قَالَ : إِنَّ قَالَ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وُلِّيَ الْخِلافَةَ ، دَعَا سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ وَرَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي قَدِ ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ ، فَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصُمْ غَدًا عَنِ الدُّنْيَا وَليَكُنْ إِفْطَارُكَ فِيهَا الْمَوْتَ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَلْيَكُنْ كَبِيرُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَكَ أَبًا ، وَأَوْسَطُهُمْ أَخًا ، وَأَصْغَرُهُمْ عِنْدَكَ وَلَدًا ، فَوَقِّ ْأَبَاكَ ، وَأَكْرِمْ أَخَاكَ ، وَتَحَنَّنْ عَلَى وَلَدِكَ ، وَقَالَ لَهُ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ ، ثُمَّ مِتْ إِذَا شِئْتَ ، وَإِنِّي أَقُولُ لَكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَشدَّ الْخَوْفِ يَوْمًا تَزَلْ فِيهِ الأَقْدَامُ ، فَهَلْ مَعَكَ رَحِمَكَ اللَّهُ مَنْ يُشِيرُ عَلَيْكَ بِمِثْلِ هَذَا . فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : ارْفُقْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا بْنَ أُمِّ الرَّبِيعِ ، تَقْتُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ وَأَرْفُقُ أَنَا بِهِ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، فَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنَّ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَكَى إِلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : يَا أَخِي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ طُولَ سَهَرِ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ مَعَ خُلُودِ الأَبَدِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَنْصَرِفَ بِكَ مَنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْكَ وَانْقِطَاعَ الرَّجَاءِ . فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طَوَى الْبِلادَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقَالَ : مَا أَقْدَمَكَ ؟ قَالَ : خُلِعْتُ بِكِتَابِكَ ، لا أَعُودُ إِلَى وِلايَةٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ الْمُصْطَفَى جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِّرْنِي عَلَى إِمَارَةٍ ؟ ، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ : " إِنَّ الإِمَارَةَ حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ أَمِيرًا فَافْعَلْ " ، قَالَ : فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، وَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |