الرقة والبكاء لابن قدامة


تفسير

رقم الحديث : 14

قَالَ قَالَ الأُمَوِيُّ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاللَّهِ , مَا أَرَى عِنْدَكَ وَلا عِنْدَ بَنِي أَبِيكَ مَنَعَةً ، فَهَلْ أَنْتَ خَارِجٌ بِي إِلَى الْمَوْسِمِ فَتُعَرِّفُنِي قَبَائِلَ الْعَرَبِ ؟ " , قَالَ : فَرَكِبْتُ بِهِ ، فَأَتَيْتُ بِهِ الْمَوْسِمَ ، قَالَ : فَبَدَأَ بِهَذَا الْحَيِّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَعُونَةَ . قَالَ : " مَنِ الْقَوْمُ ؟ " , قَالُوا : كِنْدَةَ ، قَالَ : " فَهَلْ لَكُمْ فِي خَيْرٍ ؟ " , قَالُوا : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : " تَشْهَدُونَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَتُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " ، فَقَالُوا : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : " أَنَا رَسُولُ اللَّهِ " ، قَالُوا : لا حَاجَةَ لَنَا بِمَا جِئْتَنَا بِهِ ، بَدَأْتَ بِنَا لِتَصُدَّنَا عَنْ آلِهَتِنَا وَنُنَابِذُ النَّاسَ عَلَى سَوَاءٍ وَتَرْمِينَا الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ ؟ فَالْحَقْ بِقَوْمِكَ فَلا حَاجَةَ لَنَا بِمَا جِئْتَنَا بِهِ ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ ، فَلَحِقَ بِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، فَيَأْتِي بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ، فَقَالَ : " كَيْفَ الْعَدَدُ ؟ " , قَالُوا : مِثْلُ الْحَصَى ، قَالَ : " كَيْفَ الْمَنَعَةُ ؟ " , قَالُوا : لا نَمْنَعُ بَطْنَ تَلْعَةٍ ، جَاوَرْنَا قَوْمًا مِنَ الْفُرْسِ ، لا نُجِيرُ عَلَيْهِمْ ، وَلا نَمْنَعُ مِنْهُمْ . قَالَ : " فَلِلَّهِ عَلَيْكُمْ إِنْ أَبْقَاكُمُ اللَّهُ حَتَّى تَنْزِلُوا مَنَازِلَهُمْ ، وَتَنْكِحُوا نِسَاءَهُمْ ، وَتَسْتَعْبِدُوا أَبْنَاءَهُمْ ، أَنْ تُسَبِّحُوا اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَتُحَمِّدُوهُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَتُكَبِّرُوهُ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ " . قَالُوا : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : " أَنَا رَسُولُ اللَّهِ " . قَالَ : فَلَمَّا جَاوَزَهُمْ ، مَرَّ بِهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامِ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا الْحَكَمِ هَلْ تَعْرِفُ هَذَا الْمَوْلَى الَّذِي قَامَ مِنْ عِنْدِنَا آنِفًا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فِي الذُّرْوَةِ الْعُلْيَا مِنَّا ، فَعَنْ أَيِّ شَأْنِهِ تَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : قَالَ لَنَا كَذَا وَكَذَا . قَالَ : لا تَرْفَعُوا بِهِ رَأْسًا فَإِنَّهُ مَجْنُونٌ ، يَهْذِي مِنْ أُمِّ رَأْسِهِ . قَالُوا : قَدْ رَأَيْنَا وَاللَّهِ ذَلِكَ حِينَ ذَكَرَ لَنَا مِنْ أَمْرِ فَارِسٍ مَا ذَكَرَ . قَالَ : ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَأْتِي بَنِي عَامِرَ ، فَقَالَ : " مَنِ الْقَوْمُ ؟ " , قَالُوا : بَنُو قُشَيْرٍ . قَالَ : " كَيْفَ الْمَنَعَةُ ؟ " , قَالُوا : لا يُرَامُ مَا قَبْلَنَا وَلا يُصْطَلَى بِنَارِنَا . قَالَ : " فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ لِتَمْنَعُونِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّي ، وَلا أُكْرِهُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى شَيْءٍ " . قَالُوا : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : " أَنَا ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ " . قَالُوا : فَأَيْنَ قَوْمُكَ عَنْكَ ؟ قَالَ : " هُمْ أَوَّلُ مَنْ طَرَدَنِي وَكَذَّبَنِي " . قَالُوا : لَكِنَّا لا نُؤْمِنُ بِكَ وَلا نَطْرُدُكَ , وَسَنَمْنَعُكَ حَتَّى تُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّكَ . فَجَلَسَ ، فَأَتَاهُمْ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي أُنْكِرُهُ فِيكُمْ ؟ قَالُوا : هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيُّ ، زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : وَمَا لَكُمْ وَلَهُ ؟ , قَالُوا : أَتَانَا لِنَمْنَعَهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ . قَالَ : فَرَدَدْتُمْ عَلَيْهِ مَاذَا ؟ , قَالُوا : قُلْنَا فِي الرُّحْبِ وَالسَّعَةِ ، تَحَوَّلْ إِلَى بَلَدِنَا وَنَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا . قَالَ : فَمَا قَفَلَ أَحَدٌ مِمَّنْ هَهُنَا بِشَرٍّ مِمَّا قَفَلْتُمْ بِهِ ، تُرِيدُونَ أَنْ تُنَابِذُوا النَّاسَ عَلَى سَوَاءٍ وَتَرْمِيكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ ؟ فَقَوْمُهُ أَعْلَمُ بِهِ ، لَوْ أَنِسُوا مِنْهُ خَيْرًا كَانُوا أَسْعَدَ بِهِ ، فَأَلْحِقُوهُ بِقَوْمِهِ ، تَعْمِدُونَ إِلَى دَحِيقِ قَوْمٍ قَدْ نَفَاهُ قَوْمُهُ وَطَرَدُوهُ ، فَتُئْونَهُ وَتَنْصُرُونَهُ ؟ فَبِئْسَ الرَّأْيَ رَأَيْتُمْ ، ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُمْ فَالْحَقْ بِقَوْمِكَ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَرْكَبُ نَاقَتَهُ ، فَيَغْمِزُهَا بَيْحَرَةُ فِي خَاصِرَتِهَا بِعَنَزَةٍ مَعَهُ ، فَقَمَصَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَضُبَاعَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ قُرْطِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ هُنَاكَ ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا صَنَعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : يَا لَعَامِرٍ ! أَلا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفَرُ بِهِ وَلا أَسْتَطِيعُ لَهُ مَنَعَةً ؟ قَالَ : فَوَثَبَ ثَلاثَةٌ مِنْ بَنِي عَمِّهَا إِلَى ثَلاثَةٍ مِمَّنْ نُفِّرَ بِهِ ، فَصَرَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلا ، ثُمَّ عَلِقُوا وُجُوهَهُمْ لَطْمًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى هَؤُلاءِ ، وَالْعَنْ هَؤُلاءِ " ، فَالْمَلْعُونُونَ : بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ ، وَحِرْزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ ، وَأَبُو حَرْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَحَدُ بَنِي عَقِيلٍ : مَاتُوا كُلُّهُمْ لَعْنًا ، وَأَمَّا الَّذِينَ نَصَرُوهُ : فَغُطَيْفٍ ، وَغَطْفَانُ ابْنَا سُهَيْلٍ ، وَعُرْوَةُ ، أَوْ عَزْرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ : مَاتُوا كُلُّهُمْ شُهَدَاءَ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ : وَفَشَا الإِسْلامُ ، وَاتَّبَعَهُ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ ، عَلَى خَوْفٍ مِنْ قَوْمِهِمْ ، يَسْمَعُونَ الأَذَى ، وَيُسْتَهْزَأُ بِهِمْ فِي كُلِّ نَادٍ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَرَّضُ لِلْعَرَبِ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ ، يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَيَسْتَنْصِرُهُمْ لِيَمْنَعُوا لَهُ ظَهْرَهُ ، حَتَّى يُنَفِّذَ عَنِ اللَّهِ مَا بَعَثَهُ بِهِ . وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادِ الدُّؤَلِيِّ ، قَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَذْكُرُهُ يَطُوفُ عَلَى الْمَنَازِلِ بِمِنًى ، وَأَنَا مَعَ أَبِي غُلامٌ شَابٌّ ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، أَحْوَلُ ، ذُو غَدِيرَتَيْنِ ، كُلَّمَا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ ، فَقَالَ : " إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، قَالَ : فَيَقُولُ الَّذِي خَلْفَهُ : إِنَّ هَذَا الَّذِي يَدْعُوكُمْ إِلَى أَنْ تُفَارِقُوا دِينَكُمْ ، وَأَنْ تَسْلُخُوا مِنْ أَعْنَاقِكُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى ، وَحُلَفَاءَكُمْ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ أُقَيْشٍ ، إِلَى مَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ . فَقُلْتُ لأَبِي : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

أَبِي صَالِحٍ

ثقة ثبت

مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ

متهم بالكذب

أَبِي

ثقة

الأُمَوِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.