِ اسْتَحَلَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَسَفَكُوا فِيهِ الدَّمَ وَأَخَذُوا فِيهِ الْمَالَ وَأَسَرُوا فِيهِ الرِّجَالَ . فَقَالَ مَنْ يَرِدُّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّةَ : إِنَّمَا أَصَابُوا مَا أَصَابُوا فِي شَعْبَانَ . وَقَالَتْ يَهْودُ : تَفْأَلُ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَمْرُو عَمَّرَتِ الْحَرْبَ ، الْحَضْرَمِيُّ حَضَّرَتِ الْحَرْبَ ، وَاقِدُ وَقَّدَتِ الْحَرْبَ ، فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ وَبِهِمْ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ سورة البقرة آية 217 وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ سورة البقرة آية 217 مِنَ الْقَتْلِ مَنْ قَتَلْتُمْ مِنْهُمْ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ سورة البقرة آية 217 أَيْ قَدْ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُسْلِمَ فِي دِينِهِ حَتَّى يَرُدُّوهُ إِلَى الْكَفْرِ بَعْدَ إِيمَانِهِ ، وَذَلِكَ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا سورة البقرة آية 217 أَيْ ثُمَّ هُمْ مُقِيمُونَ عَلَى أَخْبَثِ ذَلِكَ وَأَعْظَمِهِ غَيْرَ تَائِبِينَ وَلَا نَازِعِينَ . فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَذَا الْأَمْرِ وَفَرَّجَ اللَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الشَّفَقِ ، قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيرَ وَالْأَسِيرَيْنِ وَبَعَثَ إِلَيْهِ قُرَيشٌ فِي فِدَاءِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَالْحَكَمِ بْنِ كَيْسَانَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا نَفْدِيكُمُوهُمَا حَتَّى يَقْدَمَ صَاحِبَانَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ ، فَإِنَّا نَخْشَاكُمْ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قَتَلْتُمُوهُمَا نَقْتُلْ صَاحِبَيْكُمْ ، فَقَدِمَ سَعْدٌ وَعُتْبَةُ ، فَفَدَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ، فَأَمَّا الْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَأَقَامَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ شَهِيدًا ، وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَلَحِقَ بِمَكَّةَ فَمَاتَ بِهَا كَافِرًا " ، هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ ، رَوَاهُ مُنْقَطِعًا ، فَإِنْ لَهُ أَصْلًا فِي الْمُسْنَدِ ، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي الْمَغَازِي مُتَدَاوِلٌ بَيْنَ أَهْلِ السِّيرَةِ . وَرَوَاهُ الزُّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَهُ ، وَهُوَ مِنْ جَيِّدِ مَرَاسِيلِ عُرْوَةَ ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَتَمُّ . وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ | أحمد بن محمد البغدادي | صدوق حسن الحديث |
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ | محمد بن يحيى الوراق / توفي في :287 | صدوق حسن الحديث |
حَبِيبٌ الْحَسَنُ | حبيب بن الحسن البغدادي | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ | أحمد بن عبد الله الأصبهاني | ثقة |