أنبأنا مُحَمَّد بن أبي طاهر , قَالَ : أَنْبَأَنَا عليّ بن المحسن ، عن أبيه ، قَالَ : حدثني أبو الحسين عليّ بن هشام ، قَالَ : حَدَّثَنَا الفضل بن سليمان قَالَ : حدثني خفيف السمرقندي حاجب المعتضد , قَالَ : كنت واقفا بحضرة المعتضد إذ دخل بدر , وهو يبكي وقد ارتفع الصراخ من دار عبيد الله بن سليمان عند موته , فأعلم المتعضد الخبر , فقال : أو قد صح الخبر أو هي غشية قَالَ : بل قد توفي وشد لحيته فرأيت المعتضد قد سجد , فأطال السجود , فلما رفع رأسه قَالَ له بدر : والله يا أمير المؤمنين لقد كان صحيح الموالاة , مجتهدا في خدمتك , عفيفا عن الأموال . قَالَ : أفظننت يا بدر أني سجدت سرورا بموته ؟ إنما سجدت شكرا لله تعالى , إذ وفقني فلم أصرفه ولم أوحشه , ولي في جنب ورثته ما خلفه عليهم من كسبه معي , ما لعله قيمة ألفي ألف دينار , وقد علمت على أخذ ذلك منهم , وأن أستوزر أحد الرجلين إما جرادة وهو أقوى الرجلين في نفسي لهيبته في قلوب الجيش , والآخر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الفرات , وهو أعرف بمواقع المال . فقال له بدر : يا مولاي غرست غرسا حتى إذا ما أثمر قلعته , أنت ربيت القاسم وقد ألف خدمتك عشر سنين , وعرف ما يرضى حاشيتك , وجرادة رجل منكر , ويخرج من الحبس جائعا , وابن الفرات لا هيبة له في النفوس , وإنما يصلح أن يكون بحضرة وزير يمشي له أمر المال , ومال القاسم , وورثته لك . أي وقت أردته أخذته . فراجعه المعتضد وبين له فساد هذا الرأي , فعدل عن المناظرة إلى تقبيل الأرض مرات , فقال له المعتضد : قد أجبتك فامض إلى القاسم فعزه ثانية , وبشره بتقرير رأيي على استوزاره لتسله عن مصابه , ومره بالبكور إلى الجامع , فولى بدر فخرجت معه , فدعاني المعتضد فعدت , فقال : أرأيت ما جرى قلت : نعم فقال : والله لا يقتل بدرا غير القاسم . فما تم للقاسم التدبير مع المكتفي حتى قتل بدرا . قال خفيف : رحم الله المعتضد كأنه نظر هذا من وراء ستر .
الأسم | الشهرة | الرتبة |