أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ الدَّيْنَوْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ اللُّؤْلُؤي ، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلا ، قَالَ : كُنْتُ فِي البَحْرِ فَانْكَسَرَتِ الْمَرْكَبُ وَغَرِقَ كُلُّ مَا فِيهِ ، وَكَانَ فِي وِطَائِي لُؤْلُؤٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلافِ دِينَارٍ . وَقَرُبَتْ أَيَّامُ الْحَجِّ وَخِفْتُ الْفَوَاتَ ، فَلَمَّا سَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرُوحِي وَنَجَاتِي مِنَ الْغَرَقِ مَشَيْتُ ، فَقَالَ لِي جَمَاعَةٌ كَانُوا فِي الْمَرْكَبِ : لَوْ وَقَفْتَ عَسَى يَجِيءُ مَنْ يُخْرِجُ شَيْئًا فَيُخْرِجُ لَكَ مِنْ رَحْلِكَ شَيْئًا ، فَقُلْتُ : قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا مَرَّ مِنِّي ، وَكَانَ فِي وِطَائِي شَيْءٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلافِ دِينَارٍ ، وَمَا كُنْتُ بِالَّذِي أُوثِرُهُ عَلَى وَقْفَةٍ بِعَرَفَةَ . فَقَالُوا : وَمَا الَّذِي وَرَّثَكَ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَنَا رَجُلٌ مُولَعٌ بِالْحَجِّ ، أَطْلُبُ الرِّبْحَ وَالثَّوَابَ ، حَجَجْتُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ وَعَطِشْتُ عَطَشًا شَدِيدًا ، فَأَجْلَسْتُ عَدِيلِي فِي وَسَطِ الْمَحْمَلِ ، وَنَزَلْتُ أَطْلُبُ الْمَاءَ وَالنَّاسُ عَطِشُوا ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْأَلُ رَجُلا رَجُلا وَمَحْمَلا مَحْمَلا : مَعَكُمْ مَاءٌ ؟ وَإِذَا النَّاسُ شَرْعٌ وَاحِدٌ ، حَتَّى صِرْتُ فِي سَاقَةِ الْقَافِلَةِ بِمِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ ، فَمَرَرْتُ بِمَصْنَعٍ مُصَهْرَجٍ ، فَإِذَا رَجُلٌ فَقِيرٌ جَالِسٌ فِي أَرْضِ الْمَصْنَعِ وَقَدْ غَرَزَ عَصَاهُ فِي أَرْضِ الْمَصْنَعِ ، وَالْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ مَوْضِعِ الْعَصَا وَهُوَ يَشْرَبُ ، فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ ، وَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ ، وَجِئْتُ إِلَى الْقَافِلَةِ وَالنَّاسُ قَدْ نَزَلُوا ، فَأَخْرَجْتُ قِرْبَةً وَمَضَيْتُ فَمَلَأْتُهَا ، فَرَآنِيَ النَّاسُ ، فَتَبَادَرُوا بِالْقِرَبِ ، فَرَوَوْا عَنْ آخِرِهِمْ ، فَلَمَّا رَوِيَ النَّاسُ وَسَارَتِ الْقَافِلَةُ جِئْتُ لِأَنْظُرَ وَإِذَا الْبِرْكَةُ مَلْأَى يَلْتَطِمُ مَوَاجُهَا ، فَمَوْسِمٌ يَحْضُرُهُ مِثْلُ هَؤُلاءِ ، يَقُولُونَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَنْ حَضَرَ الْمَوْقِفَ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، أُوثِرُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ ؟ لا وَاللَّهِ وَلا الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا ، وَتَرَكَ اللُّؤْلُؤَ وَجَمِيعَ قُمَاشِهِ قَالَ الشَّيْخُ فَبَلَغَنِي أَنَّ قِيمَةَ مَا كَانَ غَرِقَ لَهُ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |