باب ذكر حج نبينا صلى الله عليه وسلم


تفسير

رقم الحديث : 228

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ ، أَنْبَأنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، أَنْبَأنَا مَسْعُودُ بْنُ نَاصِرٍ السِّجِسْتَانِيُّ ، أَنْبَأنَا أَبُو حَازِمٍ الْعَبْدَوِيُّ ، أَنْبَأنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَهْضَمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ ، عَنْ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَجُلا فِي الْبَادِيَةِ شَابًّا ، حَسَنَ الْوَجْهِ ، لَهُ ذُؤَابَتَانِ ، وَعَلَى رَأْسِهِ رِدَاءُ قَصَبٍ ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُ كَتَّانٍ ، وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلُ طَاقٍ . قَالَ مَعْرُوفٌ : فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ ، وَمِنْ زِيِّهِ ، فَقُلْتُ : السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَقَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا عَمِّ ، فَقُلْتُ : الْفَتَى مِنْ أَيْنَ قَالَ : مَنْ مَدِينَةِ دِمَشْقَ . قُلْتُ : وَمَتَى خَرَجْتَ مِنْهَا ؟ قَالَ : ضَحْوَةً . قَالَ مَعْرُوفٌ : فَتَعَجَّبْتُ ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِيهِ مَرَاحِلُ كَثِيرَةٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَأَيْنَ الْمَقْصِدُ ؟ قَالَ : مَكَّةَ . فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُسَاقُ إِلَى الْمَوْتِ سَوْقًا لَرَفِقَ بِنَفْسِهِ ، فَوَدَّعْتُهُ ، وَمَضَى ، فَلَمْ أَرَهُ حَتَّى مَضَتْ ثَلاثُ سِنِينَ . فَلَمَّا كَانَ ذَاتُ يَوْمٍ وَأَنَا فِي مَنْزِلِي أَتَفَكَّرُ فِي أَمْرِهِ وَمَا كَانَ مِنْهُ ، إِذَا بِإِنْسَانٍ يَدُقُّ الْبَابَ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَنَا بِصَاحِبِي ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، وَقُلْتَ : مَرْحَبًا وَأَهْلا ، وَأَدْخَلْتُهُ الْمَنْزِلَ ، فَرَأَيْتُهُ مُنْقَطِفًا ، وَالِهًا تَالِفًا ، عَلَيْهِ زُرْمَانِقَةٌ ، حَافِيًا حَاسِرًا . فَقُلْتُ : هِيهْ ، إِيشِ الْخَبَرُ ؟ فَقَالَ : يَا أُسْتَاذُ ، لاطَفَنِي حَتَّى أَدْخَلَنِي الشَّبَكَةَ ، فَرَمَى بِي ، فَمَرَّةٌ يُلاطِفُنِي ، وَمَرَّةٌ يُهَدِّدُنِي ، وَمَرَّةٌ يُهِينُنِي ، وَمَرَّةٌ يُكْرِمُنِي ، فَلَيْتَهُ وَقَفَنِي عَلَى بَعْضِ أَسْرَارِ أَوْلِيَائِهِ ، ثُمَّ لْيَفْعَلْ بِي مَا شَاءَ . قَالَ مَعْرُوفٌ : فَأَبْكَانِي كَلامُهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَحَدِّثْنِي بِبَعْضِ مَا جَرَى عَلَيْكَ مُنْذُ فَارَقْتَنِي . قَالَ : هَيْهَاتَ أَنْ أُبْدِيَهُ ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُخْفِيَهُ ، وَلَكِنْ مَبْدَأَ مَا فَعَلَ بِي فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ يَا مَوْلايَ وَسَيِّدِي ، ثُمَّ اسْتَفْرَغَهُ الْبُكَاءُ . فَقُلْتُ : وَمَا فَعَلَ بِكَ ؟ قَالَ : جَوَّعَنِي ثَلاثِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى قَرْيَةٍ فِيهَا مَقْثَأَةٌ قَدْ نُبِذَ مِنْهَا الْمُدَوَّدُ ، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْهُ ، فَبَصُرَ بِي صَاحِبُ الْمَقْثَأَةِ ، فَأَقْبَلَ يَضْرِبُ ظَهْرِي وَبَطْنِي ، وَيَقُولُ : يَا لِصُّ ، مَا خَرَّبَ مَقْثَأَتِي غَيْرُكَ ، مُنْذُ كَمْ أَنَا أَرْصُدُكَ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَيْكَ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُنِي إِذَا أَقْبَلَ فَارِسٌ نَحْوَهُ مُسْرِعًا إِلَيْهِ ، وَقَلَّبَ السَّوْطَ فِي رَأْسِهِ ، وَقَالَ : تَعْمَدُ إِلَى وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَتَقُولُ لَهُ : يَا لِصُّ ؟ فَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَقْثَأَةِ بِيَدِي فَذَهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَمَا أَبْقَى مِنَ الْكَرَامَةِ شَيْئًا إِلا عَمِلَهُ ، وَاسْتَحَلَّنِي ، وَجَعَلَ مَقْثَأَتَهُ لِلَّهِ وَلأَصْحَابِ مَعْرُوفٍ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : صِفْ لِي مَعْرُوفًا ، فَوَصَفَكَ فَعَرَفْتُكَ بِالصِّفَةِ بِمَا كُنْتُ قَدْ شَاهَدْتُهُ مِنْ صِفَتِكَ . قَالَ مَعْرُوفٌ : فَمَا اسْتَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى دَقَّ الْبَابَ صَاحِبُ الْمَقْثَأَةِ وَدَخَلَ ، وَكَانَ مُوسِرًا ، فَأَخْرَجَ جَمِيعَ مَالِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ ، وَصَحِبَ الشَّابَّ سَنَةً ، وَخَرَجَا إِلَى الْحَجِّ ، فَمَاتَا بِالرَّبَذَةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.