وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ ، إِذَا أَنَا بِغُلامٍ وَاقِفٍ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا أَرُدُّ عَلَيْكَ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقِّي . قُلْتُ : وَمَا حَقُّكَ ؟ قَالَ : أَنَا غُلامٌ عَلَى مَذْهَبِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ ، لا أَتَغَدَّى وَلا أَتَعَشَّى حَتَّى أَسِيرَ الْمِيلَ وَالْمِيلَيْنِ فِي طَلَبِ الضَّيْفِ . فَأَجَبْتُهُ إِلَى ذَلِكَ ، فَرَحَّبَ بِي ، وَسِرْتُ مَعَهُ حَتَّى قَرُبْنَا مِنْ خَيْمَةٍ ، وَصَاحَ : يَا أُخْتَاهُ . فَأَجَابَتْهُ : يَا لَبَّيْكَاهُ . فَقَالَ : قُومِي إِلَى ضَيْفِنَا . فَقَالَتْ : حَتَّى أَبْدَأَ بِشُكْرِ الْمَوْلَى الَّذِي سَبَّبَ لَنَا الضَّيْفَ ، فَصَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ ، وَأَخَذَ الْغُلامُ الشَّفْرَةَ فَذَبَحَ عِنَاقًا ، فَلَمَّا جَلَسْتُ فِي الْخَيْمَةِ ، نَظَرْتُ إِلَى جَارِيَةٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا ، فَكُنْتُ أُسَارِقُهَا النَّظَرَ ، فَفَطِنَتْ ، فَقَالَتْ : مَهْ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ نُقِلَ إِلَيْنَا أَنَّ زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ . فَلَمَّا نِمْتُ بِالْلَيْلِ سَمِعْتُ دَوِّيَ الْقُرْآنِ طُولَ الْلَيْلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ لِلْغُلامِ : مَنْ كَانَ يَتْلُو ذَلِكَ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ : أُخْتِي تُحْيِي اللَّيْلَ كُلَّهُ إِلَى الصَّبَاحِ . فَقُلْتُ : يَا فَتَى ، أَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ أُخْتِكَ ، لِأَنَّكَ رَجُلٌ وَهِيَ امْرَأَةٌ ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ : وَيْحَكَ ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مُوَفَّقٌ وَمَخْذُولٌ ؟ .