أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ نَاصِرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهِ ، أَنْبَأنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَنْبَأنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الشَّوَّاءُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بِلالٍ الأَسْوَدُ ، قَالَ : خَرَجْتُ حَاجًّا ، فَلَمَّا صِرْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا زَادٌ وَلا إِدَاوَةٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : مِنْ أَيْنَ أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : مِنْ بَلْخَ . فَقُلْتُ لَهَا : مَا أَرَى مَعَكَ زَادًا وَلا مَا تَحْمِلِينَ فَيِهِ الزَّادَ ؟ فَقَالَتْ : خَرَجْتُ مَعِي مِنْ بَلْخَ عَشَرَةٌ مِنَ الدَّرَاهِمَ ، وَقَدْ بَقِيَ مَعِيَ بَعْضُهَا . قُلْتُ : فَإِذَا نَفَدَتْ مَا تَصْنَعِينَ ؟ فَقَالَتْ : عَلَيَّ هَذِهِ الْجُبَّةُ ، أَبْتَاعُهَا وَآخُذُ دُونَهَا ، قُلْتُ : فَإِذَا نَفَدَتْ مَا تَصْنَعِينَ ؟ قَالَتْ : أَبِيعُ هَذَا الْحِمَارَ ، وَآخُذُ دُونَهُ ، وَأُنْفِقُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : فَإِذَا فَنِيَ ؟ قَالَتْ : أَسْأَلُهُ فَيُعْطِينِي . قُلْتُ : أَلا سَأَلْتِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : وَيْحَكَ إِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَعِي فَضْلٌ مَنْ عَرَضِهَا . فَقُلْتُ : اعْتَقِبِي هَذَا الْحِمَارَ عَقَبَةً . فَقَالَتْ : دَعْهُ . فَتَرَكَهُ مَعَهَا ، وَتَخَلَّفَتْ لِحَاجَةٍ ، فَلَمَّا قَضَيْتُ حَاجَتِي أَسْرَعْتَ فِي إِثْرِهَا ، فَإِذَا الْحِمَارُ وَاقِفٌ ، وَالْخَرْجُ مَمْلُوءٌ . فَرَآنِي حَوَارِيٌّ لَمْ أَرَ بِحُسْنِهِ ، فَطَلَبْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَهَا . وَقَالَ سَرِيٌّ السَّقَطِيُّ : خَرَجْتُ إِلَى الْحَجِّ عَلَى طَرِيقِ الْكُوفَةِ ، فَلَقِيتُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً ، فَقُلْتُ لَهَا : إِلَى أَيْنَ يَا جَارِيَةُ ؟ فَقَالَتْ : الْحَجُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَقُلْتُ : الطرَّيِقُ بَعِيدٌ . فَقَالَتْ : بَعِيدٌ عَلَى كَسَلانَ أَوْ ذِي مَلالَةٍ فَأَمَّا عَلَى الْمُشْتَاقِ فَهُوَ قَرِيبُ ثُمَّ قَالَتْ : يَا سَرِيُّ ، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا {6} وَنَرَاهُ قَرِيبًا سورة المعارج آية 6-7 ، فَلَمَّا وَصَلَتُ إِلَى الْبَيْتِ رَأَيْتُهَا تَطُوفُ ، فَنَظَرَتْ إِلَيَّ ، وَقَالَتْ : يَا سَرِيُّ ، لا تَعْجَبُ ، أَنَا تِلْكَ الْبَعِيدَةُ ، لَمَّا جِئْتُهُ بِضَعْفِي ، حَمَلَنِي بِقُوَّتِهِ . وَقَالَ الشِّبْلِيُّ : كُنْتُ يَوْمًا فِي الْبَادِيَةِ ، وَإِذَا بِجَارِيَةٍ حَبَشِيَّةٍ بَيْنَ عَيْنَيْهَا شَرْطَةٌ ، وَمَا مَعَهَا زَادٌ وَلا رَكْوَةٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : مِنْ أَيْنَ ؟ فَقَالَتْ : مِنْ عِنْدِ الْحَبِيبِ . فَقُلْتُ لَهَا : وَإِلَى أَيْنَ ؟ قَالَتْ : إِلَى الْحَبِيبِ. فَقُلْتُ : أَيْش تَطْلُبِينَ مِنَ الْحَبِيبِ ؟ قَالَتْ : الْحَبِيبَ . قُلْتُ : كَمْ ذِكْرُ الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : مَا يَسْكُنُ لِسَانِي عَنْ ذِكْرِهِ حَتَّى أَلْقَاهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |