تفسير

رقم الحديث : 21

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ ، أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، أَنْبَأنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيطِيُّ ، أَنْبَأَنَا ابْنُ دُوَسْتَ ، أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنِي مُخَوَّلٌ ، قَالَ : جَاءَنِي بَهِيمٌ ، يَعْنِي : الْعِجْلِيَّ ، فَقَالَ لِي : أَتَعْلَمُ لِي رَجُلا مِنْ جِيرَانِكَ أَوْ إِخْوَانِكَ يُرِيدُ الْحَجَّ تَرْضَاهُ وَيُرَافِقُنِي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْحَيِّ لَهُ صَلاحٌ وَدِينٌ فَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَا ، وَتَوَاطَآ عَلَى الْمُرَافَقَةِ . ثُمَّ انْطَلَقَ بَهِيمٌ إِلَى أَهْلِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ أَتَانِيَ الرَّجُلُ فَقَالَ : يَا هَذَا أُحِبُّ أَنْ تَزْوِيَ عَنِّي صَاحِبَكَ وَتَطْلُبَ رَفِيقًا غَيْرِي . فَقُلْتُ : لِمَ ؟ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ بِالْكُوفَةِ لَهُ نَظِيرًا فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَالاحْتِمَالِ . فَقَالَ : وَيْحَكَ ! حُدِّثْتُ أَنَّهُ طَوِيلُ الْبُكَاءِ لا يَكَادُ يَفْتُرُ ، فَهَذَا يُنَغِّصُ عَلَيْنَا الْعَيْشَ . فَقُلْتُ : وَيْحَكَ ! إِنَّمَا يَكُونُ الْبُكَاءُ أَحْيَانًا عِنْدَ التَّذْكِرَةِ ، أَوَ مَا تَبْكِي أَنْتَ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنْ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ مِنْ كَثْرَةِ بُكَائِهِ ، قُلْتُ : اصْحَبْهُ فَلَعَلَّكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ . فَقَالَ : أَسْتَخِيرُ اللَّهَ . فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَا فِيهِ جِيءَ بِالْإِبِلِ وَوُطِّئَ لَهُمَا ، فَجَلَسَ بَهِيمٌ فِي ظِلِّ حَائِطٍ فَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ لِحْيَتِهِ وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ ، ثُمَّ عَلَى لِحْيَتِهِ ، ثُمَّ عَلَى صَدْرِهِ ، حَتَّى وَاللَّهِ رَأَيْتُ دُمُوعَهُ عَلَى الْأَرْضِ . فَقَالَ لِي : يَا مُخَوَّلُ ، قَدِ ابْتَدَأَ صَاحِبُكَ ، لَيْسَ هَذَا لِي بِرَفِيقٍ . فَقُلْتُ : ارْفُقْ ، لَعَلَّهُ ذَكَرَ عِيَالَهُ وَمُفَارَقَتَهُ إِيَّاهُمْ . وَسَمِعَهَا بَهِيمٌ ، فَقَالَ : يَا أَخِي وَاللَّهِ مَا هُوَ ذَاكَ وَمَا هُوَ إِلا أَنِّي ذَكَرْتُ بِهَا الرِّحْلَةَ إِلَى الْآخِرَةِ ، وَعَلا صَوْتُهُ بِالنَّحِيبِ . فَقَالَ لِي صَاحِبِي : مَا هِيَ بِأَوَّلِ عَدَاوَتِكَ لِي ، مَالِي وَلِبَهِيمٍ ؟ إِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُرَافِقَ بَيْنَ بَهِيمٍ وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ وَسَلامٍ أَبِي الْأَحْوَصِ ؛ حَتَّى يَبْكِيَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَيُشْفَوْنَ أَوْ يَمُوتُونَ . فَلَمْ أَزَلْ أَرْفُقُ بِهِ ، وَقُلْتُ لَهُ : وَيْحَكَ ! لَعَلَّهَا خَيْرُ سَفْرَةٍ سَافَرْتَهَا ، وَكُلُّ ذَلِكَ لا يَعْلَمُ بِهِ بَهِيمٌ ، وَلَوْ عَلِمَ مَا صَاحَبَهُ . فَخَرَجَا وَحَجَّا وَرَجَعَا ، فَلَمَّا جِئْتُ أُسَلِّمُ عَلَى جَارِي ، قَالَ لِي : جَزَاكَ اللَّهُ يَا أَخِي عَنِّي خَيْرًا ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِي الْخَلْقِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ، كَانَ وَاللَّهِ يَتَفَضَّلُ عَلَيَّ فِي النَّفَقَةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ وَأَنَا مُوسِرٌ ، وَفِي الْخِدْمَةِ وَأَنَا شَابٌّ وَهُوَ شَيْخٌ ، وَيَطْبَخُ لِي وَأَنَا مُفْطِرٌ وَهُوَ صَائِمٌ . فَقُلْتُ : وَكَيْفَ كَانَ أَمْرُكَ مَعَهُ فِي الَّذِي كُنْتَ تَكْرَهُهُ مِنْ طُولِ بُكَائِهِ ؟ قَالَ : أَلِفْتُ وَاللَّهِ ذَلِكَ الْبُكَاءَ ، وَسُرَّ قَلْبِي حَتَّى كُنْتُ أُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَأَذَّى بِنَا الرُّفُقَةُ ثُمَّ أَلِفُوا ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا إِذَا سَمِعُونَا نَبْكِي يَبْكُونَ ، وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ : مَا الَّذِي جَعَلَهُمْ أَوْلَى بِالْبُكَاءِ مِنَّا وَالْمَصِيرُ وَاحِدٌ ؟ فَيَبْكُونَ وَنَبْكِي . ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَأَتَيْتُ بَهِيمًا وَقُلْتُ : كَيْفَ رَأَيْتَ صَاحِبَكَ ؟ قَالَ : كَخَيْرِ صَاحِبٍ ، كَثِيرَ الذِّكْرِ لِلَّهِ ، طَوِيلَ التِّلاوَةِ ، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ ، جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.