ذكر تلبيس ابليس على الصوفية في ادعاء التوكل وقطع الاسباب وترك الاحتراز في الاموال


تفسير

رقم الحديث : 34

وقد روى هَذَا الحديث عَلَى صفة أخرى عَنْ وهب بْن منبه رَضِيَ اللَّهُ عنه ، " أَنَّ عَابِدًا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ ، وَكَانَ فِي زَمَانِهِ ثَلاثَةُ أُخْوَةٍ لَهُمْ أُخْتٌ ، وَكَانَتْ بِكْرًا لَيْسَ لَهُمْ أُخْتٌ غَيْرُهَا ، فَخَرَجَ الْبَعْثُ عَلَى ثُلاثَتِهِمْ فَلَمْ يَدْرُوا عِنْدَ مَنْ يَخْلُفُونَ أُخْتَهُمْ وَلا مَنْ يَأْمَنُونَ عَلَيْهَا وَلا عِنْدَ مَنْ يَضَعُونَهَا ، قَالَ : فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَخْلُفُوهَا عِنْدَ عَابِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ ثِقَةً فِي أَنْفُسِهِمْ ، فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَخْلُفُوهَا عِنْدَهُ ، فَتَكُونُ فِي كَنَفِهِ وَجِوَارِهِ إِلَى أَنْ يَقْفُلُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ ، فَأَبَى ذَلِكَ ، وَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ وَمِنْ أُخْتِهِمْ ، قَالَ : فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَطَاعَهُمْ ، فَقَالَ : أَنْزِلُوهَا فِي بَيْتٍ حِذَاءَ صَوْمَعَتِي ، قَالَ : فَأَنْزَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ ، ثُمَّ انْطَلَقُوا وَتَرَكُوهَا ، فَمَكَثَتْ فِي جِوَارِ ذَلِكَ الْعَابِدِ زَمَانًا يَنْزِلُ إِلَيْهَا بِالطَّعَامِ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَيَضَعُهُ عِنْدَ بَابِ الصَّوْمَعَةِ ، ثُمَّ يَغْلِفُ بَابَهُ وَيَصْعَدُ إِلَى صَوْمَعَتِهِ ، ثُمَّ يَأْمُرُهَا فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا فَتَأْخُذُ مَا وَضَعَ لَهَا مِنَ الطَّعَامِ ، قَالَ : فَتَلَطَّفَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَغِّبُهُ فِي الْخَيْرِ ، وَيُعَظِّمُ عَلَيْهِ خُرُوجَ الْجَارِيَةِ مِنْ بَيْتِهَا نَهَارًا وَيُخَوِّفُهُ أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ ، فَيُعَلِّقُهَا ، فَلَوْ مَشَيْتَ بِطَعَامِهَا حَتَّى تَضَعَهُ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكَ ، قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَشَى إِلَيْهَا بِطَعَامِهَا وَوَضَعَهُ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا ، وَلَمْ يُكَلِّمْهَا ، قَالَ : فَلَبِثَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ زَمَانًا ، ثُمَّ جَاءَ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَالأَجْرِ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : لَوْ كُنْتَ تَمْشِي إِلَيْهَا بِطَعَامِهَا حَتَّى تَضَعَهُ فِي بَيْتِهَا كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكَ ، قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَشَى إِلَيْهَا بِالطَّعَامِ ، ثُمَّ وَضَعَهُ فِي بَيْتِهَا فَلَبِثَ عَلَى ذَلِكَ زَمَانًا ، ثُمَّ جَاءَهْ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : لَوْ كُنْتَ تُكَلِّمُهَا وَتُحَدِّثُهَا ، فَتَأْنَسُ بِحَدِيثِكَ ، فَإِنَّهَا قَدِ اسْتَوْحَشَتْ وَحْشَةً شَدِيدَةً ، قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَدَّثَهَا زَمَانًا يَطْلُعُ إِلَيْهَا مِنْ فَوْقِ صَوْمَعَتِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَتَاهُ إِبْلِيسُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : لَوْ كُنْتَ تَنْزِلُ إِلَيْهَا فَتَقْعُدُ عَلَى بَابِ صَوْمَعَتِكَ وَتُحَدِّثُهَا ، وَتَقْعُدُ هِيَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَتُحَدِّثُكَ كَانَ آنَسَ لَهَا ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَنْزَلَهُ وَأَجْلَسَهُ عَلَى بَابِ صَوْمَعَتِهِ يُحَدِّثُهَا وَتُحَدِّثُهُ وَتَخْرُجُ الْجَارِيَةُ مِنْ بَيْتِهَا حَتَّى تَقْعُدَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا ، قَالَ : فَلَبِثَا زَمَانًا يَتَحَدَّثَانِ ، ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا ، وَقَالَ : لَوْ خَرَجْتَ مِنْ بَابِ صَوْمَعَتِكَ ثُمَّ جَلَسْتَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ بَيْتِهَا فَحَدَّثْتَهَا كَانَ آنَسَ لَهَا ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى فَعَلَ ، قَالَ : فَلَبِثَا زَمَانًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ فَرَغَّبَهُ فِي الْخَيْرِ وَفِيمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا ، وَقَالَ لَهُ : لَوْ دَنَوْتَ مِنْهَا وَجَلَسْتَ عِنْدَ بَابِ بَيْتِهَا فَحَدَّثْتَهَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهَا ، فَفَعَلَ فَكَانَ يَنْزِلُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَيَقِفُ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَيُحَدِّثُهَا ، فَلَبِثَا عَلَى ذَلِكَ حِينًا ثُمَّ جَاءَهُ إِبْلِيسُ ، فَقَالَ : لَوْ دَخَلْتَ الْبَيْتَ مَعَهَا فَحَدَّثْتَهَا وَلَمْ تَتْرُكْهَا تُبْرِزُ وَجْهَهَا لأَحَدٍ كَانَ أَحْسَنَ بِكَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهَا نَهَارَهَا كُلَّهُ ، فَإِذَا مَضَى النَّهَارُ صَعَدَ إِلَى صَوْمَعَتِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَتَاهُ إِبْلِيسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يُزَيِّنُهَا لَهُ حَتَّى ضَرَبَ الْعَابِدُ عَلَى فَخْذِهَا وَقَبَّلَهَا ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ إِبْلِيسُ يُحَسِّنُهَا فِي عَيْنَيْهِ ، وَيُسَوِّلُ لَهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَأَحْبَلَهَا ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا فَجَاءَ إِبْلِيسُ ، فَقَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ أُخْوَةُ الْجَارِيَةِ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْكَ كَيْفَ تَصْنَعُ لا آمَنُ أَنْ تَفْتَضِحَ أَوْ يَفْضَحُوكَ فَاعْمَدْ إِلَى ابْنِهَا فَاذْبَحْهُ وَادْفِنْهُ ، فَإِنَّهَا سَتَكْتُمُ ذَلِكَ عَلَيْكَ مَخَافَةَ إِخْوَتِهَا أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَا صَنَعْتَ بِهَا فَفَعَلَ ، فَقَالَ لَهُ : أَتُرَاهَا تَكْتُمُ إِخْوَتَهَا مَا صَنَعْتَ بِهَا وَقَتَلْتَ ابْنَهَا ؟ قَالَ : خُذْهَا وَاذْبَحْهَا وَادْفِنْهَا مَعَ ابْنِهَا ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى ذَبَحَهَا وَأَلْقَاهَا فِي الْحُفْرَةِ مَعَ ابْنِهَا ، وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمَا صَخْرَةً عَظِيمَةً وَسَوَّى عَلَيْهِمَا ، وَصَعَدَ إِلَى صَوْمَعَتِهِ يَتَعَبَّدُ فِيهَا ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ حَتَّى أَقْبَلَ إِخْوَتُهَا مِنَ الْغَزْوِ ، فَجَاءُوا فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَنَعَا لَهُمْ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهَا وَبَكَاهَا ، وَقَالَ : كَانَتْ خَيْرَ امْرَأَةٍ وَهَذَا قَبْرُهَا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ ، فَأَتَى إِخْوَتُهَا الْقَبْرَ فَبَكَوْا أُخْتَهُمْ وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهَا ، فَأَقَامُوا عَلَى قَبْرِهَا أَيَّامًا ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى أَهَالِيهِمْ ، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ ، وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ جَاءَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي النَّوْمِ عَلَى صُورَةِ رَجُلٍ مُسَافِرٍ ، فَبَدَأَ أَكْبَرَهُمْ فَسَأَلُهْ عَنْ أُخْتِهِمْ ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ الْعَابِدِ وَمَوْتِهَا وَتَرَحُّمِهِ عَلَيْهَا وَكَيْفَ أَرَاهُمْ مَوْضِعَ قَبْرِهَا ، فَكَذَّبَهُ الشَّيْطَانُ ، وَقَالَ : لَمْ يَصْدُقْكُمْ أَمْرَ أُخْتِكُمْ ، إِنَّهُ قَدْ أَحْبَلَ أُخْتَكُمْ وَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا فَذَبَحَهُ وَذَبَحَهَا مَعَهُ فَزَعًا مِنْكُمْ ، وَأَلْقَاهَا فِي حُفَيْرَةٍ احْتَفَرَهَا خَلْفَ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عَنْ يَمِينِ مَنْ دَخَلَهُ ، فَانْطَلِقُوا فَادْخُلُوا الْبَيْتَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عَنْ يَمِينِ مَنْ دَخَلَهُ ، فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَهُمَا كَمَا أَخْبَرْتُكُمْ هَنَاكَ جَمِيعًا ، وَأَتَى الأَوْسَطَ فِي مَنَامِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَتَى أَصْغَرَهُمْ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ أَصْبَحُوا مُتَعَجِّبِينَ مِمَّا رَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ عَجَبًا ، فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِمَا رَأَى ، فَقَالَ كَبِيرُهُمْ : هَذَا حُلُمٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، فَامْضُوا بِنَا وَدَعُوا هَذَا عَنْكُمْ ، قَالَ أَصْغَرُهُمْ : وَاللَّهِ لا أَمْضِي حَتَّى آتِيَ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ فَأَنْظُرَ فِيهِ ، قَالَ : فَانْطَلَقُوا جَمِيعًا حَتَّى أَتَوُا الْبَيْتَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ أُخْتُهُمْ ، فَفَتَحُوا الْبَابَ وَبَحَثُوا الْمَوْضِعَ الَّذِي وُصِفَ لَهُمْ فِي مَنَامِهِمْ ، فَوَجَدُوا أُخْتَهُمْ وَابْنَهَا مَذْبُوحَيْنِ فِي الْحُفَيْرَةِ ، كَمَا قِيلَ لَهُمْ فَسَأَلُوا عَنْهَا الْعَابِدَ فَصَدَّقَ قَوْلَ إِبْلِيسَ فِيمَا صَنَعَ بِهِمَا ، فَاسْتَعْدُوا عَلَيْهِ مَلِكَهُمْ ، فَأُنْزِلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَقُدِّمَ لِيُصْلَبَ ، فَلَمَّا أَوْثَقُوهُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ لَهُ : قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي أَنَا صَاحِبُكَ الَّذِي فَتَنْتُكَ بِالْمَرْأَةِ حَتَّى أَحْبَلْتَهَا وَذَبَحْتَهَا وَابْنَهَا ، فَإِنْ أَنْتَ أَطَعْتَنِي الْيَوْمَ وَكَفَرْتَ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَصَوَّرَكَ خَلَّصْتُكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ ، قَالَ : فَكَفَرَ الْعَابِدُ ، فَلَمَّا كَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى خَلَّى الشَّيْطَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَصَلَبُوهُ ، قَالَ : فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ سورة الحشر آية 16-16 " وَقَدْ تقدم ذكرها .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.