أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِي الْحُسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ حَسَّانٍ الْهَاشِمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَثِيرًا مَا يُقَبِّلُ نَحْرَ فَاطِمَةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ تَفْعَلْهُ . قَالَ : أَوَ مَا عَلِمْتِ يَا حُمَيْرَاءُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَسْرَى بِي إِلَى السَّمَاءِ أَمَر جِبْرِيلُ فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ وَوَقَفَنِي عَلَى شَجَرَةٍ مَا رَأَيْتُ أَطْيَبَ مِنْهَا رَائِحَةً وَلا أَطْيَبُ ثَمَرًا ، فَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ يَفْرُكُ وَيُطْعِمُنِي ، فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي صُلْبِي مِنْهَا نُطْفَةً ، فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الدُّنْيَا وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ ، كُلَّمَا اشْتَقْتُ إِلَى رَائِحَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ شَمَمْتُ نَحْرَ فَاطِمَةَ فَوَجَدْتُ رَائِحَةَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مِنْهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا ، وَلا تَعْتَلُّ كَمَا يَعْتَلُّ أَهْلِ الدُّنْيَا " . هَذَا حديث موضوع لا يشك المبتدئ فِي العلم فِي وضعه فكيف بالمتبحر . ولقد كَانَ الَّذِي وضعه أجهل الجهال بالنقل والتاريخ ، فإن فاطمة ولدت قبل النبوة بخمس سنين ، وقد تلقفه مِنْهُ جماعة أجهل مِنْهُ فتعددت طرقه ، وذكره الإسراء كَانَ أشد لفضيحته ، فإن الإسراء كَانَ قبل الهجرة بسنة بعد موت خديجة ، فلما هاجر أقام بالمدينة عشر سنين ، فعلى قول من وضع هَذَا الحديث يكون لفاطمة يوم مات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشر سنين وأشهر ، وأين الحسن والحسين وهما يرويان عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد كَانَ لفاطمة من العمر ليلة المعراج سبع عشرة سنة ، فسبحان من فضح هَذَا الجاهل الواضع ، على يد نفسه . ولقد عجبت من الدارقطني كيف خرج هَذَا الحديث لابن غيلان ، ثم خرجه لأبي بكر الشافعي أتراه أعجبته صحته ؟ ثم لم يتكلم عليه ولم يبين أنه موضوع ، وغاية ما يعتذر به أن يقول : هَذَا لا يخفى عن العلماء ، وإنما لا يخفى على العلماء . فمن أين يعلم الجهال الذين يسمعون هَذَا وكيف يصنع بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من روى عني حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " . وإنما يذكر العلماء مثل هَذَا فِي كتب الجرح والتعديل ليبينوا حال وضعه ، فأما فِي المنتقى والتخريج فذكره قبيح إلا أن يتكلموا عليه . وأما الطريق الأول والثاني عن عمر ففيهما الثوبان وَكَانَ كذابا . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ . وَقَالَ ابن عدي : كَانَ يحدث بالبواطيل ويسرق الحديث . وأما حديث ابن عباس ففيه الأبزاري ، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه كذاب يضع الحديث . وأما حديث عائشة فالطريق الأول لا يعرف إلا من رواية أحمد بن الأحجم وقد كذبه علماء النقل ، وفى الطريق الثاني محمد بن الخليل . قَالَ ابْنُ حِبَّانَ : كَانَ يضع الحديث لا يحل ذكره . وفى الطريق الثالث غلام خليل وقد ذكرنا فيما مضى أنه كذاب يضع الحديث . وفى الطريق الرابع أبو قتادة ، وقد كانت تغلب عليه السلامة والغفلة فقد دس فِي حديثه . وقد قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : أبو قتادة لَيْسَ بِشَيْءٍ . وَقَالَ النَّسَائِيُّ : متروك الحديث . وَقَالَ البخاري : تركوه . قَالَ المصنف : فانظر إلى اختلاف ألفاظ هَذَا الحديث وتخليط الرواة فيه وذكرهم أنه كَانَ يدخل لسانه فِي فيها محال لا وجه لَهُ ، لأنه إنما رأته عائشة على ما زعموه يفعل هَذَا بعد دخوله بعائشة ، وقد كَانَ لفاطمة يومئذ من العمر نحو من عشرين سنة ، ومثل هَذَا لا يفعله إلا الزوج ، ولا يجوز للأب فكافأ الله من دس هذه القبائح من المنقولات .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ | هشام بن عروة الأسدي / ولد في :58 / توفي في :145 | ثقة إمام في الحديث |
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ | سفيان الثوري | ثقة حافظ فقيه إمام حجة وربما دلس |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ | عبد الله بن واقد الحراني / توفي في :207 | متهم بالوضع |
أَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ | ابن حبان البستي / توفي في :354 | رأس في معرفة الحديث |
أَبِي الْحُسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ | الدارقطني / ولد في :306 / توفي في :385 | ثقة حافظ حجة |