توبة ذي النون المصري


تفسير

رقم الحديث : 11

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي ، أنا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يُوسُفَ الأَصْفَهَانِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنُ الْبَغَوِيِّ ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ إِلا بَدْرًا ، وَلَمْ يُعَاتِبِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ ، إِنَّمَا خَرَجَ يُرِيدُ الْعِيرَ ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مُغَوِّثِينَ لِعِيرِهِمْ ، فَالْتَقَوْا عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَعَمْرِي إِنَّ أَشْرَفَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ لَبَدْرٌ ، وَمَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُهَا مَكَانَ بَيْعَتِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حَيْثُ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ ، ثُمَّ لَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ غَزَاةٍ غَزَاهَا وَآذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ ، وَذَلِكَ حِينَ طَابِتِ الظِّلالُ وَطَابَتِ الثِّمَارُ ، وَكَانَ قَلَّمَا أَرَادَ غَزْوَةً إِلا وَرَّى بِغَيْرِهَا ، وَكَانَ يَقُولُ : " الْحَرْبُ خَدْعَةٌ " إِلا غَزْوَةَ تَبُوكَ ، فَإِنَّهُ جَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَتَهُ ، وَأَنَا أَيْسَرُ مَا كُنْتُ ، قَدْ جَمَعْتُ رَاحِلَتَيْنِ ، وَأَنَا أَقْدَرُ شَيْءٍ فِي نَفْسِي عَلَى الْجِهَادِ ، وَخِفَّةِ الْحَاذِ ، وَأَنَا فِي ذَلِكَ أُصْغِي إِلَى الظِّلالِ ، وَطِيبِ الثِّمَارِ ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَادِيًا بِالْغَدَاةِ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسَ ، فَأَصْبَحَ غَادِيًا " فَقُلْتُ : أَنْطَلِقُ غَدًا إِلَى السُّوقِ ، فَأَشْتَرِي جَهَازِي ، ثُمَّ أَلْحَقُ بِهِمْ ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوقِ مِنَ الْغَدِ ، فَعَسُرَ عَلَيَّ بَعْضُ شَأْنِي ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ : أَرْجِعُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَأَلْحَقُ بِهِمْ ، فَعَسُرَ عَلَيَّ بَعْضُ شَأْنِي أَيْضًا ، فَقُلْتُ : أَرْجِعُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أُلْبِسَ بِي الذَّنْبُ ، وَتَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ ، وَأَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ ، فَيُحْزِنُنِي أَنِّي لا أَرَى أَحَدًا تَخَلَّفَ إِلا رَجُلا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ ، وَكَانَ لَيْسَ أَحَدٌ تَخَلَّفَ إِلا رَأَى أَنَّ ذَلِكَ سَيُخْفَى لَهُ ، وَكَانَ النَّاسُ كَثِيرًا لا يَجْمَعُهُمْ دِيوَانٌ ، وَكَانَ جَمِيعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ ، قَالَ : " مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ؟ " قَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي : خَلَّفَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : بِئْسَ مَا قُلْتَ ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا ، قَالَ : فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا هُمْ بِرَجُلٍ يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ " ، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ ، وَقَفَلَ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلْتُ أَتَذَكَّرُ بِمَاذَا أَخْرُجُ بِهِ مِنْ سَخَطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى إِذَا قِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مُصْبِحُكُمْ غَدًا بِالْغَدَاةِ ، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لا أَنْجُو إِلا بِالصِّدْقِ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَجَعَلَ يَأْتِيهِ مَنْ تَخَلَّفَ ، فَيَحْلِفُونَ لَهُ ، وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ ، فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ ، وَيَقْبَلُ عَلانِيَتَهُمْ ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ ؟ " فَقُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، قَالَ : " فَمَا خَلَّفَكَ ؟ " فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَوْ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِكَ جَلَسْتُ لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلَيَّ بِعُذْرٍ ، وَلَقَدْ أُوتِيتُ جَدَلًا ، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكَ الْيَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ وَهُوَ حَقٌّ ، فَإِنِّي أَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللَّهِ ، وَإِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثًا تَرْضَى عَنِّي فِيهِ وَهُوَ كَذِبٌ ، أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يُطْلِعَكَ عَلَيَّ ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ ، وَلا أَخَفَّ حَاذًا مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ ، قَالَ : " أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمُ الْحَدِيثَ ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ " ، فَقُمْتُ فَثَارَ عَلَى إِثْرِي أُنَاسٌ مِنْ قَوْمِي يُؤَنِّبُونَنِي ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَطُّ قَبْلَ هَذَا ، فَهَلا اعْتَذَرْتَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُذْرٍ يَرْضَى عَنْكَ فِيهِ ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم سَيَأْتِي مِنْ وَرَاءِ ذَنْبِكَ ، وَلَمْ تُقِفْ نَفْسَكَ مَوْقِفًا لا تَدْرِي مَاذَا يُقْضَى لَكَ فِيهِ ، فَلَمْ يَزَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي ، فَقُلْتُ : هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ غَيْرِي ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَهُ : هِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا ، لِي فِيهِمَا أُسْوَةٌ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي هَذَا أَبَدًا ، وَلا أُكَذِّبُ نَفْسِي ، قَالَ : وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ ، فَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ ، وَتَنَكَّرَ لَنَا النَّاسُ حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِينَ نَعْرِفُ ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الْحِيطَانُ حَتَّى مَا هِيَ بِالْحِيطَانِ الَّتِي نَعْرِفُ ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الأَرْضُ حَتَّى مَا هِيَ بِالأَرْضِ الَّتِي نَعْرِفُ ، وَكُنْتُ أَقْوَى أَصْحَابِي ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ ، وَأَطُوفُ فِي السُّوقِ ، وَآتِي الْمَسْجِدَ ، فَأَدْخُلُ وَآتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ ، فَأَقُولُ : هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالسَّلامِ إِذَا قُمْتُ أُصَلِّي إِلَى السَّارِيَةِ ، فَأَقْبَلْتُ قَبْلَ صَلاتِي نَظَرَ إِلَيَّ بِمُؤَخِّرِ عَيْنَيْهِ ، وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ أَعْرَضَ عَنِّي ، قَالَ : وَاسْتَكَانَ صَاحِبَايَ ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَلا يُطْلِعَانِ رُءُوسَهُمَا ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ فِي السُّوقِ إِذَا رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ جَاءَ بِطَعَامٍ لَهُ يَبِيعُهُ يَقُولُ : مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ ، فَأَتَانِي بِصَحِيفَةٍ مِنْ مَلِكٍ غَسَّانَ ، فَإِذَا فِيهَا : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنْ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَأَقْصَاكَ ، وَلَسْتَ بِدَارِ مَضْيَعَةٍ وَلا هَوَانٍ ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ . قَالَ : فَقُلْتُ : هَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ وَالشَّرِّ ، فَأَسْجَرْتُ لَهَا التَّنُّورَ وَأَحْرَقْتُهَا ، فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِذَا رَسُولٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَانِي ، فَقَالَ : اعْتَزِلِ امْرَأَتَكَ ، فَقُلْتُ : أُطَلِّقُهَا ؟ قَالَ : لا ، وَلَكِنْ لا تَقْرَبْهَا ، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ ، فَهَلْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أَخْدُمَهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ ، قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ لِشَيْءٍ ، مَا زَالَ مُكْتَئِبًا يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ . قَالَ كَعْبٌ : فَلَمَّا طَالَ عَلَيَّ الْبَلاءُ اقْتَحَمْتُ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ حَائِطَهُ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قُلْتُ أَيْضًا : يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتْعَلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ بَكَيْتُ ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ الْحَائِطَ خَارِجًا حَتَّى إِذَا مَضَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَنْ كَلامِنَا صَلَّيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا صَلاةَ الْفَجْرِ ، ثُمَّ جَلَسْتُ ، وَأَنَا فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي ، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ، إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذُرْوَةِ سَلْعٍ : أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَاءَ بِالْفَرَجِ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ فَرَسِهِ ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ أَعْطَيْتُهُ ثَوْبِي بِشَارَةً ، وَلَبِسْتُ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ . قَالَ : وَكَانَتْ تَوْبَتُنَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُلُثَ اللَّيْلِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَلا نُبَشِّرُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : " إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ ، وَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ " ، قَالَ : وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي تَحْزَنُ بِأَمْرِي ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ ، وَحَوْلَهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَهُوَ يَسْتَنِيرُ كَاسْتِنَارَةِ الْقَمَرِ ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ " . قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَمِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، أَمْ مِنْ عِنْدِكَ ؟ قَالَ : بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، ثَمَّ تَلا عَلَيْهِمْ : لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ حَتَّى بَلَغَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ سورة التوبة آية 177 - 118 . قَالَ : وَفِينَا نَزَلَتْ : اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ سورة التوبة آية 119 . قَالَ : فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لا أُحَدِّثَ إِلا صِدْقًا ، وَأَنْ أَتَخَلَّعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ، فَقَالَ : " أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " ، فَقُلْتُ : فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ ، قَالَ : فَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ نِعْمَةً بَعْدَ الإِسْلامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَقْتُهُ أَنَا ، وَصَاحِبَايَ أَنْ لا نَكُونَ كَذَبْنَاهُ ، فَهَلَكْنَا كَمَا هَلَكُوا ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ ابْتَلَى اللَّهُ أَحَدًا فِي الصِّدْقِ مِثْلَ الَّذِي ابْتَلانِي ، مَا تَعَمَّدْتُ لِكَذْبَةٍ بَعْدُ ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

ثقة

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

مَعْمَرٍ

ثقة ثبت فاضل

عَبْدُ الرَّزَّاقِ

ثقة حافظ

إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ

صدوق حسن الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنُ الْبَغَوِيِّ

مجهول الحال

مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يُوسُفَ الأَصْفَهَانِيُّ

مجهول الحال

أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ

ثقة مأمون

أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.