تفسير

رقم الحديث : 90

وَرَوَى وَرَوَى أَبُو الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادٍ لَهُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، أَنَّهُ قَالَ : " كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدًا صَالِحًا ، وَكَانَ قَدْ مَلَكَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَكَانَ لَهُ خَلْيلٌ مِنَ الْمَلائِكَة اسْمُهُ رَفَائِيلُ يَأْتِي ذَا الْقَرْنَيْنِ وَيَزُورُهُ ، فَبَيْنَمَا هُمَا يَوْمًا يَتَحَدَّثَانِ ، قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : يَا رَفَائِيلُ ، حَدَّثَنِي كَيْفَ عِبَادَتُكُمْ فِي السَّمَاءِ ؟ فَبَكَى رَفَائِيلُ ، وَقَالَ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، وَمَا عِبَادَتُكُمْ عِنْدَ عِبَادَتِنَا ، إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ مِنَ الْمَلائِكَةِ مَنْ هُوَ قَائِمٌ أَبَدًا لا يَجْلِسُ ، وَمِنْهُم السَّاجِدُ لا يَرْفَعُ رَأْسَهُ أَبَدًا ، وَمِنْهُمُ الرَّاكِعُ لا يَسْتَوِي قَائِمًا أَبَدًا ، وَمِنْهُم الرَّافِعُ وَجْهَهُ لا يَجْلِسُ أَبَدًا ، وَهُمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رِبِّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادِتَكَ ، فَبَكَى ذُو الْقَرْنَيْنِ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَفَائِيلُ ، إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ أَعِيشَ ، فَأَبْلُغُ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّي حَقَّ طَاعَتِهِ ، فَقَالَ رَفَائِيلُ : أَوَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّ لِلَّهِ عَيْنَا فِي الأَرْضِ تُسَمَّى عَيْنُ الْحَيَاةِ ، فِيهَا عَزِيمَةٌ أَنَّهُ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً ، إِنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ الْمَوْتَ ، قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مَوْضِعَ تِلْكَ الْعَيْنِ ؟ فَقَالَ رَفَائِيلُ : لا ، غَيْرُ أَنَّنَا نَتَحَدَّثُ فِي السَّمَاءِ أَنَّ لِلَّهِ فِي الأَرْضِ ظُلْمَةٌ لا يَطَؤُهَا إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ، فَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ هِيَ الَّتِي فِي تِلْكَ الظُّلْمَةِ ، فَجَمَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ حُكَمَاءَ أَهْلِ الأَرْضِ ، وَأَهْلِ دِرَاسَةِ الْكُتُبِ ، وَآَثَارِ النُّبُوَّةِ ، وَقَالَ : أَخْبِرُونِي هَلْ وَجَدْتُمْ فِيمَا قَرَأْتُمْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ ، وَمَا جَاءَكُمْ مِنْ أَحَادِيثَ الأَنْبِيَاءِ ، وَحَدِيثِ مِنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ فِي الأَرْضِ عَيْنًا سَمَّاهُ عَيْنَ الْحَياةِ ، فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ : لا . فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : فَهَلْ وَجَدْتُمْ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ فِي الأَرْضِ ظُلْمَةً لا يَطَؤُهَا إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ؟ قَالُوا : لا . فَقَالَ عَالِمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَاسْمُهُ أَفْشَنْجِيرُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ لِمَ تَسْأَلُ عَنْ هَذَا ؟ فَأَخْبَرَهُ بالحَدِيثِ ، وَمَا قَالَ لَهُ رَفَائِيلُ فِي الْعَيْنِ وَالظُّلْمَةِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنِّي قَرَأْتُ وَصِيَّةَ آَدَمَ ، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ فِي الأَرْضِ ظُلْمَةً لا يَطَؤُهَا إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : فَأَيُّ أَرْضٍ وَجَدْتَهَا فِي الأَرْضِ قَالَ : وَجَدْتَهَا عَلَى قَرْنِ الشَّمْسِ . فَبَعَثَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي الأَرْضِ ، فَحُشِرَ النَّاسُ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ ، وَالأَشْرَافُ ، وَالْمُلُوكُ ، ثُمَّ سَارَ يَطْلُبُ مَطْلعَ الشَّمْسِ ، فَسَارَ إِلَى أَنْ بَلَغَ طَرَفَ الظُّلْمَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَإِذَا الظُّلْمَةُ لَيْسَتْ بِلَيْلٍ ، وَظُلْمَةٌ تَفُورُ مِثْلَ الدُّخَانِ ، فَعَسْكَرَ ثُمَّ جَمَعَ عُلَمَاءَ عَسْكَرِهِ ، فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْلُكَ هَذِهِ الظُّلْمَةَ ، فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ : أَيُّهَا الْمَلِك ، إِنَّهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَنْبِياءِ لَمْ يَطْلُبُوا هَذِهِ الظُّلْمَةَ فَلا تَطْلُبْهَا ، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَتَّفِقَ عَلَيْكَ مِنْهَا أَمْرٌ تَكْرَهُهُ ، وَيَكُونُ فِيهَا فَسَادُ الأَرْضِ ، فَقَالَ : مَا بُدٌّ مِنْ أَنْ أَسْلُكَهَا ، فَخَرَّتِ الْعُلَمَاءُ سُجَّدًا ، وَقَالُوا : أَيُّهَا الْمَلِكُ كُفَّ عَنْ هَذِهِ الظُّلْمَةِ ، وَلا تَطْلُبْهَا فَإِنَّا لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ إِنْ طَلَبْتَهَا ظَفَرَتَ بِمَا تُرِيدُ ، وَلَكِنَا نَخَافُ الْعتبَ مِنَ اللَّهِ ، وَيَتَّفِقُ عَلَيْكَ أَمْرٌ يَكُونُ فِيهِ فَسَادُ الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا ، فَقَالَ : مَا بُدٌّ مِنْ أَنْ أَسْلُكَهَا ، فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ : شَأْنُكَ ، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : أَيُّ الدَّوَابِ بِاللَّيْلِ أَبْصَرُ ؟ قَالُوا : الْخَيْلُ . قَالَ : فَأَيُّهَا أَبْصَرُ ؟ قَالُوا : الإِنَاثُ أَبْصَرُ . قَالَ : فَأَيُّ الإِنَاثِ ؟ قَالُوا : الْبَكَارَةُ . فَأَرْسَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَجُمِعَ لَهُ سِتَّةُ آَلافِ فَرَسٍ أُنْثَى بَكَارَةً ، ثُمَّ انْتَخَبَ مِنْ أَهْلِ عَسْكَرِهِ أَهْلَ والْجَلِدِ وَالْعَقْلِ سِتَّةَ آَلافِ رَجُلٍ ، فَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ فَرَسًا ، وَعَقَدَ لِلْخَضْرِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ عَلَى أَلْفَيْنِ ، وَكَانَ الْخَضْرُ وَزِيرَ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، وَهُوَ ابْنُ خَالَتِهِ ، وَبَقِيَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةِ آَلافٍ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلنَّاسِ : لا تَبْرَحُوا مِنْ عَسْكَرِكُمْ هَذَا اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَةً ، فَإِنْ نَحْنُ رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ ، فَذَلِكَ ، وَإِلا فَارْجعُوا إِلَى بِلادِكُمْ ، فَقَالَ الْخَضْرُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّا نَسْلُكُ ظُلَّمَةً لا نَدْرِي كَمُ السَّيْر فِيهَا ، وَلا يُبْصِرُ بَعْضُنَا بَعْضًا ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالضَّلالِ إِذَا أَصَابَنَا ، فَدَفَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَى الْخَضْرِ خَرَزَةً حَمْرَاءَ ، فَقَالَ : حَيْثُ يُصِيبُكَ الضَّلالُ ، فَاطْرَحْ هَذِهِ إِلَى الْخَرَزَةِ إِلَى الأَرْضِ ، فَإِذَا صَاحَتْ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهَا أَهْلُ الضَّلالِ ، فَسَارَ الْخَضْرُ بَيْنَ يَدَي ذِي الْقَرْنَيْنِ يَرْتَحِلُ ، وَنَزَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، وَقَدْ عَرَفَ مَا يَطْلُبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ يَكْتُمُ الْخَضْرَ . فَبَيْنَمَا الْخَضْرُ يَسِيرُ إِذْ عَارَضَهُ وَادٍ ، فَظَنَّ الْخَضْرُ أَنَّ الْعَيْنَ فِي الْوَادِي ، فَلَّمَا قَامَ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي قَالَ لأَصْحَابِهِ : قِفُوا وَلا يَبْرَحَنَّ رَجُلٌ مِنْ مَوْقِفِهِ ، وَرَمَى بِالْخَرَزَةِ فِي الْوَادِي ، فَمَكَثَ ثُمَّ أَضَائَتْهُ الْخَرَزَةَ ، وَطَلَبَ صَوْتَهَا ، فَانْتَهَى إِلَيْهَا ، فَإِذَا هِيَ عَلَى حَافَّةِ الْعَيْنِ ، فَنَزَعَ ثِيَابَهُ ، ثُمَّ دَخَلَ الْعَيْنَ ، فَإِذَا مَاءٌ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ ، وَأَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ ، فَشَرِبَ وَاغْتَسَلَ وَتَوَّضَّأَ ، ثُمَّ خَرَجَ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ، ثُمَّ رَمَى بِالْخَرَزَةِ نَحْو أَصْحَابِهِ ، فَصَاحَتْ ، فَرَجَعَ الْخَضْرُ إِلَى صَوْتِهَا وَإِلَى أَصْحَابِهِ ، فَأَخَذَهَا وَرَكِبَ ، فَسَارَ وَمَرَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَأَخْطَأَ الْوَادِي ، فَسَلَكُوا تِلْكَ الظُّلْمَةَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، فَخَرَجُوا إِلَى ضَوْءٍ لَيْسَ بِضَوْءِ شَمْسٍ وَلا قَمَرٍ ، وَأَرْضٍ حَمْرَاءَ وَرَمْلَةٍ ، وَإِذَا قَصْرٌ مَبْنِيٌّ فِي تِلْكَ الأَرْضِ طَوْلُهُ فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ ، مُسَوَّرٌ لَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ ، فَنَزَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بِعَسْكَرِهِ ، ثُمَّ خَرَجَ وَحْدَهُ حَتَّى دَخَلَ الْقَصْرَ ، فَإِذَا حَدِيدَةٌ طَرَفَاهَا عَلَى حَافَّتَي الْقَصْرِ ، وَإِذَا طَائِرٌ أَسْوَدٌ كَأَنَّهُ الْخُطَّافُ أَوْ شُبِّهَ بِالْخُطَّافِ مَذْمُومٌ بِأَنْفِهِ إِلَى الْحَدِيدَةِ ، مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض ، فَلَمَّا سَمِعَ الطَّائِرُ خَشْخَشَةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : أَنَا ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَقَالَ الطَّائِرُ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، أَمَا كَفَاكَ مَا وَرَاءَكَ حَتَّى وَصَلْتَ إِلَيَّ ؟ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، حَدَّثَنِي هَلْ كَثُرَ الْبِنَاءُ بِالأجُرِ وَالْجُصِّ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ انْتِفَاضَةً ، ثُمَّ انْتَفَخَ ، فَبَلَغَ ثُلُثَ الْحَدِيدَةِ ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ كَثُرَتْ شَهَادَاتِ الزُّورِ فِي الأَرْض ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ ، ثُمَّ انْتَفَخَ ، فَبَلَغَ ثُلُثَي الْحَدِيدَةِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، حَدَّثَنِي هَلْ كَثُرَتِ الْمَعَازِفُ فِي الأَرْضِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَانْتَفَضَ ، ثُمَّ انْتَفَخَ ، فَمَلأ الْحَدِيدَةَ ، وَسَدَّ بَيْنَ جِدَارَيِّ الْقَصْرِ ، فَاجْتثَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ فرحًا ، فَقَالَ الطَّائِرُ : هَلْ تَرَكَ النَّاسُ شَهَادَةَ أَنَّ لا إِلَاهَ إِلا اللَّهُ ؟ قَالَ : لا ، فَانْضَمَّ الطَّائِرُ ثُلُثًا ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تُرِكَتِ الصَّلاةُ الْمَفْرُوضَةُ ؟ قَالَ : لا ، فَانْضَمَّ الطَّائِرُ ثُلُثًا ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَرَكَ النَّاسُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ : لا ، فَعَاد الطَّائِرُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، اسْلُكْ هَذِهِ الدَّرَجَةَ إِلَى أَعْلَى الْقَصْرِ فَسَلَكَهَا ، فَإِذَا سَطْحٌ وَعَلَيْهِ رَجُلٌ قَائِمٌ ، فَلَمَّا سَمِعَ خَشْخَشَةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : أَنَا ذُو الْقَرْنَيْنِ . قَالَ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، أَمَّا كَفَاكَ مَا وَرَاءَكَ حَتَّى وَصَلْتَ إِلَيَّ ؟ قَالَ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا صَاحِبُ الصُّورِ ، وَإِنَّ السَّاعَةَ اقْتَرَبَتْ ، وَأَنَا أَنْتَظِرُ أَمْرَ رَبِّي أَنِ انْفُخْ فَأَنْفُخُ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ حَجَرًا ، فَقَالَ : خُذْهَا فَإِنْ شَبِعَ شَبِعْتَ ، وَإِنْ جَاعَ جُعْتَ ، فَرَجَعَ بِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَوَضَعُوا الْحَجَرَ فِي كَفِّهِ ، وَوَضَعُوا حَجَرًا آَخَرَ مُقَابِلهُ ، فَإِذَا بِهِ يَمِيلُ ، فَتَرَكُوا آَخَرَ ، كَذَلِكَ إِلَى أَلْفِ حَجَرٍ ، فَمَالَ ذَلِكَ الْحَجَرُ بِالْكُلِّ ، فَأَخَذَ الْخَضْرُ كَفًّا مِنَ تُرَابٍ فِي إِحْدَى الْكِفَّتَيْنِ ، وَأَخَذَ حَجَرًا مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ ، فَوَضَعَهُ فِي الْكِفَّةِ الأُخْرَى ، وَتَرَكَ مَعَهُ كَفًا مِنْ تُرَابٍ ، فَوَضَعَهُ عَلَى الْحَجَرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَاسْتَوَى فِي الْمِيزَانِ ، فَقَالَ الْخَضْرُ : هَذَا مَثَلٌ ضُرِبَ لَكُمْ ، إِنَّ ابْنَ آَدَمَ لا يَشْبَعُ أَبَدًا دُونَ أَنْ يُحْثَى عَلَيْهِ التُّرَابُ كَمَا لَمْ يَشْبَعْ هَذَا ، حَتَّى وَضَعْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ ، قَالَ : صَدَقْتَ يَا خَضْرُ ، لا جَرَمَ لا طَلَبْتُ أَثَرًا فِي الْبِلادِ بَعْدِ مَسِيرِي هَذَا ، فَارْتَحَلَ رَاجِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسْطِ الظُّلْمَةِ ، وَطِئَ الْوَادِي الَّذِي فِيهِ زَبَرْجَدُ ، فَقَالَ مَنْ مَعَهُ : مَا هَذَا الَّذِي تَحْتَنَا ، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : خُذُوا مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ نَدِمَ ، وَمَنْ تَرَكَ نَدِمَ ، فَأَخَذَ قَوْمٌ ، وَتَرَكَ قَوْمٌ ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الظُّلْمَةِ إِذَا هُوَ بِزَبَرْجَدٍ ، فَنَدِمَ الآَخِذُ وَالتَّارِكُ ، ثُمَّ رَجَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ ، وَكَانَتْ مَنْزِلُهُ ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.