أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحُبَابِ بْنِ مَخْلَدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، أَنَّ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ ، قَالَ فِي مَوْعِظَةٍ لَهُ : " يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّهُ لَا أَقْوَى مِنْ خَالِقٍ ، وَلَا أَضْعَفَ مِنْ مَخْلُوقٍ ، وَلَا أَقْدَرَ مِمَّنْ طِلْبَتُهُ فِي يَدِهِ ، وَلَا أَضْعَفَ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ ، وَهُوَ طَالِبُهُ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، قَدْ ذَهَبَ مِنْكَ مَا لَا يَرْجِعُ إِلَيْكَ ، وَأَقَامَ مَعَكَ مَا سَيَذْهَبُ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، أَقْصِرْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَا يُنَالُ ، وَعَنْ طَلَبِ مَا لَا يُدْرَكُ ، وَعَنِ ابْتِغَاءِ مَا لَا يُوجَدُ ، وَاقْطَعِ الرَّجَاءَ مِنْكَ عَمَّا فَقَدْتَ مِنَ الأَشْيَاءِ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ رُبَّ مَطْلُوبٍ هُوَ شَرٌّ لِطَالِبِه ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ ، وَأَعْظَمُ مِنَ الْمُصِيبَةِ سُوءُ الْخُلْفِ مِنْهَا ، يَا ابْنَ آدَمَ ، فَأَيَّ أَيَّامِ الدَّهْرِ تَرْتَجِي ؟ أَيَوْمًا نَحْنُ فِي غَيْرِهِ ، أَوْ يَوْمًا تَسْتَأْخِرُ عَاقِبَتَهُ عَنْ أَوَانِ مَجِيئِهِ ؟ فَانْظُرْ إِلَى الدَّهْرِ تَجِدْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، يَوْمٌ مَضَى لَا تَرْجُوهُ ، وَيَوْمٌ حَضَرَ لَابُدَّ مِنْهُ ، وَيَوْمٌ يَجِيءُ لَا تَأْمَنُهُ ، فَأَمْسٌ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ ، وَأَمِينٌ مُؤَدٍّ ، وَحَكِيمٌ مُؤَدِّبٌ قَدْ فَجَعَكَ بِنَفْسِهِ ، وَخَلَّفَ فِي يَدَيْكَ حِكْمَتُهُ ، وَالْيَوْمُ صَدِيقٌ مُوَدِّعٌ ، كَانَ طَوِيلَ الْغَيْبَةِ ، وَهُوَ سَرِيعُ الظَّعْنِ ، أَتَاكَ وَلَمْ تَأْتِهِ ، وَقَدْ مَضَى قَبْلَهُ شَاهِدٌ عَدْلٌ ، فَإِنَّ كُلَّ مَا فِيهِ لَكَ فَاشْفَعْهُ بِمِثْلِهِ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، قَدْ مَضَتْ لَنَا أُصُولٌ عَنْ فُرُوعِهَا ، فَمَا بَقَاءُ الْفَرْعِ بَعْدَ أَصْلِهِ ؟ يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ سَفْرٌ لَا يَحِلُّونَ عُقْدَةَ الرِّحَالِ إِلَّا فِي غَيْرِهَا ، وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُونَ بِالْعَوَارِي ، فَمَا أَحْسَنَ الشُّكْرَ لِلْمُنْعِمِ وَالتَّسْلِيمَ لِلْمُعِيرِ ، وَاعْلَمْ يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّهُ لَا رَزِيَّةَ فِي عَقْلٍ أَعْظَمُ مِمَّنْ ضَيَّعَ الْيَقِينَ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا الْبَقَاءُ بَعْدَ الْفَنَاءِ ، وَقَدْ خُلِقْنَا وَلَمْ نَكُنْ ، وَسَنَبْلَى ، ثُمَّ نَعُودُ ، أَلَا إِنَّمَا الْعَوَارِيُّ الْيَوْمَ وَالْهِبَاتُ غَدًا ، أَلَا وَإِنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ مِنَّا سَلْبٌ فَاحِشٌ ، أَوْ عَطَاءٌ جَزِيلٌ ، فَاسْتَصْلِحُوا مَا تُقْدِمُونَ عَلَيْهِ بِمَا تُظْعِنُونَ عَنْهُ ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَرَضٌ فِيكُمُ الْمَنَايَا تَتَّصِلُ ، وَإِنَّ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ دُنْيَاكُمْ نَهْبٌ لِلْمَصَائِبِ ، لَا تَتَنَاوَلُونَ فِيهَا نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ مُعَمِّرٌ مِنْكُمْ يَوْمًا مِنْ عُمْرِهِ ، إِلَّا بِهَدْمِ آخَرٍ مِنْ أَجَلِهِ ، وَلَا تُجَدَّدُ لَهُ زِيَادَةٌ فِي أَجَلِهِ إِلَّا بِنَفَادِ مَا قَبْلِهِ مِنْ رِزْقِهِ ، وَلَا يَحْيَا لَهُ ، أَثَرٌ إِلَّا مَاتَ لَهُ أَثَرٌ ، فَنَسَأْلُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذِهِ الْعِظَةِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |